الانتخابات الرئاسية المبكّرة والفوائد التي تعود بها على تركيا
حليمة كوكشة – صحيفة ستار – ترجمة وتحرير ترك برس
تركيا بالعربي: وتأتي الإجابة على سؤال “هل ستكون هناك انتخابات مبكرة في تركيا أم لا؟” من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال تصريحه عقب استقباله لزعيم حزب الحركة القومية “دولت باهتشيلي”، إذ تم إجراء مباحثات عديدة حول مطالب دولت باهتشيلي التي تنص على إجراء انتخابات مبكرة في تركيا، ومن جهة أخرى أفاد الرئيس أردوغان بضرورة إزالة مسألة الانتخابات المبكرة من جدول أعمال الحكومة التركية، ومع وصول المباحثات إلى نتيجة إيجابية تم اتخاذ قرار الموافقة على طلب باهتشيلي وبالتالي إجراء الانتخابات بتاريخ 24 يونيو/حزيران 2018.
من المعلوم أن الرئيس أردوغان لطالما دافع عن ضرورة الالتزام بموعد إجراء الانتخابات الرئاسية، إلا أن الواقعية التي ستضيفها الانتخابات المبكرة للنظام الدستوري الجديد قد دفعت الحكومة التركية إلى الموافقة على طلب باهتشيلي، إذ انتشرت حملات مطالبة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة من أجل إعادة تصميم الحكومة التركية نظراً إلى تغيير النظام الدستوري من خلال استفتاء 16 أبريل/نسيان 2017، وكان رد أردوغان على هذه الطلبات على الشكل التالي: “2017 هو عام التغيير، 2018 عام التنفيذ، 2019 عام الانتخابات”، والآن يصرّح أردوغان بأن موعد الانتخابات الرئاسية قد أصبح في 24 يونيو/حزيران 2018.
كانت سنة 2017 سنة تغيير فعلية بالنسبة إلى حزب العدالة والتنمية، إذ تم ترميم ثغرات الضعف الموجودة إضافةً إلى إجراء تغييرات عديدة ضمن كوادر الحزب، وكذلك تم تغيير رئاسة العديد من الولايات التركية، ونظراً إلى عدم وجود أي مشاكل في خصوص قيادة الحزب فإن إجراء انتخابات رئاسية مبكرة لا يظهر تأثيراً كبيراً تجاه مسألة انتخاب قائد حزب العدالة والتنمية.
وكذلك تم تشريع القرار المتّخذ في إطار اتفاق بين حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية من قبل البرلمان التركي أيضاً، وهناك إجماع كبير في الآراء حول هوية المرشّح للانتخابات الرئاسية.
وفقاً لاستطلاعات الرأي العام التي أُجريت في فترات معيّنة فمن المتوقّع أن تصل نسبة أصوات المرشّح المتّفق عليه إلى 55 بالمئة وما فوق ذلك، في حين حزب الشعب الجمهوري قد أصبح في مرحلة الانهيار، وذلك يشير إلى أن حزب العدالة والتنمية سيذهب للانتخابات الرئاسية بخطىً واثقة، وفي الخلاصة يمكن القول إن حزب العادالة والتنيمة وحزب الحركة القومية جاهزان للانتخابات الرئاسية المبكرة.
في هذا السياق لا يوجد أي سبب لتردّد حزب العدالة والتنمية في الذهاب لانتخابات مبكّرة، قد يكون التزام حزب العدالة والتنمية بالمبادئ سبباً بسيطاً لذلك إلا أن الحالة الاستثنائية التي تفرضها طبيعة هذه الانتخابات قد جعلتها ذات أولوية أكثر من مبدأ الالتزام في مواعيد الانتخابات.
لقد تبقّى 65 يوماً على إجراء الانتخابات، أي إن المدة قصيرة وبالتالي لن تشغل جدول أعمال الشعب التركي لفترة طويلة وكذلك لن تتسبب بأي تأثير سلبي في تركيز تركيا تجاه السياسة التي تمارسها في الساحة الخارجية.
أما بالنسبة إلى المعارضة الداخلية فلا يمكن القول إن الأمور تسير على ما يرام كما هو الحال بالنسبة إلى حزب العدالة والتنمية، عند النظر إلى عبارة “نحن جاهزون للتحدي” التي صرّح بها حزب الشعب الجمهوري يبدو أنهم مستعدّون للانتخابات الرئاسية ولكن لم يتمكّنوا من إبراز مرشّح إلى الآن، ولذلك ليس بسبب عدم الاتفاق على هوية المرشّح إنما بسبب عدم وجود شخص مؤهل لمنصب رئاسة الجمهورية، وفي هذه الحال إن المدة القصيرة المتبقية للانتخابات قد لا تكفِ للوصول إلى اتفاق ضمن كادر حزب الشعب الجمهوري، وذلك قد يؤدي إلى تحوّل الإيجابية التي تحملها قصر هذه المدة بالنسبة للشعب التركي إلى وضع سلبي بالنسبة لحزب المعارضة.
أعتقد أن المدة المتبقية ليست هامةً لدرجة أن تكون محدّداً لنتيجة الانتخابات، لأن عدم توجّه حزب المعارضة للمراكز الاجتماعية واتباع سياسة الحصار سيظل سبباً يعيق تقدّم المعارضة على الصعيد السياسي مهما كانت هذه المدة طويلة.
لو أن حزب الشعب الجمهوري بدأ بمراجعة وإصلاح بنيته وكوادره بناءً على الشروط الجديدة التي فرضها استفتاء 16 أبريل/نسيان لما اضطر للتصريح ببيانات تدعم بي كي كي أكثر من الدعم الصادر عن حزب الشعوب الديمقراطي، وكذلك لما اضطرّ زعيم حزب الشعب الجمهوري “كمال كليجدار أوغلو” لوصف الانتخابات المبكرة بعبارة “استفتاء للعودة إلى الماضي” من أجل التغطية على أخطائه وعدم كفاءته ليكون في منصب رئاسة الجمهورية.
استطاعت تركيا تخطي جميع العقبات التي واجهتها خلال السنوات الخمسة الأخيرة من خلال الانتخابات الديمقراطية، ولأن صناديق التصويت هي الوسيلة الأقوى لتعبير الشعب التركي عن رأيه فإن الانتخابات لطالما كانت مفتاحاً لإنهاء الأزمات التي تقع في البلاد.
المصدر: ترك برس