شراب أرجيفيت الأصلي لزيادة طول الأطفال

في مئوية عبد الحميد الثاني…شهادات لمن عزل السلطان

د.محمد عبد الرحمن عريف - تركيا بوست

ستايل تورك | أرخص أسعار للمنتجات التركية في العالم

تركيا بالعربي: بينما عاش اليهود في الدولة العثمانية أربعة قرون ونصف القرن، ينعمون بالأمن، الذي افتقر إليه أقرانهم في أوروبا المسيحية، على الرغم من وجود حركات تحررية ظهرت في الدولة العثمانية في القرن السابع عشر، قام بها اليهود ترمي إلى إنشاء وطن لهم في فلسطين، ودعوة بني جلدتهم لإقامة الهيكل هناك. مع ذلك لم يواجهوا أي نوع من العداء من قبل سلاطين آل عثمان، حتى في عهد السلطان عبد الحميد الثاني، الذي اشتدت فيه المعارضة ضده، التي أشعل اليهود نارها .حيث كشفت قرارات مؤتمر برلين عن ضعف الدولة العثمانية، فاستغلت الكيانات السياسية والقومية هذا الضعف، وقامت بانتفاضات على الحكم المركزي بهدف الحصول على الاستقلال الكامل، ودعمتها أوروبا في سبيل تحقيق ذلك، وهكذا توالت الأزمات السياسية في وجه السلطان عبد الحميد الثاني بعد الحرب العثمانية الروسية ومؤتمر برلين. إنضمت تونس ومصر والسودان إلى قائمة الأقاليم التي فقدتها الدولة العثمانية لصالح أوروبا في عهد عبد الحميد الثاني.

في محاولة عرض لهذه الأجواء حيث انطلق الجنود القادمين إلى إسطنبول من الجيش الثالث وهتفوا “نطالب بالشريعة” وأعلنوا التمرد وهذا كله بغياب الضباط وبرئاسة عرفاء، وطالبوا أمام جامعي آيا صوفيا والسلطان أحمد بعزل الصدر الأعظم حسين حلمي باشا ورئيس مجلس المبعوثان “أحمد رضا بك” ونفي الاتحاديين وانضم لهم حشود من أصناف الشعب وخاصةً الحمالين. يظهر أن هدف هذه المؤامرة هو كبح جماح جمعية الاتحاد والترقي ونصرة السُلطان عبد الحميد والشريعة كما يهتفون. قاموا بقتل وزير العدل “ناظم باشا” ظانين أنه “أحمد رضا بك” وقتلو “الأمير شكيب أرسلان” أحد المبعوثين ظانين أنه الصحفي “حسين جاهد”.

وسط هذه الأحداث قام السلطان عبد الحميد باستدعاء قائد الفرقة الثانية وأمره بإخماد التمرد لكنه رفض قائلاً أنه ينتظر الأمر من قائد الجيش. أنضم في الفترة إلى حركة التمرد معارضي جمعية الاتحاد والترقي وبعض علماء الدين، وساقت جمعية الاتحاد والترقي جيشًا سمي “بجيش الحركة” من مدينة سالونيك إلى العاصمة إسطنبول وكان يقال أن هدفه الأساسي “نجدة السلطان” تحت قيادة “محمود شوكت باشا”، وطلب قائد الجيش الأول “ناظم باشا” من السُلطان التدخل لردعه، لكنه رفض قائلاً بأنهم مسلمون مثلكم، دخل “جيش الحركة” إلى إسطنبول في 25 ابريل/نيسان، وسيطر عليها وأعلن الطوارئ وأعدم الآلاف ونهب قصر يلدز مقر السلطان. 27 ابريل/نيسان 1909 دعا “محمود شوكت باشا” مجلسي النواب والأعيان لمجلس مشترك سُمي “بالمجلس الوطني المشترك” واستصدروا فتوى بخلعه بالضغط على شيخ الإسلام، وقيل أنه رفض وحصلوا على توقيع أحد العلماء الآخرين، وقيل أنهم عرضوا على “أمين الفتوى” الحاج نوري أفندي إلا أنه رفض. واتهم السلطان عبد الحميد الثاني بعدة تهم، تدبير “واقعة 31 مارت”، وبالإسراف، وبالظلم وسفك الدماء، وتحريق المصاحف والكتب الدينية، انكر جل المؤرخون هذه التهم التي وجهت للسلطان.

اقرأ أيضًا:   إلغاء الخلافة.. رسالة أتاتورك إلى آخر السلاطين العثمانيين

استدعى المجلس الصدر الأعظم “توفيق باشا” ليبلغ السلطان بقرار الخلع إلا أنه رفض، فكلفوا وفداً من أربعة أشخاص هم: “عارف حكمت باشا” و”آرام الأرمني” و”أسعد طوطاني” و”قره صو عمانوئيل اليهودي”، وقرأ الوفد الفتوى على الخليفة. ونصب محمد الخامس أخ عبد الحميد الأصغر محله. ونفي إلى مدينة سالونيك مع مرافقيه وعائلته عبر القطار، ولم يُسمح لأحد منهم باخذ حاجياته وصودرت كل أراضيه وأمواله، وبقى في قصر “ألاتيني” تحت الحراسة المشددة.

جاء الدور اليهودي في عزل السلطان عبدالحميد واضحًا، فكان السلطان عبدالحميد الثاني شديد الحذر من جمعية الاتحاد والترقي المدعومة باليهود والمحافل الماسونية، والدول الغربية واستطاع جهاز مخابرات السلطان عبدالحميد أن يتعرف على هذه الحركة ويجمع المعلومات عنها، إلا أن هذه الحركة كانت قوية، وقد جاءت مراقبة عبدالحميد لأعضاء هذه الحركة في وقت متأخر، حيث دفعوا الأهالي الى مظاهرات صاخبة في سلانيك ومناستر واسكوب وسوسن مطالبين بإعادة الدستور، بالإضافة الى أن المتظاهرين هددوا بالزحف على القسطنطينية. الأمر الذي أدى بالسلطان الى الرضوخ على مطالب المتظاهرين حيث قام بإعلان الدستور وإحياء البرلمان وذلك في 24 يوليو/تموز 1908م، وكانت هناك عدة أسباب جعلت من جميعة الاتحاد والترقي أن تبقي السلطان عبدالحميد الثاني في تلك الفترة على العرش منها، أنه لم تكن في حوزة الاتحاد والترقي القوة الكافية بعزله في عام 1908م. اتباع عبدالحميد الثاني سياسة المرونة معهم، وذلك بتنفيذ رغباتهم بإعادة الدستور. ولاء العثمانيين لشخص السلطان عبدالحميد. وهذه النقطة واضحة، حيث أن لجنة الاتحاد والترقي لم تكن لها الجرأة الكافية على نشر دعايتها ضد السلطان عبدالحميد الثاني بين الجنود، لأن هؤلاء كانوا يبجلون السلطان.

الواقع أن الصهيونية العالمية لم تقتصر على الانقلاب الدستوري لعام 1908م، بل تعاونت مع جمعية الاتحاد والترقي لتحقيق مكاسب أخرى في فلسطين ، وعليه كان لابد من التخلص من السلطان عبدالحميد الثاني نهائيًا ولذلك دبرت أحداث في 31 أبريل/نيسان1909م في استانبول وترتب على أثرها، اضطراب كبير قتل فيه بعض عسكر جمعية الاتحاد والترقي، عرف الحادث في التاريخ باسم حادث 31مارت. وقد حدث هذا الاضطراب الكبير في العاصمة بتخطيط أوروبي يهودي، مع رجال الاتحاد الترقي وتحرك على أثره عسكر الاتحاد والترقي من سلانيك ودخل استانبول، وبهذا تم عزل خليفة المسلمين السلطان عبدالحميد الثاني من كل سلطاته المدنية والدينية. ولم لا يغيب عن بال الانقلابيين الضغط على مفتي الاسلام محمد ضياء الدين بإصدار فتوى الخلع ففي يوم الثلاثاء السابع والعشرين من شهر أبريل/نيسان عام 1909م اجتمع 240 عضواً من مجلس الأعيان في جلسة مشتركة وقرروا بالاتفاق خلع السلطان عبدالحميد الثاني وكتب مسودة الفتوى الشيخ نائب حمدي افندي المالي لكن أمين الفتوى نوري أفندي الذي دعى للاجتماع رفض هذه المسودة وهدد بالاستقالة من منصبه ان لم يجر تعديل عليها وأيده في التعديل عدد من انصاره من النواب فعدل القسم الأخير على أن يقرر مجلس المبعوثان عرض التنازل عن العرش أو خلعه.

اقرأ أيضًا:   الصفعة من الكونغرس والهجوم على تركيا

قرأت هذه الفتوى في الاجتماع المشترك للمجلس الملي فصرخ النواب الاتحاديون نريد خلعه وبعد مداولات تم الموافقة على خلع السلطان عبدالحميد الثاني. وبتكليف من جمعية الاتحاد والترقي تم تكوين لجنة لإبلاغ خليفة المسلمين وسلطان الدولة العثمانية عبدالحميد الثاني بقرار خلعه. وكانت هذه اللجنة تتألف من: إيمانويل قراصو: وهو يهودي أسباني. كان من أوائل المشتركين في حركة تركيا الفتاة وكان مسؤلاً أمام جميعة الاتحاد والترقي عن إثارة الشغب وتحريضه ضد السلطان عبدالحميد الثاني وتأمين التخابر بين سلانيك واستانبول فيما يتعلق بالاتصالات الحركة. آرام: وهو أرمني عضو في مجلس الأعيان العثماني. أسعد طوبطاني: وهو ألباني، نائب في مجلس المبعوثان عن منطقة دراج. عارف حكمت: وهو فريق بحري وعضو مجلس الأعيان، وهو كرجبي العراق.

يروي السلطان عبدالحميد في مذكراته تفاصيل هذه الحادثة فيقول. إن ما يحزنني ليس الابعاد عن السلطة، ولكنها المعاملة غير المحترمة التي ألقاها بعد كلمات أسعد باشا هذه والتي خرجت عن كل حدود الأدب، حيث قلت لهم: إنني أنحني للشريعة ولقرار مجلس المبعوثان ذلك تقدير العزيز العليم، سوى إني أؤكد بأنه لم يكن لي أدنى علاقة لا من بعيد ولا من قريب بالاحداث التي تفجرت في 31 مارت ثم أردف قائلًا: (إن المسؤولية التي تحملتموها ثقيلة جدًا). ثم أشار السلطان عبدالحميد الى قرصو قائلًا (ما هو عمل هذا اليهودي في مقام الخلافة؟. وبأي قصد جئتم بهذا الرجل أمامي؟). لقد اعتبر اليهود والماسونيون هذا اليوم عيدًا لهم، وابتهجوا به وساروا بمظاهرة كبيرة في مدينة سلانيك، ولم يكتف الماسونيون بذلك بل طبعوا صورة هذه المظاهرات في بطاقات بريدية لتباع في أسواق تركيا العثمانية ولمدة طويلة.

