ليست مجرد انتخابات وإنما معركة كسر عظام: من هدم الدولة العثمانية يريد إيقاف تركيا، هذا هو مخططهم
ابراهيم قراغول - يني شفق العربية
تركيا بالعربي: ما ستشهده تركيا يوم 24 يونيو/حزيران ليس انتخابات عادية، بل هو شكل من أشكال تقرير مصير تركيا ووحدتها ومستقبلها ونموها وتطويرها لقدراتها، وهو – في الوقت نفسه – يعتبر تصفية حسابات بين أنصار “محور تركيا” من جهة والواقفين على “جبهة التدخل الدولي” من جهة ثانية، تصفية حسابات بين كل من هو وطنيّ وكل ما هو دخيل، مواجهة شرسة بين الهيكل الأساسي لهذا الشعب وبين من يحاولون تدمير هذا الهيكل.
فبغض النظر عن هويّاتنا السياسية وتفضيلاتنا حتى يومنا هذا، فإننا أمام نوع من أنواع الكفاح بين من ثبتوا في صف الجينات السياسية السلجوقية والعثمانية والجمهورية، في وقت نشهد فيه الإعداد لعملية جديدة من الداخل والخارج، وبين من رست عليهم مناقصة تركيا الجديدة التي طرحتها أمريكا وبريطانيا.
سيناريوهات خبيثة تطل برأسها
وبغض النظر عن حجم حساباتنا السياسية وخلافاتنا وصراعتنا على المستوى الداخلي، فإن الوقوف في صف أصحاب تلك التهديدات، في ظل وضوح حسابات حصار بلدنا من سوريا حتى شرق المتوسط وبحر إيجة وضوح الشمس وغموض ماذا سيحدث في الخطوة التالية غموضًا قاتلًا، يعتبر خيانة لتركيا وتاريخنا السياسي وماضي شعبنا ومستقبله.
ولن يسامح أحد قط عقب الانتخابات المقبلة أيًّا ممّن تشاركوا في الهدف ذاته مع مخططي محاولة الانقلاب الفاشلة يوم 15 يوليو/تموز وأصحاب مخططات الحصار من ناحية سوريا بواسطة تنظيم ب ي د/بي كا كا الإرهابي والراغبين في اقتطاع هاتاي من أراضي تركيا وتغيير الخريطة بالكامل من إيران شرقا إلى البحر المتوسط غربا وتحويل شرق المتوسط إلى بركة دماء وأولئك الذين يستعدون للتدخل مجدّدًا “من الداخل”.
سترون مَن يتعاون مع أي دولة
لن ينسى أحد، في الوقت الذي تتعرض فيه تركيا لهجمات وتهديدات صريحة، كل من يروج لهذه الأمور على أنه فقط “معارضة لأردوغان” ويتستر تحت عباءة “المعارضة البريئة” ويسعى بشتى الطرق تشتيت الأنظار بعيدًا عن المخططات الرامية لتدمير بلدنا وتضليل عقول شعبنا وإضعاف خطوط دفاعنا ليجعلونها عرضة للتدخلات من الداخل والخارج.
دعكم من التحالفات الانتخابية، سترون كلّ شيء بوضوح، سترون من يقف في صف محور تركيا ومن حصل على المناقصات السرية في سبيل التضحية ببلدنا ومن يتعاون مع أي دولة ومن يتحالف من أي الجهات لتشكيل مجالات للصراع. بل إننا نرى كل هذا بالفعل.
لقد وضعوكم في الجبهة ذاتها مع “غولن” و”بي كا كا”
لستم وطنيين أبدًا!
إن الإرادة التي وضعت الأحزاب السياسية في الخندق ذاتها مع تنظيمي غولن وبي كا كا الإرهابيين هي نفسها الإرادة التي نفذت محاولة الانقلاب الفاشلة يوم 15 يوليو/تموز. كما أنّ الإرادة التي وضعت بي كا كا والقوميين وأعداء الدولة العثمانية مع أحبائها في جبهة واحدة هي ذاتها الإرادة التي شنت هجمات صريحة ضد تركيا.
وإن الإرادة شكلت كتلة المعارضة لخوض انتخابات 24 يونيو/حزيران المقبلة والتي خططت لذلك من خلال نقل أعضاء البرلمان بين الأحزاب ليست إرادة محلية أو وطنية. فهم يتخذون القرارات والمواقف بالتعليمات، ويؤسسون علاقات التحالف بين الأحزاب بالتعليمات، ويستعدون للانتخابات بالتعليمات. فكل الأحزاب والزعماء السياسيين الذين انضموا لهذه الحلقة عاجزون على إصدار القرارات أو التحرك بمحض إرادتهم.
سيقولون “هذا هو المرشح المشترك”
لا ريب أنّ المرشحين الذين سيخوضون الانتخابات الرئاسية سيرشحون بالتعليمات، فجميعهم سيتحركون وفق هذه التعليمات. سيحددون مرشحًا مشتركًا سيدعمونه جميعًا. وربما يضعون ميرال آكشنر وكيليجدار أوغلو على الرف عقب تنفيذ هذا المخطط.
إنكم جميعًا تحت الوصاية
إنهم عاجزون عن تحديد مرشح بأنفسهم، فهم لم يستطيعوا حتى التحرك من مواضعهم بهذا الحال؛ إذ أنهم خاضعون بالكامل للوصاية التي يخضع لها كذلك التنظيمات الإرهابية والأحزاب السياسية ومرشح الرئاسة الذي سيعلنون عنه. إنهم سيتحركون وفق ما تقولوه الولايات المتحدة وبريطانيا، وسيتبعون المرشح الذي تحدداه وسيروجون لما تريداه.
