الانفتاح التركي على الدول العربية “عمق استراتيجي” أم “عثمانية جديدة”؟
نشرت صحيفة “عربي21” الإلكترونية تقريرًا يتناول هواجس بعض الأطراف من الانفتاح التركي على الدول العربية، ويتساءل عن ما إذا كانت تركيا تسعى بالفعل في ظل قيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، إلى إحياء أمجاد الخلافة العثمانية التي حكمت العالم العربي لفترة طويلة.
ونقلت الصحيفة عن الكاتب والباحث المصري، هاني نسيرة، قوله إن وصف أردوغان في سياساتِه الخارجية تجاه العالم العربي بـ”عثماني النزعة، وأنه يتحرك بمقتضاها، لا يعدو أن يكون ناتجا عن موقف مسبق، يستهدف في جملته توظيف المشاعر العدائية الرافضة للعُثمانية، والأتراك والخلافة عند بعض التيارات”.
وأضاف نسيرة “لكن هذا لا ينفي في واقع الأمر تأثر أردوغان بها، وتحركه بمقتضاها كمشكل رئيس للهوية التركية الراهنة، وجزء من موروثه القومي، الذي يظهر مدى اهتمامه واعتزازه به، بل ودفاعه عنه”.
من جهته أبدى الباحث السوداني، المقيم في إسطنبول، عباس محمد صالح عباس تحفظه الشديد على “وصف السياسة التركية بعد وصول حكم حزب العدالة والتنمية إلى الحكم منذ 2002 بالعثمانية الجديدة”، واصفا إياه “بغير الدقيق”.
ووفقا لعباس فإن “الحديث عن عثمانية جديدة كما يروج له في بعض وسائل الإعلام العربية المعادية لتركيا، إنما يصدر عن مواقف سياسية، وليس عن حقائق ثابتة، أو توصيف علمي أو موضوعي، وتدحضه الأدلة والقرائن”.
ولفت عباس إلى أن السياسة التركية الخارجية “تقوم على مفاهيم التعاون والتبادل والحوار البناء، والمصالح المشتركة بعيدا عن الاستعمار والخضوع، إن كان هذا هو المقصود من وراء استخدام هذا المصطلح، الذي عادة ما توصف به حقبة العثمانية في أوساط عربية”.
وتابع “لو نذكر قبل اندلاع ثورات الربيع العربي فإن تركيا مدت جسور التواصل مع كافة جيرانها، بما في ذلك البلدان العربية التي تعادي تركيا، وتروج لمزاعم غير دقيقة عن سياساتها، من أجل تصفير المشكلات، وإقامة علاقات على أسس جديدة أُطلق عليها العمق الاستراتيجي، وليس العثمانية الجديدة”.
بدوره قال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الهاشمية الأردنية، جمال الشلبي: “لكل دولة إرثها التاريخي الذي تستَذكره وتستحضِره في واقعها وعلاقاتها، وتركيا ليست بعيدة عن ذلك، فقد حكمت العالم العربي لعدة قرون، حتى سقوط الخلافة العثمانية سنة 1924، وليس هذا مما يعيب تركيا”.
ولفت الشلبي إلى ضرورة التمييز بين الاستعمار الأجنبي الذي تقلب على عالمنا العربي، كالاستعمَار البريطاني والفرنسي، والإيطالي.. وبين الحكم العثماني للعالم العربي إبان الخلافة العثمانية الذي لم يكن استعمارا، لأن العرب كانوا جزءا لا يتجزأ منه، وكانوا يشاركون الأتراك في الحكم وإدارة البلاد.