ما تود معرفته عن “أسكي شهير” مدينة الجمال والذهب الابيض
ما تود معرفته عن "أسكي شهير" مدينة الجمال والذهب الابيض
(تركيا بالعربي – ترك برس)
ولاء خضير
تتنوع تركيا بمدنها وقراها وسواحلها، ومما لا شك فيه أن روعتها تدفعك برغبة لزيارة كل شبر فيها، لما بها من جمال وطبيعة وأماكن ومدن سياحية جمة. حيث الأسواق، والمنتجعات والمغامرات، والتجديف، والغوص، والطيران الشراعي، والخيول، وأكثر من ذلك، وإن أحببت تركيا، لا بد أن تكمل رحتلك هذه المرة إلى مدينة الجمال، مدينة “اسكي شهير” (Eski Şehir).
تتوسط مدينة اسكي شهير منطقة الأناضول في الشمال الغربي لتركيا، وتبعد عن العاصمة أنقرة حوالي 233 كم، بنيت في زمن الإغريق على شواطئ نهر بورسيك في الألفيه الأولى قبل الميلاد، بحيث تلقب بالمدينة القديمة، وتعتبر من أهم تقاطعات الطرق في تركيا، وهي مشهورة بمياهها الحارة التي تشفي كثيرًا من الأمراض.
وتشتهر أيضا بكثرة الحلويات مثل حلوى المت، والنوجا، وفطيرالهشهاش، ومياه الكلاباك، وتشببورك (قطايف)، وعلاوة علي ذلك يُنظم كل عام المهرجان القومي لاسكي شهير، وتقام فيه المعارض الغذائية المنوعة، والحفلات الغنائية، والمسرحيات، وغيرها.
و تشتهر اسكي شهير بالتلال الخصبة، والينابيع الساخنة التي ياتي اليها السياح للاستجمام والعلاج، ويذكر أن اسكي شهير تحظى بأهمية كبيرة في تركيا بسبب الحيوان أو الكلب المعروف “بالأك باش”، أي ذو الرأس الأبيض، وهو كلب لونه أبيض بالكامل، ويوجد في اسكي شهير فقط، ويُعتقد أنه وصل إلى تركيا في القرن الثالث عشر بعد استيلاء المغول عليها.
وتعتبر اسكي شهير مركزا ثقافيا خرج منها العديد من الشعراء والكتاب الأتراك، لما تبعث به شواهدها على الطمأنينة والسكينة والأبداع، ومعروفة أيضا باسم المدينة الجامعية، أو مدينة الطلاب، حيث يوجد بها جامعة عثمان غازي، وجامعة الأناضول التي تحوي عددًا ضخمًا من الطلبة.
كما يستخرج في اسكي شهير نوعٌ من الأحجار يسمي حجر “الاسبيوليت”، والذي يستخدم في صناعة المنحوتات، والحلي، وغيرها، وتطلق عليه عدة أسماء منها”الذهب الأبيض”، و”زبد البحر”، و”حجر الخلد”.
وأجمل منتوجات هذا الحجر وأكثرها جودة تصنع في “ألبو” بولاية اسكي شهير، وتضاهي ما يستخرج في كل من الولايات المتحدة الأمريكية، واليونان، وجمهورية التشيك وفرنسا وإسبانيا والمغرب.
ويقوم القرويون باسكي شهير بحفر آبار عمودية من عمق 40 إلى 330 مترا في باطن الأرض، للوصول إلى أماكن “الاسبيولييت”، ومن ثم يستخرجونه بشكل يدوي دون استخدام آلات.
ويمر الحجر بعدة مراحل تصنيع قبل أن يتحول إلى قطعة فنية، بداية يتم تهذيب الحجر الذي يكون غير منتظم الأطراف، ويحدد شكله وحجمه، وطبيعة القطعة الفنية التي سيتحول إليها بحيث يحتاج ذلك مهارة خاصة، وتعرض في الأسواق لبيعها، وتشهد إقبالا من الأتراك والسياح الذين يرغبون باقتناء مثل هذه القطع الفنية، بحيث تبدأ بسعر 5 ليرات تركية، وتصل إلى آلاف الليرات.
وتتميز اسكي شهير بانتشار مزارع تربية الخيول العربية الأصيلة، وقد عرفت هذه المدينة الخيول منذ القرن التاسع عشر، حينما خصص السلطان العثماني محمود الثاني مزرعة سلطانية لتربيتها خدمةُ للقصر وجنود السلطنة العثمانية، التي كانت تقود حروب الفتوحات، وتحارب دول الاستعمار.
واستمر من حينها حتى الآن جلب الخيول العربية الأصيلة من سوريا والعراق والمنطقة العربية، بحيث يساعد المناخ المعتدل في مدينة اسكي اشهير على تربية الخيول بهذه المنطقة، والتي تتناسب مع طقسها.
ويهتم الأتراك بهذه الخيول اهتماما خاصا، حيث يزرعون تحت جلد رقبة الحصان شريحة خاصة، تحمل معلومات عن الحصان مثل رقمه، وشجرة عائلته، وحتى ملاكُهُ السابقون، وأين تربى، وأين عاش، مما يسهل على ملاك الخيول معرفة أفضلها، وتكثير نسلها، بحيث تُفصل الذكور عن الإناث بمزراع خاصة تمنع اختلاطها، وتحافظ على عرقها الأصيل.
وسبق أن أشار الرئيس التركي رجب طيب أرودغان إلى أهمية الخيول في الثقافة والتاريخ التركي، في إطار فعاليات معرض الخيول العربية بالعاصمة أنقرة، حينها كشف أن أمير قطر، تميم بن حمد، أرسل هدية مكونة من 53 من الخيول العربية الأصيلة، وموضحا أن الخيول القادمة من قطر وصلت إلى تركيا، وتخضع للكشف البيطري في مدينة أسكي شهير، وأن من المقرر أن يتم إرسال الخيول إلى الاسطبلات المخصصة لها عقب انتهاء الكشف البيطري.
ويفضل الخيل العربي على غيره من الخيول في اسكي شهير كونه يحمل صفات معينة، منها الصبر، والذكاء، وقوة التحمل، والوفاء، والخصوبة، وسرعة الجري.
وتعتبر قرية المحمودية في اسكي شهير من أبرز أماكن تربية الخيول العربية في تركيا بحوالي 80 مزرعة، و4000 رأس خيل عربي.