تعرف على عدو أردوغان اللدود “حامل إرث أتاتورك”
العدو اللدود للرئيس التركي رجب طيب أردوغان والحزب الحاكم “العدالة والتنمية”، والمدافع الشرس بلا هوادة عن علمانية الدولة التركية و”إرث” كمال مصطفى أتاتورك.
قال عنه أردوغان ذات يوم: “لو أعطيناه 5 خراف لأضاعها وعاد إلينا بدونها”.
خسر منذ تسلم رئاسة “حزب الشعب الجمهوري” تسع انتخابات في مواجهة “العدالة والتنمية” ما أثار اتهامات له بأنه يعمل على تأسيس وخلق “نظام ديكتاتوري” داخل الحزب، بحسب منافسه وخصمه في الحزب، محرم إنجه.
كمال كليتشدار (كليغدار) أوغلو، المولود في عام 1948 في بلدة ناظمية شرقي الأناضول لعائلة من الطائفة العلوية، تعود أصولها إلى خراسان في إيران، تقول مصادر إن اسم والده الأصلي هو “قمر خان” لكنه في عام 1950 غير كنيته من “خان” إلى كليغدار أوغلو.
تخرج كمال كليغدار من “أكاديمية أنقرة للدراسات الاقتصادية والتجارية” عام 1971، وعمل بعدها في مؤسسة الضمان الاجتماعي، وتولى مسؤولية إدارتها بين عامي 1997 و1999.
بدأ كليغدار نشاطه السياسي في عام 2002 بانضمامه إلى “حزب الشعب الجمهوري” أقدم الأحزاب السياسية التركية الذي أنشئ في عام 1923 على يد مصطفى كمال أتاتورك.
خاض كليغدار الانتخابات البرلمانية في عام 2002 وفي عام 2007، وفاز بعضوية البرلمان في الدائرة الثانية في إسطنبول.
ترشح لرئاسة بلدية إسطنبول الكبرى في الانتخابات المحلية في عام 2009، لكنه خسر المنصب لصالح مرشح “حزب العدالة والتنمية” رغم انتقادات ونكات ساخرة أطلقها الخصوم حول عدم معرفته عن المدينة، وجهله الذي لم يؤهله ليكون رئيس بلديتها، بل حتى أحد سكانها الذي سيجد صعوبة في التنقل بين أحيائها وشوارعها دون أن يضيع، بحسب خصومه.
وفي عام 2010، انتخبته الهيئة العامة لـ”حزب الشعب الجمهوري” رئيسا للحزب، بعد استقالة سلفه دينيز بايكال، ليصبح الزعيم السابع للحزب، وتولى كليغدار رئاسة الحزب في ظروف مثيرة للشبهة، بعد أكبر فضيحة سياسية هزت تركيا في عام 2010.
وحينها كان تسريب فيديو خاص بالرئيس السابق للحزب دينيز بايكال، يضمه وشريكته النائبة عن حزبه في أنقرة، نسرين بايتوك.
عقب هذه الأحداث تصدى كليغدار لمهام قيادة الحزب الجريح والمتهالك.
وقاد الحزب في معركة الانتخابات البرلمانية التي أجريت في عام 2011 فحل ثانيا، ونظرا لموقعه في الحزب، انتخب في عام 2012 نائبا لرئيس “الاشتراكية الدولية”.
وأعيد انتخاب كليغدار في عام 2014 رئيسا لـ”حزب الشعب”، فقاده إلى الانتخابات البرلمانية في عام 2015، ونال الحزب المركز الثاني في الجولتين، كما أعيد فيهما انتخابه لعضوية البرلمان.
وأعيد انتخابه رئيسا للحزب لفترة جديدة مدتها 4 سنوات، وذلك بعدما تمكن من التغلب على منافسه محرم إنجه.
علاقته بالأسد وإسرائيل
موقعه وضعه في مكان زعيم المعارضة التركية باعتباره رئيس أكبر أحزابها، وهو معروف داخليا بمواقفه المناهضة بشدة لـ”حزب العدالة والتنمية” وحكوماته المتعاقبة، كما أنه يعارض بقوة سياسات الحزب الخارجية في موضوع الانفتاح على الشرق الأوسط والعالم العربي.
وعلى المستوى الخارجي، يوصف كليغدار بأنه صديق للنظام السوري برئاسة بشار الأسد، وهو ما يرده مراقبون لخلفيته كون عائلته من الطائفية العلوية، وكون حزبه محسوب عموما على هذه الطائفة، كما أنه يعارض التدخل التركي في شؤون سوريا.
وأيضا انتقد قطع العلاقات مع “إسرائيل”، لأنها بحسب قوله تضر بتركيا. وتجمعه علاقة قوية بنظام الحكم في العراق وإيران.
موقفه من محاولة الانقلاب
وحين قامت قطاعات من الجيش التركي بمحاولة انقلابية لإسقاط نظام الحكم والاستيلاء على السلطة في عام 2016، وقف كليغدار ضد الانقلاب، وانتقد المشاركين فيه.
وفي صبيحة اليوم التالي للمحاولة، كان حاضرا بين زملائه في البرلمان لإعلان وقوفهم إلى جانب الشرعية الديمقراطية.
ورغم أن الحزب يصر على أنه “وريث أتاتورك”، فإن أردوغان يرى ترديد الحزب لهذه المقولة محاولة من الحزب “استغلال اسم أتاتورك”.
إذ قال أردوغان: “هناك فرق بين أتاتورك الذي يحظى بمحبة الأمة، ومفهوم الأتاتوركية، الذي تم صياغته بعد رحيل مؤسس الجمهورية (…) لقد انقطعت علاقة أتاتورك بالكامل مع الحزب اعتبارا من عام 1938 تاريخ وفاته”.
ولم يسبق أن ترشح كليغدار لانتخابات رئاسية مباشرة، وفضل في المرات السابقة دعم مرشحين آخرين رغم توليه منصب زعيم الحزب، ولا يتوقع أن يترشح مباشرة في الانتخابات المقبلة.
وعندما تولى كليغدار رئاسة الحزب، توقع أنصاره أن يعتلي سدة رئاسة الوزراء في تركيا خلال عامين، أو أن يجلس مكان أردوغان، لكن الفشل كان حليفه في كل مرة.
وكانت أول انتخابات خسرها كليغدار وحزبه الانتخابات البلدية، في عام 2009. تلتها مباشرة الخسارة الثانية له في الاستفتاء الذي نظم عام 2010. والهزيمة الثالثة كانت الانتخابات التشريعية في عام 2011.
وتوالت الخسائر فكانت الرابعة في الانتخابات البلدية في عام 2014. ثم في الانتخابات الرئاسية التي عقدت في عام 2014، حيث خسر المرشح عن الحزب السباق الرئاسي.
وعاد الحزب تحت رئاسة كليغدار وخسر الانتخابات للمرة السادسة في الانتخابات التشريعية في عام 2015. وخسر الحزب الانتخابات البلدية التي جرت في العام ذاته.
ورفض الاعتراف بخسارته في الاستفتاء الذي جرى في عام 2017.
وكانت انتخابات حزيران/ يونيو الماضي، الانتخابات التاسعة التي يدخلها “حزب الشعب الجمهوري” تحت قيادة كليغدار.
ولا يبدو أن الحزب قد تعلم أي درس من خسائره المتكررة أمام “العدالة والتنمية”. وهو ما دفع الكاتب التركي أحمد هاكان إلى القول في صحيفة “حرييت” التركية، إن كليغدار سيعيد بعد خسارة الانتخابات العاشرة التصريحات ذاتها التي أدلى بها بعد خسارته في أول انتخابات شارك فيها حزبه، وحتى في الانتخابات الحادية عشرة سيلجأ للخطاب ذاته.
كليغدار ما يزال يجلس على كرسي الزعامة في الحزب رغم حالة الغضب التي تسيطر على أعضاء الحزب وناخبيه.
وكانت الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي جرت في حزيران/ يونيو الماضي وأسفرت عن فوز أردوغان بولاية جديدة، “القشة التي قصمت ظهر الحزب”، فقد تصاعدت بعدها الخلافات في صفوف الحزب، ما دفع مرشح الرئاسة عن الحزب محرم إنجه، الطلب من كليغدار عقد مؤتمر طارئ للحزب، وإعلانه رئيسا، على أن يبقى الأخير “رئيسا فخريا” له.
حتى أن صحفيا في صحيفة “سوزجو” التركية والمقرب من “حزب الشعب الجمهوري” يلماز أوزدمير، نشر مقالا طالب فيه أردوغان، أن يتدخل لعزل كليغدار من رئاسة الحزب، أو تضع الدولة يدها على الحزب، وسيكون راض عن ذلك ولن يعترض.
بريق كليغدار بدأ يخفت، فالرجل بلا أي مشروع سياسي، ما يتقنه هو الهجوم الشخصي على أردوغان، ما تسبب في خسارة إضافية له حين أدانته محكمة بتهمة إهانة أردوغان، والتشهير بالرئيس وأسرته، فيما يتعلق بمزاعم عن تحويلات نقدية دولية خارج البلاد.
وفتحت السلطات تحقيقا بشأن كليغدار، بعد أن نشر رسما كاريكاتيريا على مواقع التواصل الاجتماعي يصور وجه أردوغان على أشكال عدة حيوانات، ويحمل الرسم تعليقا يقول “أرض طيب”.
رئيس حزب الشعب الجمهوري يستغل جهود الناخبين المؤيدين للحزب لتلميع صورته السياسية، لكن خسائره المتتالية ورفضه تحمل مسؤولية الهزائم المتواصلة قد يدفع الحزب نحو مزيد الانكفاء والتفكك، فحالة السخط لدى مؤيدي الحزب شرارة للحريق الكبير.
المصدر: عربي21