إن هذا يعتبر تدخلا خارجيا صارخا ضد ديمقراطية تركيا وانتخاباتها، وما وراؤه هو الإعداد للتدخل في تركيا والهجوم عليها. وإن لم تكن الانتخابات لم تبكَّر إلى هذا التاريخ لكانوا سينشرون حالة الكثير من الفوضى حتى عام 2019، ولكانوا ضربونا من الخارج وكذلك حرضوا عملاءهم بالداخل للتحرك داخل البلاد.
المعارضة المحافظة” و”غولن” و”بي كا كا” في الكتلة ذاتها
لكن يبدو أنه سيكون من المستحيل أن يفعلوا هذا الأمر خلال هذه القترة القصيرة. وأما مهمة الكيان الذي أسسوه ككتلة معارضة عقب الانتخابات فستكون تنفيذ عمليات على المستوى الداخلي، لو استطاعوا ذلك طبعا. ذلك أنهم يتلقون تعليمات بالتحرك الآن ليس للفوز بالانتخابات، ولكن حتى لا يفوز أردوغان، ويتحركون ضمن مخطط “إيقاف تركيا”.
وللأسف فإن “المعارضة المحافظة” كذلك تم استمالتها للتحرك في هذا الاتجاه؛ إذ أسندت أدوار في “العملية” المذكورة إلى بعض الأوساط “المحافظة لكن غير الوطنية على الإطلاق” لاستهداف الصعود الوطني لتركيا وقوتها المحولة لمجرى التاريخ. ومن المحتمل أن يظهروا أمام أردوغان في الانتخابات بهذه الهوية ليضللوا عقل مواطن الأناضول الوطني والمحافظ.
إن ذلك التيار المحافظ هو الجزء التركي من المشروع الذي يجري الترويج له من خلال السعودية والإمارات، وهو عقل إنجليزي ومخطط أمريكي. وهذه هي الإرادة التي وضعت آكشنر وكيليجدار أوغلو وتنظيمي غولن وبي كا كا الإرهابيين في الخندق ذاته.
كيليجدار أوغلو قضية أمن قومي
لقد أخرجوا أولا حزب الشعب الجمهوري من عباءته الوطنية، ولهذا نصبوا كيليجدار أوغلو على رأس الحزب ليكملوا ذلك المشروع. فحزب الشعب الجمهوري لم يعد حزبًا وطنيا تركيّا بعد الآن؛ إذ تحول إلى حزب تنفيذ عمليات معادية للوطن.
وإذا أخذنا بالاعتبار مواقف كيليجدار أوغلو وعلاقاته وشراكاته ودوره في تحويل حزب الشعب الجمهوري سنرى أنه لا يمثل شيئا سوى قضية أمن قومي بكل ما تحمل الكلمة من معنى. والآن يستغلون سائر الأحزاب والرموز السياسية ضد تركيا ويضعونها في الخندق عينه مع التنظيمات الإرهابية.
إننا امام مشروع كبير للغاية. معظمنا ينظر إلى ما يحدث على أنه مواقف وتحالفات وجهود انتخابية، بيد أن البعض يؤسس جبهة تدخل من خلال التحالفات الانتخابية في وقت لا يخفى على أحد الكفاح الكبير لتركيا المستمر منذ 15 عاما وما حدث ليلة 15 يوليو/تموز والهجمات المشابهة.
لقد بدأ “التدخُّل” بالفعل، لا تتخلّوا عن هذا الوطن
ثمة عاصفة شديدة تقترب لتقضي على الأخضر واليابس في المنطقة بأسرها. ولهذا السبب تم تبكير الانتخابات. بيد أن البعض يحاول تصوير الوضع وكأن شيئا لن يحدث، لكنهم من ناحية أخرى يهرعون إلى الجبهة التي أعدها لهم آخرون من أجل تولي الأدوار المسندة إليهم خلال تلك العاصفة. لن يعتبركم أحد وطنيين، ولن تظهروا بالمظهر الوطني، ولن تعتبروا أبناء هذا الوطن تركيا. أمامنا شهرين سيتضح خلالها من يشارك في أي السيناريوهات السرية.
أوجه ندائي إلى الرأي العام المحافظ على وجه التحديد، أغلقوا جميع الأبواب في وجه تنفيذ العمليات من خلالكم. إننا أمام تصفية حسابات يرجع تاريخها لألف عام، لا تقعوا في الفخ، كونوا حذرين في مواجهة المخططات الرامية للتخلي عن تركيا في هذا الكفاح الكبير.
مَن هدم الدولة العثمانية يريد إيقاف تركيا، هذا هو مخططهم
فحتى طريقة تشكيل كتلة المعارضة لخوض انتخابات 24 يونيو/حزيران تبدو في صورة تدخل خارجي، وهو ما يعني أن التدخل قد بدأ من الآن. انتبهوا لأننا أمام محاولات عرقلة مسيرة تركيا.
اقرؤوا تاريخ إن شئتم لتعرفوا من يجمع هؤلاء سويًّا ويتولى هذه المهام ويحدد لهم أهدافهم! انظروا إلى الحرب العالمية الأولى وبريطانيا التي مزقت الدولة العثمانية.. انظروا إلى الدول التي تريد إيقاف تركيا وأحصنة طروادة التابعة لها في الداخل.. وحينها ستدركون كلّ شيء..
المصدر: يني شفق العربية