شراب أرجيفيت الأصلي لزيادة طول الأطفال

هل تستطيع فرنسا ملء الفراغ الأمريكي في الشرق الأوسط؟

الأناضول

ستايل تورك | أرخص أسعار للمنتجات التركية في العالم

تركيا بالعربي: يحلو للفرنسيين التغني بثورتهم التي غيرت وجه أوروبا والعالم ومسيرة التاريخ الحديث، الثورة الفرنسية التي وضعت أسس الحضارة الغربية بقيمها الإنسانية، ومبادئها السامية التي نادت بالحرية والديمقراطية، ومهدت للعقد الاجتماعي والمساواة أمام القانون.

هذا ما يقوله الفرنسيون وتذكره كتب التاريخ، لكن شعوب الشرق ودول إفريقيا لم تر سوى الوجه الآخر لفرنسا، وجهها الاستعماري الجشع، بجبروته وظلمه وطغيانه.

لا يزال تاريخ الشرق الأوسط وإفريقيا حافلا بالويلات والمآسي التي خلفها الاستعمار الفرنسي لبلدان تلك المنطقة، ولا تزال شعوبها تذكر جبروت وطغيان الامبراطور الفرنسي نابليون بونابرت، ومغامراته العسكرية التي تسببت في مقتل ملايين البشر. كما أن العالم الإسلامي لن ينسى ركلة المندوب الفرنسي الجنرال غورو لضريح صلاح الدين الأيوبي، ذاك البطل الكردي المسلم الذي حرر القدس من الصليبيين.

تلك الفوقية والروح الاستعمارية، وعقلية الحملات الصليبية، ما زالت تطل علينا بين الفينة والأخرى من خلال سياسات القادة الفرنسيين وتصرفاتهم.

وهي التي دفعت الرئيس الفرنسي الشاب إيمانويل ماكرون للاتصال بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بعيد تحرير عفرين من ميليشيا بي كا كا/ ب ي د الإرهابية، لا لكي ينقل له تهاني فرنسا لتركيا بمناسبة القضاء على بؤرة من بؤر الإرهاب وتصدير المخدرات، كما فعلت تركيا عندما تضامنت مع فرنسا أثناء تعرضها للهجمات الإرهابية. لا.. بل ليعبر عن قلقه إزاء عملية تحرير عفرين من الإرهابيين الانفصاليين !. كما لم ينس أن يشدد على “ضرورة إفساح المجال كاملا أمام إدخال المساعدات الإنسانية” !. .

فرنسا التي لا يكاد يذكر اسمها في مجال المساعدات الإنسانية، تعطي دروساً لتركيا التي تتصدر العالم بأسره في قائمة الدول المانحة للمساعدات الإنسانية. مساعدات تركيا غطت جميع القارات وشملت مختلف الشعوب والبلدان !.

اقرأ أيضًا:   تحذير من أزمة مالية في دبي.. والحكومة تدرس الاقتراض

فرنسا بسجلها الاستعماري الحافل بالظلم والقهر وسرقة أموال الشعوب الأخرى، تعطي تركيا دروسا في كيفية معاملة أهالي عفرين إخوانهم وأقربائهم وجيرانهم !.

فرنسا حامية الأنظمة الدكتاتورية التي لعبت دورا رئيسيا في كسر العزلة عن نظام الدكتاتور بشار الأسد، عقب اغتياله رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، هي نفسها التي قبض رئيسها ساركوزي خمسين مليون دولار من القذافي من أجل حماية نظامه من السقوط !.

فرنسا التي استفز رئيسها ماكرون مشاعر السوريين بقوله “بشار عدو الشعب السوري وليس عدو فرنسا”، لا يكتفي بذلك، بل يستقبل قيادات ميليشيا بي كا كا/ ب ي د الإرهابية في قصر الإليزيه، ويعطيهم الوصاية على مصير سوريا وشعبها.

ما الذي يميز ميليشيات بي كا كا/ ب ي د عن تنظيم داعش، سوى تحالفهم مع الأمريكان والأوربيين ؟!.

الصحافة الفرنسية هي الأخرى لعبت – ولا تزال- دورا مهما في نشر العداء والكراهية لتركيا، صحيفة لوموند الشهيرة نشرت سابقا مقالات لفتح الله غولن زعيم الكيان الموازي ومدبر انقلاب 15 يوليو/ تموز الفاشل ضد الحكومة الشرعية في تركيا، وتنشر اليوم مقالا مشتركا لعدة شخصيات فنية وشعبية وسياسية،يطالبون الرئيس ماكرون بعدم السكوت عن حرب الإبادة التي ينتهجها الاحتلال التركي بحق الشعب الكردي !.

أين دليل هؤلاء على ادعاءاتهم الباطلة ؟ّ!.

أين ضمير هذه النخبة المفترية مما يحدث الآن في غوطة دمشق من إبادة جماعية لأهلها قتلا وتهجيرا، ولماذا لم يسمع صوتهم تجاه ما فعلته فرنسا في مستعمراتها بإفريقيا والجزائر خصوصاً ؟!.

