“المدينة العتيقة كاليتشي”.. نجمة العصور تضيء سماء أنطاليا التركية
مدينة عتيقة أو “كاليتشي” كما تسمّى، وتعني “داخل القلعة” بالتركية، محاطة بأسوار من الحجارة الضخمة، تقع في الجزء الشرقي من مركز المدينة، على طول ساحل البحر المتوسط، تتراءى للزوار مثل لوحة معلّقة على صدر التاريخ والجغرافيا، في مدينة تأسر الوافدين عليها.
وتعتبر أنطاليا من أقدم المدن المأهولة بمنطقة الأناضول، إذ يعود تاريخها إلى العصور القديمة، وتتضمن آثارا متنوعة ترجع لحقبات وحضارات متعددة، مثل الرومانية والسلجوقية والعثمانية.
كما تشتهر المدينة بأماكنها الطبيعية الخلابة، ما يجعلها وجهة لنحو 10 ملايين سائح سنويا.
وتتّخذ أسوار المدينة القديمة شكل الهلال، حيث تلتف من جهة البحر على ميناء السفن القديم، فيما تضم المدينة العديد من المعالم الأثرية، أبرزها “المئذنة المكسورة” (كيسك منارة)، وبوّابة “هادريانوس” أو الأبواب الثلاثة.
ومنذ عام 1973، صنفت الهيئة العليا للمواقع الأثرية التركية، المدينة القديمة بأنطاليا ضمن المناطق الأثرية المحمية.
وتتضمن المدينة القديمة 127 سورا، وبرجا، ومسجدا، وآبار، ونحو 356 منزلا مصنفا مثالا معماريا، وجميعها مدرجة ضمن قائمة التراث المحمي.
** “نجمة مشعّة” تستقطب السياح
نوزت تشيفيك، الأكاديمي بقسم الآثار في كلية الآداب بجامعة “أق دنيز” في أنطاليا، قال إنّ تاريخ التجمّعات السكنية الأولى في “كاليتشي”، يعود إلى القرن الرابع قبل الميلاد.
وفي أواسط القرن الثاني قبل الميلاد، أنشأ “أتالوس”، ملك “بيرغاما”، مدينة على الطراز الهيلنستي في أنطاليا، ومن ثم خضعت المدينة للحكم الروماني.
ووفق تشيفيك، فإنّ المدينة انتقلت، قبل نحو 800 عام، إلى حكم الأتراك الذين أعادوا بناء أسوارها، وأنشأوا فيها مباني أثرية كثيرة في غاية الأهمية.
وأشار، في حديث للأناضول، إلى أن المدينة القديمة تخضع لحماية جيدة من قبل الدولة، وأنها شهدت مشاريع ترميم واستثمارات كثيرة في السنوات الأخيرة، ساهمت في تعزيز حركة السياحة بشكل كبير.
ولفت إلى أن “كاليتشي” تتمتع بمكانة تاريخية هامة لما تحتويه من آثار قديمة تعود إلى ما قبل العصر الهلنستي، واصفا إياها بـ “النجمة المشعة التي تستمد نورها من نسيجها الطبيعي، وتاريخها، ومواقعها الأثرية والثقافية”.
** رحلة عبر الزمن
عند المشي في شوارع المدينة القديمة، يضيف تشيفيك، يراود المرء شعور بأنه دخل نفق الزمن، حيث تعود به آلاف السنوات إلى الوراء.
وشبه المدينة العتيقة بـ “آلة الزمن، وعلينا معرفة قيمتها جيدا، فهي أمانة في أعناقنا منذ آلاف السنين، ويجب علينا توريثها للأجيال القادمة على مدى آلاف السنين”.
من جانبه، قال جميل قره بيرم، مدير الآثار والمسح بأنطاليا، للأناضول، إنّ “كاليتشي تعتبر فسيفساء من نتاج حضارات متعددة”، وتضم نحو 3 آلاف منزل مصنّف ضمن النماذج المعمارية الفريدة.
وأضاف قره بيرم أن “المدينة القديمة تعد نجمة ذهبية في أنطاليا، حيث بدأت فيها مشاريع ترميم كثيرة، وذلك عقب زيارتها من قبل الرئيس رجب طيب أردوغان، حين كان رئيسا للوزراء.
وأشار إلى أن حماية وترميم المباني والآثار في المدينة القديمة تتم حسب التصميم الأصلي القديم، لافتا إلى الوعي الكبير لدى الشعب أيضا، إذ يرمم المواطنون ممتلكاتهم حسب قواعد المناطق المحمية.
كما لفت أن مديرية الآثار والمسح أنتجت فيلما وثائقيا بعنوان “قلعة إيجي مجددا”، قدموا فيه معلومات حول تاريخ المدينة، ومقترحات بشأن ما يمكن فعله لحمايتها.
بدوره، أوضح حسين جيمرين، وهو مؤرخ أثري من مدينة أنطاليا، أن “كاليتشي” تمتلك طابعا خاصا بها، وقد خضعت لحماية جيدة إثر إعلانها منطقة أثرية محمية.
أما بلال أقصوي، وهو صاحب محل بالمدينة العتيقة، فقال إن النسيج التاريخي للمنطقة يستقطب اهتمام السياح بشدة، وأنهم يجرون أعمال الترميم بشكل يتوافق مع هذا النسيج.