أخبار عربية | المقاطعة تربك حكومة المغرب.. والنشطاء يسخرون من تهديداتها
أثارت خرجات الحكومة المغربية الأخيرة المهددة للمنخرطين في حملة مقاطعة ثلاثة منتجات بالمتابعة القضائية في حال ترويج أخبار زائفة، استهجان وسخرية العديد من نشطاء شبكات التواصل الاجتماعي، في الوقت الذي تستمر فيه المقاطعة وسط خسائر مادية كبيرة للشركات المستهدفة.
ودخلت حملة المقاطعة التي استهدفت منتجات شركة “أولماس” للمياه المعدنية، و”سنطرال دانون” للحليب ومشتقاته، و”أفريقيا” للمحروقات، أسبوعها الرابع وسط مشاركة فئات واسعة من المغاربة من مختلف المشارب.
وحسب تقارير إعلامية، فقد تسببت حملة المقاطعة بأضرار كبيرة وخسائر مالية للشركات صاحبة المنتوجات التي شملتها الحملة، ما دفع إحداها وهي شركة “سنطرال” إلى تقديم اعتذار للمغاربة بعد وصف أحد مسؤوليها المقاطعين بـ”الخونة”.
فيما حملت شركة “أولماس للمياه المعدنية”، الحكومة المغربية مسؤولية غلاء الأسعار، بسبب الضرائب الكثيرة التي تُفْرَضُ عليها، ودعتها إلى تخفيض الضرائب حتى يتسنى لها خفض مراجعة أثمنة منتوجاتها، معلنة أن أرباحها لا تتعدى 7 في المائة على قنينات المياه “سيدي علي”.
وعيد الحكومة
توعدت الحكومة، في أول خروج لها بعد أربعة أسابيع من انطلاق حملة المقاطعة، عموم المشاركين في الحملة بالمتابعة القضائية في حال نشروا أخبارا زائفة.
وأكدت الحكومة في بلاغين أصدرتهما، أمس الخميس، أنها ستلجأ للقانون في حق كل من روج الأخبار الزائفة.
وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، خلال الندوة الصحفية التي أعقبت المجلس الحكومي، إن “ترويج أخبار تمس بسمعة واقتصاد البلد، لا يمكن أن نقبل به، فلا علاقة له بحرية التعبير”، لافتا إلى أن مثل هذه الأخبار تؤدي إلى “الإضرار بقطاعات مهمة كالفلاحة وينتج عنه مشاكل اقتصادية كبيرة لبلدنا”، وفق تعبيره.
وأعلنت الحكومة “لن تتسامح بأي شكل من الأشكال مع استغلال مواقع التواصل الاجتماعي لنشر أخبار زائفة بسوء نية أو إشاعات من شأنها الإضرار بالمكتسبات المحققة في بلادنا على مختلف المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية”.
وأكدت الحكومة أنها ستعمل “على تقييم المقتضيات القانونية الجاري بها العمل في هذا المجال، وتلك المرتبطة بالأسعار والمنافسة”، مشددة على أن “حماية الحريات الأساسية للمواطنين، وفي مقدمتها حرية التعبير، تعتبر خيارا استراتيجيا لا رجعة فيه، حفاظا على المكتسبات الوطنية واحتراما للدستور”.
وأوضحت حكومة سعد الدين العثماني، أنها “تابعت بكل اهتمام المواقف المعبر عنها بشأن مقاطعة بعض المنتوجات الاستهلاكية، وعلى رأسها مادة الحليب التي تعرف طلبا مرتفعا يبلغ ذروته القصوى خلال شهر رمضان المعظم. وهو الأمر الذي تحرص الحكومة على التفاعل معه بكل إيجابية من خلال توضيح الصورة وإعطاء المعلومات الكفيلة بتكوين قناعات صحيحة وموضوعية تحكم هاته المواقف”.
ودافعت الحكومة عن شركة الحليب المستهدفة بالمقاطعة (سنطرال دانون) وقالت: “وبعد وقوفها على تفاصيل تركيبة ثمن الحليب، توضح الحكومة للرأي العام الوطني أن هامش الربح العائد للشركة المنتجة يبقى في حدود معقولة، حيث لا يتجاوز معدله عشرون سنتيما (20) للتر الواحد، مع العلم أنه لم يطرأ على ثمن البيع أي تغيير منذ سنة 2013”.
وأكدت الحكومة، انطلاقا من قناعاتها الراسخة بالحفاظ على المصلحة الوطنية، “حرصها على ضمان القدرة الشرائية للمواطنين وحزمها في مراقبة السوق وجودة المنتوجات الوطنية، يوازيه نفس الحرص على التصدي بكل حزم لكل المحاولات الهادفة إلى النيل من المقاولات المغربية والاقتصاد الوطني”، وفق تعبيرها.
سخرية واستهجان
بلاغا الحكومة أثارا استهجان العديد من النشطاء عبر شبكات التواصل الاجتماعي، حيث دشنوا هاشتاغ “#غير_شدونا_كاملين” (اقبضوا علينا جميعا) و”أخبار_زائفة” اللذين تصدرا الترند الأكثر تفاعلا في المغرب، عبروا من خلالهما عن رفضهم لتهديدات الحكومة، مؤكدين استمرارهم في حملة مقاطعة الشركات المستهدفة إلى حين الاستجابة لمطالبهم.
الإعلامي عادل التاطو أشاد بحملة المقاطعة الشعبية التي وصفها بـ”الحضارية وغير مسبوقة في البلد”، لافتا إلى أنها قلبت “كل موازين القوى الداخلية سياسيا واقتصاديا”.
وسجل التاطو في تدوينة على حسابه بـ”فيسبوك”، أن “المقاطعة تتسبب في حالة ارتباك كبيرة في جل البرامج والمخططات السياسية والاقتصادية بالبلد على المستوى الحكومي والقطاع الخاص..”، مشيرا إلى أن “الدولة في حالة صدمة ولا تعرف كيف تواجه هذه الحملة.. والحكومة تلجأ إلى لغة التهديد لتخويف المقاطعين، في حين يواصل أصحاب الشركات المعنية بالمقاطعة إحصاء خسائرهم للأسبوع الثالث على التوالي..”.
وأوضح أن “الاحتكار ورفع الأسعار والتحكم في ثروات البلاد والاغتناء على حساب الطبقات الفقيرة والهشة والمتوسطة واستمرار اقتصاد الريع … هي جرائم تولد “الحكرة” والقهر والظلم والفقر في المجتمع .. والحقيقة العلمية تقول إن “الضغط يولد الانفجار”..”.
وشدد التاطو على ضرورة “ضمان التوزيع العادل للثروات وحماية القدرة الشرائية للمواطنين من أجل الحفاظ على التماسك الاجتماعي في هذا الوطن الغالي.. العدالة الاجتماعية تُـأخذ ولا تعطى..”.
من جانبها، انتقدت البرلمانية عن حزب العدالة والتنمية (يقود الحكومة)، أمينة ماء العينين، في تدوينة نشرتها على حسابها بـ”فيسبوك” ما ورد في بلاغ الحكومة التهديدي، وقالت إن “التلويح بالمتابعات القضائية ليس من اختصاص الحكومات لأن القانون نفسه أوكل المهمة إلى أجهزة أخرى محكومة بالدستور والقانون”.
وسجلت أن “التهديد بمراجعة القوانين للمزيد من التضييق على حرية التعبير والنقد والاستفسار، بمبرر ترويج أخبار زائفة هو مغامرة غير محسوبة العواقب بخصوص تكييف التهم وترتيب الجزاءات في بلد لا تزال فيه استقلالية القضاء موضع سؤال”.
وأضافت: “مهاجمة مبادرة مدنية سلمية وقانونية ومحاولة شيطنتها واتهامها بالمس بمصالح الوطن الاقتصادية والتهديد المبطن لمن ينخرط فيها، من شأنه تعميق الاحتقان وإحكام إغلاق المنافذ أمام تنفيسه بعد تبخيس عمل الأحزاب والمنظمات النقابية وتدجين المجتمع المدني ودفع النخب الفكرية والثقافية إلى الانسحاب ووصول النظام التعليمي إلى درجة الإفلاس الحقيقي”.
وأوضحت النائبة البرلمانية “أن الحكومة ليست ناطقة باسم الشركات الخاصة لتخوض في نسب أرباحها ولتحكم بمعقوليتها أو بعكس ذلك. الحكومة مسؤولة على تكريس أجواء المنافسة الحرة ومنع الاحتكار وسد منابع التسريبات المخلة بالمنافسة ووضعيات تضارب المصالح وتنازعها خدمة للمواطن أولا وأخيرا”.
وأكدت أن “الشعب الأعزل الذي قُصِم ظهره بالغلاء وارتفاع الأسعار، فصار يبحث عن وسائل لتبليغ صوته، لا يمكن أن يكون خصما، لأن الشعب هو الأصل وخدمته هي الأصل وماعدا ذلك فروع ووسائل”، لتختم تدوينتها بالدعوة إلى مراجعات ووقفات مع الذات “ستكون مفيدة وناجعة”، وفق قول ماء العينين.
تركيا بالعربي | عربي21