هذه النخبة الفرنسية الموقرة لم تر ما حصل بالرقة والحسكة ودير الزور من دمار هائل، وما حل بأهلها من قتل وتشريد على يد ميليشيات بي كا كا/ ب ي د الإرهابية وقوات التحالف الدولي التي تشارك بلادهم فيه. لكنهم يحتجون على عملية تحرير عفرين النموذجية، التي حفظت الإنسان والعمران، وحافظت على أمن تركيا ووحدة تراب سوريا.

اقرأ أيضًا:   بالفيديو.. قوات أمن جزائرية تسحل علي بلحاج في الشارع (شاهد)

فرنسا ودور الوسيط السياسي

كما أن الحياة لا تقبل الفراغ، فإن السياسة لا تتحمله قط. لذلك تحركت قوى دولية وإقليمية لسد الفراغ الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط. حيث تدخلت روسيا عسكرياً في سوريا، وكانت إيران قد سبقتها بدفع صنيعتها حزب الله اللبناني ومعه مليشيات شيعية جلبتها من بلدان شتى.

الفرنسيون الذين يعتبرون بعض دول الشرق الأوسط ساحة نفوذهم القديمة، تحركوا لكن في المضمار السياسي فقط. حاولوا لعب دور في ليبيا فلم يفلحوا، كرروا المحاولة في اليمن بمشاركة المملكة العربية السعودية فلم يقدروا على شيء، ويسعون للعب دور في سوريا لكنهم عاجزون حتى اللحظة في الحصول على أي دور يتيح لهم حضوراً في المنطقة.

اقتصر الدور الفرنسي على الزيارات وطرح المبادرات وعرض الوساطات، لكن دون تحضير مسبق، ودون تحقيق المؤهلات التي تؤمن لهم النجاح.

عرض الفرنسيون دور الوساطة في حل الأزمة الليبية، لكن أيا من الأطراف المتنازعة لم تقم لهم أي اعتبار يذكر.

لكن أغرب وساطة عرفها التاريخ الحديث، تلك التي عرضها الرئيس الفرنسي ماكرون على الرئيس أردوغان للتوسط بين الدولة التركية وميليشيا بي كا كا/ ب ي د الإرهابية!.

بادئ ذي بدء، الوساطة تكون بين ندين، الجمهورية التركية بلد عريق وقوة إقليمية وريثة امبراطورية حكمت العالم ستة قرون، من يساوي بينها وبين عصابة إرهابية مسلحة خارجة عن القانون، فإنه بسبب جهله غير مؤهل للقيام بأي دور في الوساطة السياسية.

ثانيا، يتوجب على الوسيط أن يتحلى بالقدر الأدنى من النزاهة، الفرنسيون يعلنون بي كا كا حزبا إرهابياً من جهة، ويقدمون له كامل الدعم المادي والسياسي، بل ويستضيفون قادة التنظيم في قصرهم الرئاسي، فكيف يكون هؤلاء وسطاء نزيهين ؟.

اقرأ أيضًا:   ذهبوا لإنقاذ ضحايا زلزال فاستغلُّوا النساء الناجيات بطريقة شنيعة.. فضيحة جنسية تهز أكبر الجمعيات الخيرية في بريطانيا

ثالثا، يتوجب على الوسيط القدرة مع الكفاءة، ومعلوم للقاصي والداني أن الفرنسيين عاجزون بمفردهم عن القيام بأي دور دون الدعم الأمريكي والأوروبي.

قيل الكثير عن حلف فرنسي سعودي تركي، يملأ الفراغ الأمريكي، لكن سمة التذبذب الغالبة على السياسة الخارجية الفرنسية أفقدها مصداقيتها وسلبها القدرة على القيام بأي دور استراتيجي.

زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لباريس في 9 و10 أبريل/ نيسان الجاري، وإن وصفتها الرئاسة الفرنسية بأنها تهدف إلى عقد شراكة استراتيجية جديدة، فإنها ستبقى محدودة بعقود تجارية واقتصادية لا أكثر.

يتم الحديث في بعض المحافل الدولية عن دور عسكري فرنسي في مدينة منبج، إذ ربما يحصل هذا الدور على دعم سعودي إماراتي، بهدف وقف انهيار بي كا كا/ ب ي د، والحد من التمدد التركي في الشمال السوري. لكن يتجاهل هؤلاء عزم تركيا وتصميمها على تحرير منبج من قبضة التنظيمات الإرهابية الانفصالية مهما كلفها ذلك من ثمن، حفاظا على أمنها الاستراتيجي وحماية لسوريا من التقسيم.

لدى تركيا اتفاقيات موثقة مع الأمريكان تعهدوا خلالها بإخراج مليشيا بي كا كا/ ب ي د من منبج ومنطقة غرب الفرات، إما أن يقوم الطرف الأمريكي بالوفاء بتعهداته، أو يقوم الجيش التركي بمهامه.

مسألة تحرير منبج مسألة أمن استراتيجي لتركيا، وليست خاضعة للبازار السياسي، ومهمة حماية مليشيا بي كا كا/ ب ي د هناك عمل يفوق قدرات فرنسا وحلفائها.

“ما بعد تحرير عفرين ليس كما قبلها” .. حقيقة سيدركها جميع الأطراف عاجلا أو آجلا.

المصدر: الأناضول

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *