شراب أرجيفيت الأصلي لزيادة طول الأطفال

انعكاسات الانتخابات التركية على مصر في الذكرى الخامسة للانقلاب

ستايل تورك | أرخص أسعار للمنتجات التركية في العالم

يعلم جميعنا أن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي أجريت في تركيا يوم 24 يونيو/حزيران الماضي لم تحظَ باهتمام في تركيا فحسب، بل تابعها الجميع حول العالم بشغف واهتمام. وقد نشرت وسائل الإعلام التركية الكثير من الأخبار والمشاهد التر تبرهن على أن هذه الانتخابات حظيت بالمتابعة الحثيثة بحماس كبير من مختلف المراكز حول العالم. وبطبيعة الحال فإن بعض هذه المراكز تابعت الانتخابات أملا ورغبة في خسارة أردوغان. بيد أن المشاهد التي رأيناها، خصوصا تلك القادمة من الدول الإسلامية، أثبتت بشكل قاطع عمق زعامة تركيا وأردوغان ومفهومها واتساق رقعتها.

لقد كانت أخبار ومشاهد الدعاء القادمة قبيل الانتخابات من باكستان والسودان والقاهرة وغزة ومكة والمدينة وسوريا والعراق تشعرنا بشكل كبير بأن هذه الانتخابات تعتبر حدثا يحدث في أبعد بكثير من حدود تركيا.

وكانت العبارة المشتركة التي استخدمها من اتصلوا عقب الانتخابات والسعادة تفوح من كلماتهم “ربما لم نشارك في الانتخابات بأصواتنا، لكن لدعواتنا أثر في نتائجها”. وبطبيعة الحال لعل البعض يعتبر هذا الأمر نوعا من أنواع المنافسة غير العادلة بين المرشحين في الانتخابات. غير أنه لا سبيل لمنع أحد من تقديم هذه المساهمة، فهذا هو ما تعنيه تركيا وأردوغان بالنسبة للعالم.

لا ريب أن ثمة معانٍ ومظاهر ونتائج أخرى لهذا الاهتمام والقرب الشديد الذي تحظى به تركيا وأردوغان وحزب العدالة والتنمية. وفي الواقع فإن هذا الاهتمام والدعاء في الدول التي شكل بها فوز حزب العدالة والتنمية بالانتخابات بهذه الطريقة موجة حماس وسعادة يعتبر تعبير عن طلب ورغبة لدى شعوب تلك الدول؛ إذ تأمل شعوب الدول العربية والإسلامية، باهتمامها بأخبار أردوغان، في تحقيق ما حققه أردوغان في تركيا.

وبغض النظر عن كيف تنظر أوروبا حاليا إلى تركيا التي يحكمها أردوغان، فقد ألقيت مئات الخطابات وكتبت عشرات المقالات ونشرت آلاف المشاركات على وسائل التواصل الاجتماعي حول نتائج الانتخابات وفضائل إدارة دولة في العالم العربي من خلال الديمقراطية وانتخابات حرة ونزيهة، على الأقل، بواسطة شفافية قنوات المشاركة السياسية للشعب.

اقرأ أيضًا:   تسريب صوتي لرئيس قناة مصرية يهدِّد صحفية بالاغتصاب.. و"ماسبيرو" يتخذ موقفاً منه

لقد بدأ كل مدح تحظى به تركيا يتحول إلى رغبة وطلب في الديمقراطية. وعندما صور الفيلسوف الفرنسي مونسكيو في خطابات إيران “الاستبداد الشرقي”، كان في الواقع ينتقد بشكل غير مباشر الاستبداد الذي كان في بلده بشكل. حتى أنه في كثير من الأحيان يبالغ أكثر من اللازم في وصف استبداد الحكومة الإيرانية لأن ذلك كان يفيد في انتقاد الاستبداد المفرط في بلده. ذلك أن جميع تصوراته حول الاستبداد في إيران كان موجها كنقد للوضع القائم في فرنسا آنذاك (هذا بتفسير الفيلسوف الفرنسي الآخر ألتوسير). واليوم فإن مديح تركيا في الكثير من البلدان يشبه كثيرا انتقاد مونسكيو للاستبداد في إيران؛ إذ يتحول مدح تركيا إلى هجاء تلك البلدان. ولهذا السبب نجد دولا ووسائل إعلامية لا تطيق حتى سماع المديح بحق تركيا.

كانت القاهرة واحدة من المراكز التي تابعت باهتمام كبير الانتخابات التركية. ولا شك أن اهتمام الشعب المصري كان مختلفا تماما عن اهتمام الإعلام والنظام الانقلابي، كما هو الحال في العديد من الدول. فالشعب المصري اعتبر فوز أردوغان كفوز له، بل واستقبله كرياح لطيفة ومواسية هبت بلطف في ظل الأجواء القمعية التي يعيش بها منذ 5 سنوات. بيد أن الإعلام المصري واصل بإصرار شديد حتى اللحظة الأخيرة، وبشكل غير مفهوم، تقديم محرم إينجه على أنه الفائز في الانتخابات الرئاسية التركية، بطريقة أكثر عندا حتى من أنصار حزب الشعب الجمهوري ذاته. بل وتابعت وسائل الإعلام المصرية تبث الأمل في أن إينجه سيعلن الفائز في الانتخابات لاحقا بعد كشف التلاعب بنتيجة الانتخابات، وذلك حتى بعد أن فرزت الأصوات وقبل إينجه نفسه نتيجة الانتخابات.

اقرأ أيضًا:   تطورات الانتخابات الرئاسية التركية عقب الإعلان عن المرشحين

وإذا لزم أن نتوقف قليلا عن الحديث عن أحداث انتخاباتنا، فلعلنا نتذكر أن الانقلاب العسكري في مصر أكمل عامه الخامس؛ إذ كان وزير الدفاع آنذاك عبد الفتاح السيسي قد قاد انقلابا عسكريا يوم 3 يوليو/تموز 2013 ضد محمد مرسي، أول رئيس منتخب في تاريخ مصر، بعدما كان مرسي قد عينه بنفسه. فنزل جمع غفير من المدنيين السلميين العزل للاعتراض على ما حدث بعدما اعتبروا أن الانقلاب لم يكن شرعيا، فملأوا الميادين، إلا أن قوات الأمن قتلت 3000 آلاف منهم خلال يوم واحد. كما اعتقل نحو 100 ألف شخص، من بينهم الرئيس المنتخب نفسه، ولا يزال أكثر من 60 ألفا منهم محبوسين في أسوأ الظروف، ولم يعرض معظمهم حتى على المحكمة.

وكان السيسي، الذي لم يعجبه الدستور المعد في ظل حكم مرسي بمشاركة ديمقراطية بالكامل، قد مرر دستورا على حسب هواه لم يخضع لأي مشاركة ديمقراطية، واستغل هذا الدستور الجديد لإجراء انتخابات رئاسية شارك بها أقل من 10% من إجمالي الناخبين، لينصب نفسه رئيسا لمرتين بنسبة فوز بلغت 97-99%. استهدف نظام السيسي أولا الإخوان المسلمين، ثم بادر إلى تصفية جميع أطياف المعارضة. وبينما كان يقوم بكل ذلك دمر الاقتصاد وهدم الثقة والاستقرار والوحدة المجتمعية. فلا يوجد بمصر الآن أي بيئة صالحة للاستثمار ولا استقرار أو ثقة وقانون. وبطبيعة الحال فإن كل هذه الأشياء مرتبطة ببعضها البعض. لا يوجد برلمان يمثل مصالح الشعب يعمل بشكل صحي ويستطيع مراقبة السلطة التنفيذية ويعبر عن التنوع السياسي. كما ليس هناك أي نظام قانوني يستطيع الشعب اللجوء إلى لمواجهة ممارسات السيسي الذي صار كل شيء رهن إشارته.

اقرأ أيضًا:   تابعي يا تركيا و احملي راية الإسلام.. كل الشعوب العربية معك

وبالرغم من كل هذا لم نر أي انزعاج أو اعتراض أو حتى انتقاد جاد موجه من أوروبا أو أمريكا لما يحدث في مصر. فهذه هي الأنظمة التي يرتضونها لنا في بلدان العالم الإسلامي.

إن تركيا هي الدولة الإسلامية الوحيدة، على مستوى الحكومة، التي اعترضت على هذه الأوضاع التي تشهدها مصر وانتقدتها واتخذت التدابير حيالها في الوقت الذي تشعر فيه جميع الشعوب الإسلامية بالانزعاج بسببها. كما أنها، أي تركيا، تزعج بنموذجها الحالي مصر والأنظمة الداعمة لها، حتى وإن لم تنبس أنقرة ببنت شفة. وهذا هو السبب الحقيقي لمتابعة الانتخابات التركية في مصر باهتمام كبير.

لا شك أن الرابط بين الانقلاب في مصر والانتخابات في تركيا ليس عبارة عما سردنا فقط. ففي حقيقة الأمر، كان هناك مخطط لتنفيذ انقلاب في تركيا مماثل لانقلاب مصر. فالمجموعة التي شاركت في أحداث غيزي بارك رسمت ملامحها من المركز ذاته الذي دعم ظهور حركة تمرد في مصر، وذلك للحصول على النتائج ذاتها، فظهرت على الساحة بسيناريوهات مشابهة. فأدى هذا المخطط إلى نجاح الانقلاب في مصر وفشله في تركيا، ولو كان انقلاب تركيا قد نجح لكان النظام الذي ارتضوه لمصر الآن قائما في تركيا، فليس لدينا أدنى ذلك في هذا. وفي الواقع فإنهم لم يستسلموا بعد ذلك، بل حاولوا الوصول إلى الهدف ذاته تحت عباءات مختلفة من خلال أحداث 17-25 ديسمبر/كانون الأول و6-7 أكتوبر/تشرين الأول و7 يونيو/حزيران وأخيرا 15 يوليو/تموز.

لقد حصل الشعب المصري على أمل جديد يوم 24 يونيو/حزيران، وهو اليوم ذاته، للمصادفة الغريبة، الذي انتخب فيه مرسي عام 2012. وهذه المرة أينعت زهور ذلك الأمل لهذا الشعب المظلوم.

ياسين أكتاي – يني شفق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *