بعيون أردنية.. هكذا يستنهض “أرطغرل” معاني الشجاعة في نفوس المسلمين
أشار تقرير في صحيفة الغد الأردنية، إلى أن مسلسل “قيامة أرطغرل” استطاع أن يحقق نسبة مشاهدات عالية على امتداد العالم، ويؤسس لدراما تاريخية قلما تجد عجلات إنتاج حديثة تأخذ المشاهد إلى تفاصيل حياتية واجتماعية ودينية كتلك التي حكمت منطق خيمة سليمان شاه والد أرطغرل، وحققت قبل عقودٍ سلسلة من الفتوحات الإسلامية التي ذاع صيتها.
وعلى مدى أربعة مواسم، يتناول العمل التاريخي الإسلامي حياة أرطغرل بن سليمان شاه، والد عثمان خان مؤسس الدولة العثمانية، وكيف تولى قيادة قبيلة قايي من أتراك الأوغوز المسلمين، وحملت شخصيته جميع العناصر والسمات لتكوين دولة جديدة، حملت على عاتقها راية الفتوحات الإسلامية في فترة عانى فيها العالم الإسلامي حالة من الشتات والضعف.
وانطلق تصوير المسلسل في أيار (مايو) 2014 ويواصل تصويره الآن للموسم الرابع؛ حيث كان محملا بكثير من المعاني والرسائل التي تدرجت في تقديمها للمشاهد، وكيف كانت القبائل التركية آنذاك تسير على نهج الدين الإسلامي المتسامح وتقدم أبطالا حقيقيين يحملون راية الجهاد.
ويصور “قيامة أرطغرل” في البداية كيفية وصول قبائل التركمان إلى الأناضول في فترة حكم سلاجقة الروم للمنطقة، كما وتدور أحداثه في القرن الثالث عشر، ويجسّد حالة الصراعات بين الإمبراطوريات في المنطقة وعلى رأسها المغول والصليبيون.
واعتبرت “الغد” أن الدراما التاريخية التركية دخلت البيوت الأردنية بـ”قيامة أرطغرل”، كما بيوت أخرى على امتداد مساحة العالم، وحبست حلقاتها أنفاس المتابعين، مشدودين بكثير من الحب والعزة بكيفية اقتصاص أرطغرل من كثيرين لاذوا في ساحات الفتنة لا المعركة، ليتحصّنوا ومصالِحهم وأطماعهم بهدف تولي سدة السلطة والسيادة غير آبهين لما يدوسونه من أعراف “الأوغوز”، الذين ظل نسلهم عصيا على تلك المحن وخرج أبيض ناصع الجبين.
ويُضيف التقرير أ رايات النصر رفرفت في قلوب المشاهدين في بعض الحلقات؛ إذ نجح مخرج العمل في نقل حقيقة الصراع الدائر بين الإسلام وأعدائه في تلك الفترة؛ حيث عكست مضامين المشاهد معاني البطولة والنضال والكفاح التي انتهجها أرطغرل في مشواره النضالي، تواكبها جنبا الى جنب معاني العدالة والرحمة والصبر مع التقوى والتضحية بالروح من أجل إعلاء شأن أمة انتصرت وأسست دولة مترامية الأطراف في خضم الصراع الإسلامي الصليبي والمغولي.
ومن خلال شخصية أرطغرل التي يجسدها الممثل التركي إنجين ألتان دوزياتان، ظهرت عقيدة المسلم الصحيحة القائمة على الحب والتسامح والحوار مع الآخر وتقبله، وكيف أنه لم يستسلم أو يضعف يوما من كثرة الخيانات والفتن التي تلف حوله، وغلب عليه الصبر واليقين بالنصر.
بحسب الصحيفة الأردنية، فإن “قيامة أرطغرل” الذي يتواصل حاليا تصوير الموسم الرابع وأوجد له مساحة مشاهدة منقطعة النظير على قنوات فضائية عدة، شد شرائح متنوعة من بينها نسبة عالية من الأطفال رغم دموية الكثير من المشاهد، كونه يلامس أوجاع الأمة الإسلامية حاليا، وحلمها في إيجاد أبطال يقتلعون جذور الفساد وينتصرون للحق بعدالة كحد السيف تعلم معنى الشموخ رغم كل الظروف معتمة الصورة، ورغم قتامة طيف المستقبل.
كيف أسس سليمان شاه لدولة مترامية الأطراف، هو ما يتعلمه المشاهد من تلك الخيمة التي جمعت تحت أعمدتها أربعة من الأشقاء هم؛ سونغور تكيِن والثاني غُوندود يليه أرطغرل والأصغر ديندار؛ حيث كان لكل واحد منهم صولات وجولات لمحاربة فئات الضلال.
جمع هؤلاء الأخوة كلمة التوحيد وكتاب الله القرآن الكريم، وشجاعة الأب سليمان وإيمانه الذي لم يحد عن الحق طيلة حياته، وظل محاربا من أجل دينه ورفع راية قبيلة “القايي” التركية، كما وجمع هؤلاء الأخوة سر حليب الأم هَايماه التي كانت ترضعهم معاني البطولة والشجاعة والنضال وحب المحاولة وعدم الاستسلام أو اليأس.
المسلسل يصور كيف قاد فكر أرطغرل قبيلته إلى سدة الحكم وكيف استطاع بحكمته وحنكته السياسية وإيمانه بالرسالة التي يحملها أن يوجد لقبيلة رعوية وطنا وأن يجعل لها شأنا مع وجود أعداء لا ينامون يوجهون إليه سهامهم من كل جهة.
لم يركن أرطغرل للحلم فقط بدون العمل والتخطيط والمواجهة والتضحية مع مجموعة من محاربيه الذين زرعوا راية “الأغوز” على حدود بيزنطة آنذاك وظل صيتهم ذائعا حتى الآن وقبورهم ما تزال مزارا لكل الأتراك في الوقت الراهن.
وفي كل موسم من مواسم “قيامة أرطغرل” يكون المتلقي مع سلسلة من الأحداث والمحن التي كانت تلف تلك الخيمة في مشوار سيادتها لقبيلة “القايي”، وكيف كان أرطغرل يحل كل حدث ويفكك ألغاز كل فتنة ويقتص ممن حاكوها في الظلام بهدف اغتيال الحق والإسلام.
وفي نهاية كل حادثة، يقف أرطغرل شامخا بعدالته وتسامحه ونصرة المستضعفين في تلك الفترة مجبولا بالقوة والرحمة، ولم يمنح الفرصة للغازين أن يفقدوا قبيلته معاني الأخوة والاتحاد والأمان.
ولم ينأَ المسلسل جانبا عن دور المرأة الرديف للرجل في حركة النضال، وتجسد ذلك في صلابة الأم هَايماه وحكمتها ومواقف زوجة أرطغرل السلطانة حليمة؛ حيث صور العمل خشونة المرأة التركية وعنفوانها في الحرب، حيث تقف وبيدها سيف مدافعة عن شرف خيمتها وعزة دولتها.
ومما يضفي مزيدا من المتعة على العمل التاريخي ويزيد من رصيد مخرج المسلسل متين غوناي، ملامسته للحياة الاجتماعية للقبائل التركية آنذاك وأعرافهم وتصوير تفاصيلها الدقيقة من حيث العادات والتقاليد في طقوس مختلفة مثل الأفراح والأتراح وغيرها، إلى جانب تسليط الضوء على واقعهم المعيشي؛ حيث كانوا يسعون وراء العشب والماء من أجل مواشيهم التي يعتاشون منها، إلى جانب عمل النسوة في صناعة السجاد التركي وتجسيد مفردات تلك الحرفة.
المسلسل الذي جاء كرد “فني” على مسلسل “حريم السلطان”، والمدعوم من حزب أردوغان، خضع ممثّلوه لدورات في تأهيل ركوب الخيل ورماية السهام واستخدام السيف بشكل منتظم على مدار شهور، كما أن الموسيقى التصويرية له كانت ألحانها مؤثرة وقوية جدا وحملت الطابع التركي.
إلى جانب ذلك، يستنهض “قيامة أرطغرل” في نفوس الأمة الإسلامية معاني الشجاعة، ويؤكد أن طريق النصر محفوفة دوما بالمخاطر، التي تجهض بالتصميم والإيمان، كما ويرسخ في الأذهان مفردات تعيد مجددا ألق صورة البطل.
ويذكر أن تصوير المسلسل كان في قرية ريفا التركية على البحر الأسود، وهي قرية في منطقة بيكوز بإسطنبول، تركيا، وأقيمت في القرية مزرعة خاصة للخيول المستخدمة في تصوير المسلسل وعددها 25 جواداً يشرف عليها طبيب بيطري، كما توجد حيوانات أخرى تحت الرعاية مثل الأغنام، والماعز، وطيور العندليب والحجل لأغراض التصوير. أما الموسم الثالث فتم تصوير حلقاته في منطقة نوشهر بإقليم كَبادوكيا في تركيا.
ترك برس