لقد كان الاتحاديون يفتخرون دائمًا بأنهم ماسونيون، وقد أدلى رفيق مانياسي زادة بتصريحات الى صحيفة تمبس والفرنسية في باريس عقب نجاح انقلاب حركة الاتحاد والترقي، حيث جاء فيها: (لقد كانت للمساعدات المالية والمعنوية التي تلقيناها من الجمعية الماسونية الايطالية التي أمدتنا بالعون العظيم نظراً لارتباطنا الوثيق بها). وفي مقال نشرت في جريدة (بويوك ضوغو) التركية في 2مايو/أيار1947م العدد61 يقول (محرم فوزي طوغاي) تحت عنوان (فلسطين والمسألة اليهودية) الآتي (منع السلطان عبدالحميد تحقيق هدف إنشاء دولة يهودية في فلسطين، وكلف هذا لمنع السلطان عبدالحميد غالياً وأودى بعرشه، وأدى هذا فيما بعد الى انهيار الدولة العثمانية كلها). رغم أنه كان يدرك -كما قال نظام الدين لبه دنلي أوغلو- في دراسته عن دور اليهود في هدم الدولة العثماينة أن (اليهود يمتلكون قوى كثيرة تستطيع النجاح في العمل المنظم، فالمال كان عندهم والعلاقات التجارية الدولية كانت في أيديهم. كما كانوا يمتلكون الصحافة الأوروبية والمحافل الماسونية).

اقرأ أيضًا:   الراهب الأمريكي المعتقل بتركيا.. رجل بمليارات الدولارات

بعض أقطاب حركة الاتحاد والترقي اكتشفوا فيما بعد أنهم قد وقعوا تحت تأثير الماسونية والصهيونية، فهذا أنور باشا الذي لعب دوراً مهماً في إنقلاب عام1908م، يقول في حديث له مع جمال باشا أحد أركان جميعة الاتحاد والترقي أتعرف يا جمال ماهو ذنبنا؟ وبعد تحسر عميق قال: (نحن لم نعرف السلطان عبدالحميد، فأصبحنا آلة بيد الصهيونية، واستثمرتنا الماسونية العالمية، نحن بذلنا جهودنا للصهيونية فهذا ذنبنا الحقيقي). وفي هذا المعنى، يقول أيوب صبري قائد الاتحاديين العسكريين (لقد وقعنا في شرك اليهود، عندما نفذنا رغبات اليهود عن طريق الماسونيين لقاء صفيحتين من الليرات الذهبية في الوقت الذي عرض فيه اليهود ثلاثين مليون ليرة ذهبية على السلطان عبدالحميد لتنفيذ مطالبهم، إلا إنه لم يقبل بذلك). ويقول في هذا الصدد برنارد لويس (لقد تعاون الاخوة الماسونيون واليهود بصورة سرية على إزالة السلطان عبدالحميد، لأنه كان معارضاً قوياً لليهود، إذ رفض بشدة إعطاء أي شبر أرض لليهود في فلسطين).

بعد إبعاد السلطان عبدالحميد الثاني من السلطة، عبرت الصحف اليهودية في سلانيك عن غبطتها في الخلاص من (مضطهد اسرائيل) كما وصفته هذه الصحف. وفي هذا الصدد يقول لوثر (وبعد إبعاد عبدالحميد من السلطة، عبرت الصحف اليهودية في سلانيك عن غبتطها، وأخذت تزف البشائر بالخلاص من (مضطهد اسرائيل) الذي رفض استجابة طلب هرتزل لمرتين، والذي وضع جواز السفر الأحمر الذي يقابل عندنا قانون الأجانب).

الواقع أنه ما زالت شخصية السلطان العثمانى عبدالحميد الثانى مثار جدل تاريخى، فغالبية العرب يرونه رجلًا وطنيًا، وأن وطنيته كلفته عرشه، فيما رأت فيه أوروبا رجلًا دمويًا، كما اعتبره آخرون زعيمًا للإصلاح فى بلاده، وقد حكم دولة مترامية الأطراف متعددة الأعراق بدهاء وذكاء.. ويبقىّ أن تركيا احتلت ركنًا مهمًا في المخططات الصهيونية قبل وبعد قيام دولة الكيان “الإسرائيلي”، التي أرادت الالتحام جغرافيًا بالبر الأوروبي عبر الجسر التركي، والتي تتمتع بمركز استراتيجي مهم من المنظور “الإسرائيلي”، فعن طريقها يمكن ضبط دول الجوار (العربية) والتحكم فيها بطريقة غير مباشرة.

المصدر
تركيا بوست

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *