إسماعيل ياشا يكتب: فاز الرجل
فاز رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية المبكرة التي أجريت الأحد الماضي، وحصل فيها على 52.9 بالمائة من أصوات الناخبين، وفقا للنتائج غير الرسمية التي أعلنتها اللجنة العليا للانتخابات. كما نجح تحالف الجمهور الذي شكله حزب العدالة والتنمية مع حزب الحركة القومية في الحصول على الأغلبية في البرلمان التركي.
قبل الانتخابات، كانت هناك أربعة سيناريوهات، هي: 1- أن يفوز أردوغان في الانتخابات الرئاسية، ويحصل تحالف الجمهور على الأغلبية في البرلمان، 2- أن يفوز أردوغان، ويخسر تحالف الجمهور الأغلبية في البرلمان، 3- أن يخسر أردوغان في الانتخابات الرئاسية، ويحصل تحالف الجمهور على الأغلبية في البرلمان، 4- أن يخسر أردوغان في الانتخابات الرئاسية، ولا يتمكن تحالف الجمهور من الحصول على الأغلبية في البرلمان.
يوم الأحد، تحقق السيناريو الأول، وحسم أردوغان المعركة الديمقراطية في الجولة الأولى، فيما فاز تحالف الجمهور في الانتخابات البرلمانية، كما كان متوقعا. وهو السيناريو الأفضل لأردوغان، لأن المعارضة كانت تسعى إلى تقييد يده من خلال السيطرة على الأغلبية في البرلمان، ونقل المعركة إلى الجولة الثانية. ولا داعي للتذكير بأنه السيناريو الأسوأ للمتآمرين على تركيا ورئيسها.
كانت هناك أطراف في تركيا وخارجها، تتوقع أن ترفض المعارضة نتائج الانتخابات، بحجة حدوث الخروقات والتزوير فيها، وتدعو أنصارها إلى النزول للشوارع للاحتجاج. وعزَّزت نشرات بعض القنوات التلفزيونية وتعليقات ضيوفها على النتائج الأولية هذه التوقعات. وانتظرت تلك الأطراف أن يخرج مرشح حزب الشعب الجمهوري، محرم إنجه، أمام الكاميرات ويشكِّك في النتائج المعلنة، إلا أن صحفيا تركيًّا أعلن في منتصف الليل أنه سأل إنجه رأيه في النتائج، وأنه أجاب عليه قائلا: “فاز الرجل”، في إشارة إلى أردوغان. وأصبحت هذه الجملة القصيرة التي أقر فيها مرشح حزب الشعب الجمهوري هزيمته بكلمتين، هاشتاغا في موقع تويتر يتصدر خلال دقائق لائحة الهاشتاغات الأكثر تداولا في البلاد.
إنجه، لم يعقد تلك الليلة مؤتمرا صحفيا للتعليق على نتائج الانتخابات، الأمر الذي دفع بعض مؤيدي حزب الشعب الجمهوري إلى اختلاق شائعات تزعم أن إنجه تم اختطافه وتهديده لإجباره على التراجع عن إعلان رفضه لنتائج الانتخابات. إلا أنه في المؤتمر الصحفي الذي عقده اليوم التالي، نفى كل تلك الشائعات التي لا يمكن أن يصدقها عاقل، بل ووصف مطلقيها بـأشخاص مصابين بــ”شيزوفرينيا”.
مرشح حزب الشعب الجمهوري، في تصريحاته يوم الاثنين، اعترف بفوز منافسه، وأعطى درسا لكل من يشكِّك في نتائج الانتخابات، وينتظر منه أن يرفضها، ويدعو شباب حزب الشعب الجمهوري إلى الشوارع، مؤكدا أن رفض النتائج يعتبر عدم الاحترام للديمقراطية والإرادة الشعبية. كما ذكر أنه يشاطر أردوغان في قوله بأن الدول التي لا تتجاوز فيها مشاركة الناخبين في الانتخابات 30 بالمائة لا يحق لها أن تعطي درسا لتركيا.
أردوغان أدلى بصوته في إسطنبول. وكان المقرر أن يعود إلى أنقرة مباشرة عقب إعلان النتائج الأولية. ولمَّا تأخرت عودته إلى العاصمة لإلقاء كلمة أمام أنصار حزب العدالة والتنمية، بدأت ذات الأطراف المشكِّكة في النتائج المعلنة تطلق شائعات حول سبب التأخر، قائلة إنه قد لا يعود إلى العاصمة لعدم حسم المعركة في الجولة الأولى. إلا أن سبب تأخر أردوغان كان انشغاله بزيارة طفل صغير من المحتشدين أمام مقر حزب العدالة والتنمية بإسطنبول تعرض لحادث مؤسف، وتم نقله إلى المستشفى.
نعم، فاز الرجل، والرجال قليل. وهو رجل تتجسد فيه الرجولة بمعنى الكلمة. وكان بإمكانه أن يتجاهل الحادث أو يرسل أحد مستشاريه إلى المستشفى، إلا أنه ذهب بنفسه إلى المستشفى، وبقي هناك ما يقارب 45 دقيقة للاطمئنان على الطفل الصغير الذي كان يخضع لعملية جراحية، وتحدث مع عائلته، ودعا الله له بالشفاء العاجل. وهذا ما يميزه دائما عن الزعماء الآخرين، ويدل على صدقه مع شعبه، وحرصه على سلامة مواطنيه.
إسماعيل ياشا | أخبار تركيا