شراب أرجيفيت الأصلي لزيادة طول الأطفال

كيف يمكن لتركيا إدارة الأزمة مع أميركا بشكل أفضل؟

ستايل تورك | أرخص أسعار للمنتجات التركية في العالم

تستعد تركيا لجولة جديدة من المناوشات مع الولايات المتّحدة الأميركية على خلفيّة ملف القس أندرو برونسون الذي يحاكم بتهم خطيرة تتعلق بالإرهاب والمساس بالأمن القومي التركي.
وبالرغم من أنّ السلطات التركية استطاعت مؤخرا احتواء أزمة الليرة الى حدّ ما، وإبطاء التراجع السريع في قيمتها بفعل إجراءات داخلية وأخرى خارجية، إلاّ أنّ الأزمة في العلاقة مع الولايات المتّحدة لا تزال قائمة، وتهدّد باشعال المعركة مجدداً، لاسيما على خلفية التصريحات التي أدلى بها مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، ورد الناطق باسم رئاسة الجمهورية إبراهيم كالين عليها.

وفي حين يسعى الجانب التركي الى حل الأزمة من خلال الحوار والدبلوماسية، يبدو الجانب الأميركي مصرّا على استغلالها لتحقيق مكاسب سياسية داخلية تتعلّق بالانتخابات النصفية المنتظرة في نوفمبر القادم. ومن المعلوم انّ إدارة أي أزمة يساعد الى حد بعيد في تحديد المسار المستقبلي للأحداث والنتائج المرتبطة بها كذلك. وفي هذا السياق، يمكن القول انّه كان بإمكان تركيا إدارة الازمة الأخيرة بشكل أفضل، من خلال:

– أولا: الاعتراف بأنّ هناك وجهين للأزمة، وجه يتعلّق بالوضع الداخلي، والآخر يتعلق بالمعركة مع الولايات المتّحدة و«الحرب الاقتصادية» ضد أنقرة.

اقرأ أيضًا:   تعرّف على “عُقاب”.. منصة الإطلاق التركية بتقنية التحكم عن بعد

حتى الآن يوجد شبه إنكار للشق الأوّل من الأزّمة، علماً أنّه لا يعيب تركيا أن يواجه اقتصادها تحدّيات أو صعوبات في أي مرحلة من المراحل، طالما أنّ الهدف النهائي هو تحقيق التعافي الاقتصادي والخروج من الأزمة. فالاقتصاد التركي مثله مثل باقي الاقتصادات القوّية في العالم من الممكن ان يشهد بعض التحديات والمصاعب وأن يتراجع بعد تقدّم، ليعود للتقدم مجدداً. وإيضاح مثل هذا الأمر للجمهور من شأنه ان يعزز من شفافية الحكم ويزيل جزءًا كبيراً من حالة الغموض التي يتم استغلالها لتكثيف الحرب الاقتصادية ضد البلاد، كما من شأنه أن يعزز من مصداقية السلطات ويتيح لها خيارات أكبر في التعامل مع الأزمة مستقبلاً. وإخفاء هذا الوجه قد يضع السلطات في ورطة مستقبلاً، خاصة إذا حُلّت الأزمة مع الولايات المتّحدة وبقي الاقتصاد التركي يعاني.

– ثانياً: تسريع عملية محاكمة القس الأميركي

لا يوجد أدنى شك بأنّ الاتهامات الخطيرة الموجّهة لبرونسون تجعل من المحاكمة عملية معقدّة، بيد أنّ الوجه السلبي في امتداد فترة المحاكمة يكمن في إعطاء الجانب الأميركي الذريعة اللازمة لاستهداف أنقرة، فكلما طالت المدّة دون صدور قرار -بتبرئة أو إدانة المتّهم-، أعطى ذلك الفرصة لواشنطن بتشديد الضغط وإملاء الشروط في محاولة لإخراجه.

اقرأ أيضًا:   أردوغان: لا بدّ من تقديم دستور مدني يصون الحريات

تسريع عملية المحاكمة وإصدار حكم بحقّه من شأنه ان يسرّع من عملية المقايضة -حال وجودها-، على اعتبار أنّه سيكون بإمكان السلطة السياسية التدخل حينها لتطبيق اتفاقات تبادل المطلوبين أو المحكومين، أو ربما إتاحة إمكانية العفو عن المتّهم مع حفظ ماء الوجه.

– ثالثا: تشكيل خلية أزمة للتعامل مع الوضع

عادة ما يعطي قرار تشكيل خليّة أزمة الانطباع بإيلاء السلطات الاهمية اللازمة للموضوع في إطار البحث عن الحلول الممكنة. وفي هذا السياق، كان لافتاً للانتباه عدم قيام السلطات التركية بمثل هذا الأمر في الوقت الذي كان من الممكن لمثل هذه الخلية ان تقوم بتوزيع الأدوار والمسؤوليات، وأن تستفيد من الطاقات والخبرات الوطنية المتاحة، وأن تعمل على مخاطبة الداخل والخارج بشكل أفضل وأكثر كفاءة وفعالية من الشكل الذي تمّ اتّباعه، والذي غلب عليه طابع العشوائية وردّة الفعل، وتداخل الصلاحيات والمسؤوليات، بالإضافة الى الاستفادة من الطاقات والخبرات المتاحة.

وبالرغم من انّ الولاء السياسي يبقى مهماً، فانّ ذلك يجب الا يكون على حساب أهل الكفاءة والاختصاص الذين تزداد أهمّيتهم والحاجة إليهم وقت الأزمات والمحن.

اقرأ أيضًا:   معاهدة لوزان.. تعرّف على أبرز بنود وثيقة استقلال تركيا قبل 99 عاماً

– رابعا: التخفيف من وتيرة الخطاب الشعبوي

يلاحظ البعض مؤخراً تسارعاً في وتيرة الخطابات الشعبوية، وبالرغم من انّ مثل هذا الأمر ليس حكرا على تركيا، وعادة ما يتم توظيفه في كل البلدان، بما في ذلك البلدان الغربيّة المتقدمة كالولايات المتّحدة وأوروبا، الا انّ المفارقة ان ليس هناك استحقاقات داخلية حالياً تبرر ارتفاع وتيرة الخطاب الاستهلاكي او الشعبوي. ربما يرى البعض بأنّ المراد من هذا السلوك هو حشد الجمهور التركي ضد السياسة الاميركية المرفوضة، وهذا أمر ممكن ومشروع بطبيعة الحال، لكن من المهم بمكان أن يعي الجانب التركي أيضاً بأنّ الخطاب الداخلي لم يعد داخلياً منذ فترة طويلة، وإنما بات يحظى باهتمام موازٍ في الخارج إقليمياً ودولياً، ويتم نقله وفهمه في نفس الوقت على أنه موجّه للخارج. أدّى مثل هذا النمط الى فهم خاطئ لطبيعة سلوك القادة الاتراك واهداف السياسة الخارجية التركية، وهو ما يعقّد من عمل الدبلوماسية التركية ويؤدي الى الإضرار بالمصالح التركية.

د. علي حسين باكير – صحيفة القبس الإلكتروني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *