مدينة “أفيس” … حضارة يونانية على الأراضي التركية
مدينة "أفيس" ... حضارة يونانية على الأراضي التركية
(تركيا بالعربي – ترك برس)
الكثير من المناطق التاريخية والأثرية التي نشهدها اليوم، لم تبق على عهدها القديم، لما مرت به من استعمار واستيلاء وتغيير الأمم والشعوب الذين أقاموا بها، ولم يصل لوقتنا الحاضر إلا بقاياها، لتكون دليل على وجودها، وتراها الأجيال المختلفة على مر العصور.
هنا بقايا مدينة “أفيس (Efes)”، وهي كلمة يونانية تعني (المرغوبة)، التي أسستها روما في عصر الدولة اليونانية، وتعد من أعظم المدن الإغريقية القديمة، تقع في مدينة “ليديا (Lydia)” في غرب الأناضول عند نهر “كيستر” الذي يصب في بحر ايجة، ويبلغ عدد سكانها 255000، وذلك قبل الميلاد.
وهي عاصمة المقاطعة الرومانية آسيا على الشاطئ الأيسر من نهر “كيستر” وعلى مساحة ثلاثة أميال من البحر، اتجاه جزيرة “ساموس”، ويعد وادي “كيستر” هو المدخل الطبيعي إلى آسيا الصغرى، حيث كانت تقع المدينة على ارض منخفضة، وقد أغرقت بالكامل بمياه البحر، وسميت باسم (أول وأعظم عاصمة لآسيا).
كانوا يعتقدون قديما أن مدينة”أفيس” هي نفسها المدينة “أباسا”، التي تم ذكرها من مصادر الحيثيين، على أنها عاصمة مملكة “ارزاوا” حيث تم إيجاد مصنع فخار عند التنقيب في هذا الموقع، بالإضافة إلى وجود معبد “ارطاميس” وهو اكبر بناء في العالم القديم، وابرز معالم مدينة “أفيس”، واحد عجائب الدنيا السبع، ولذلك فهو المفضل لدى السياح، ولم يتبق منه في وقتنا الحاضر إلا عمود واحد، حيث تم إزالة معظم أجزاء المعبد على يد البريطانيين، وتوجد بقايا الأعمال الفنية للمعبد في المتحف البريطاني.
وتضم المدينة منزل القديسة العذراء مريم” الأم العذراء”، يبعد بينها 7 كيلو متر من مدينة “سلكك” الذي يعتقد انه بأنه آخر منزل سكنته مريم العذراء، وهو الآن مكان للحج عند المسيحيين.
فاستخدمها بولس كقاعدة له، وكان يجادل الحرفيين الذين كانوا في معبد “ارطاميس”.
كتب الرسول بولس رسالة “كورنثوس” الأولى من “أفيس” ويذكر أن المبشر يوحنا عاش في آسيا الصغرى في أواخر عقود القرن الأول، ومن “أفيس” قاد الكنيسة، وبعد موت “دومشون” عاد إلى المدينة في عهد “تراجان” وقد مات في سنة مئة بعد الميلاد.
وتتميز المدينة بمكتبتها الكبيرة مكتبة”سيلسس”، التي تم بناؤها سنة 125 قبل الميلاد، وتضمنت اثنا عشر ألف مخطوطة، وقد بنيت مقابل جهة الشرق، حتى يتوفر الضوء الكافي لغرف القراءة، ووجود مسرحها الدرامي المفتوح على السماء، والذي يسع 25000 شخص، أعطى المدينة أهمية دينية وسياحية وأثرية، ليجعلها أكثر منطقة جذبا للسياح.
وقد تعرضت المدينة لاحتلال القوطيون في سنة 263، لكنها بقية الأهم في عهد البيزنطيين وتعرضت أيضا لتدمير ثان على يد العرب، في سنة 716، مما أدى إلى حدوث تدهور في المدينة، وتم هجرها بعد أن امتلأ الميناء بغرين (طمى) البحر مما أدى إلى إلغاء اتصال المدينة ببحر ايجة، وأعاد البيزنطيون السيطرة عليها في سنة 1100، حتى نهاية القرن الثالث عشر، بعد فترة مزدهرة في ظل الحكم الجديد، وتم هجرها كليا في القرن الخامس عشر.
والجدير بالذكر أن المدينة هي أول من استخدم العملة، واخترعوا التداول النقدي وصاغوا الدراهم والدنانير الليدية.
وفي الوقت الحاضر، تعمل الحكومة التركية على مشروع افتتاح قناة مائية بين المدينة والبحر، لنقل السياح بواسطة قوارب صغيرة إلى المدينة، وسيتم صيانة ميناء “أفيس” البحري بصورة أفضل مما كان عليه.