حمزة تكين: الدعم القطري أوقف انخفاض الليرة التركية
أكد حمزة تكين المحلل السياسي التركي، أن الدعم القطري البالغ 15 مليار دولار للاقتصاد التركي أوقف انخفاض الليرة، لافتاً إلى أن الاختيارات السياسية القطرية تتسم ببعد استراتيجي متميز، وكشف في حواره مع “الشرق” عن استخدام تركيا جميع الأوراق لوقف الحرب على إدلب، مشيراً إلى أن أنقرة بدأت عملية تنمية إدلب واقامة ادارة محلية مدنية.
كما كشف عن مخطط النظام المصري لإرسال قوات إلى إدلب بهدف ضرب استقرار تركيا، مضيفا أن وسائل اعلام كشفت دعم أبوظبي للمليشيات الارهابية في شمال سوريا.
وطالب تكين الجماعات المسلحة في إدلب بالانخراط في اتفاق سوتشي، مؤكداً أن روسيا لن تستغني عن علاقتها بتركيا من أجل عيون النظام السوري.
وشدد على أن العلاقات الأمريكية التركية استراتيجية. وأشار إلى أن تسليم القس سيكون بمقابل كبير، ملمحا إلى أنه عنصر مخابراتي وكان حلقة بين جماعة فتح الله كولن والتنظيمات الكردية.
وإلى نص الحوار..
كيف تقيم ضخ قطر الشهر الماضي 15 مليار دولار دعماً للاقتصاد التركي؟
في الحقيقة، ان ضخ 55 مليار ريال قطري «15 مليار دولار أمريكي» على شكل حزمة من المشاريع الاقتصادية والاستثمارات والودائع، دعما للاقتصاد التركي؛ أنعش الليرة وأنقذها من الانخفاض مقابل الدولار.. وفي تقديري هذا الموقف جاء تعبيراً عن مساندة قطر لتركيا في المواجهة التي تخوضها نيابة عن الشعوب، وأن هذا الدعم يجسد معاني الأخوة والصداقة أولا، والصدق في العلاقات الثنائية ثانيا.
كما أن هذا الدعم القطري يأتي في سياق الدعم الأكبر المتواصل من الشعوب والعربية والإسلامية، وعدد من حكوماتهم لتركيا وشعبها.
علماً بأن زيارة حضرة صاحب السمو، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، كانت خطوة إضافية في بناء العلاقات المتينة بين تركيا وقطر.
ونحن من جهتنا ننتظر إيجابيات ونتائج هذه الخطوة في المرحلة القادمة، التي تثبت بما لا يدع مجالا للشك سداد الاختيارات السياسية والدبلوماسية لدولة قطر، وهي اختيارات دائما تتسم ببعد استراتيجي متميز، يحقق النفع والمصالح المشتركة للبلدين، وشعبيهما الشقيقين.
الملف السوري
على صعيد الملف السوري.. هل أسهمت تركيا بالفعل في وقف الحرب على إدلب؟
بداية، يجب أن نعلم أن موقف تركيا واضح منذ اليوم الأول للثورة السورية، فهي مع حق الشعب السوري في اختيار من يريد أن يحكمه، ومع ضرورة رحيل النظام، وتولي من يختاره السوريون، وبالتالي فإن جميع أفعال تركيا السابقة واللاحقة تعبر عن هذا الموقف.
فيما يخص ادلب، نعم استطاعت تركيا أن توقف الحرب عليها، من خلال استخدام جميع أوراق الضغط لوقف التصعيد، وهذا ما أعلنه الرئيس التركي عقب مقابلته للرئيس الروسي أن تركيا لن تقف مكتوفة الأيدي ازاء ما سيحدث في ادلب، وهو ما اعتبر رسالة واضحة لكل من اراد أن يفتك بسكان المحافظة.
وفي الحقيقة، هذه الرسالة التي اعلنها الرئيس اردوغان، عبرت عن موقف تركيا بشكل واضح في رفض العدوان على ادلب، الذي كان سيخلف الآلاف من القتلى والجرحى والمشردين، والداعم لأن يعبر الشعب السوري بالطرق السلمية عن مطالبه ومواقفه.
في المقابل التزم العالم الغربي بالصمت، وترقب لحظة شن الهجوم، فيما اعتبر هذا الأمر ضوءا أخضر وموافقة ضمنية منه ومن بعض الدول العربية بشن الحرب.
هل دافع أنقرة في وقف الحرب على إدلب جاء للحفاظ على أمنها القومي فقط، أو لرؤيتها الداعمة للاستقرار في سوريا، أو الاثنين معاً؟
الاثنان معاً، فتركيا مع تطلعات الشعب السوري، واستقرار أراضيه، وأيضا مع حماية أمنها القومي، لأن الاستقرار في سوريا مرتبط بشكل عضوي بالأمن القومي التركي، واستشهد على ذلك بما قاله البروفسور نجم الدين أربكان عندما قال: عندما ترون أزمة في سوريا فاعلموا أن الهدف تركيا.. بما يعني أن مخطط تقسيم سوريا يفتح الباب لتقسيم تركيا ودول أخرى في المنطقة، والدليل على ذلك دعم الولايات المتحدة وبعض الدول العربية لتنظيم الوحدات الشعبية الكردية لإقامة دويلة كردية على الحدود التركية. علماً أن تركيا الدولة الوحيدة التي تضررت بالأزمة السورية سياسياً واقتصادياً وعسكرياً.
تآمر عربي
ما الدول العربية التي تحاول زعزعة الاستقرار التركي؟
هذه الدول معروفة للجميع، فهي التي وقفت ضد الربيع العربي، وشكلت ثورات مضادة لمقاومة ثورات الشعوب.
هذه الدول التي لا تريد أي نموذج إسلامي ديمقراطي في المنطقة، وهي التي تحاول بكل ما تملك زعزعة الاستقرار في تركيا، وأسهمت ودعمت المحاولة الانقلابية الفاشلة، كجزء من خطتها المتمثلة في إسقاط أي تجربة إسلامية ناجحة في المنطقة، كما حدث في مصر.
فالنظام المصري مثلا، الذي انقلب على الديمقراطية لا يريد الاستقرار لسوريا وتركيا، وكان يخطط لإرسال قوات في إدلب لقتل الشعب السوري، وزعزعة الاستقرار التركي، كما أن وسائل إعلام كشفت أن إمارة أبوظبي دعمت الثورة المضادة وعدم الاستقرار في سوريا، من خلال ارسال أموال طائلة للمليشيات الارهابية في شمال سوريا، ومن ثّم تهديد الأمن القومي التركي.
صف لنا الأوضاع الحالية في إدلب؟
لا شك أن اتفاق سوتشي كان انتصارا دبلوماسيا لتركيا وللقوى السورية المعتدلة، خاصة أنه جنب 5 ملايين سوري في إدلب القتل، وحمى الأمن القومي التركي، وقطع الطريق على التنظيمات الارهابية في الشمال السوري، ومهد لعملية اعمار إدلب وبداية تنميتها واحلال الاستقرار فيها، كما حدث في مناطق درع الفرات وعفرين.
والآن بدأت تركيا في احصاء المرضى والمحتاجين في إدلب لتقديم المساعدة لهم، كما بدأت في ترميم المقرات كالمستشفيات والمدارس وتمهيد الطرق، بهدف عودة الحياة لطبيعتها.
ماذا عن التنظيمات المسلحة الرافضة لمسار استانا واتفاق سوتشي؟
هذه التنظيمات الموجودة في إدلب والموضوعة في قائمة الإرهاب، يجب عليها أن تسارع بالانخراط في اتفاق سوتشي، لتجنيب سكان المدينة أي عدوان عليها، خاصة أن النظام السوري دائما ما يتذرع بوجودهم لشن الحرب على المدينة.
تركيا وروسيا
لكن ما الذي جعل روسيا تستجيب لموقف تركيا؟
روسيا لن تضحي بعلاقاتها بتركيا، من أجعل عيون النظام السوري، فالعلاقات التركية الروسية استراتيجية، وبالتالي أعتقد أن الاتفاق بين تركيا وروسيا سيستمر، وستتولى الأخيرة المحافظة وحماية المنطقة العازلة خارج ادلب، وتركيا من جهتها تتولى المهمة الامنية والتنموية داخل المحافظة، والمساعدة لإقامة ادارة محلية مدنية، وذلك بالتنسيق مع الجيش الحر والجبهة الوطنية.
هل الاتفاق التركي الروسي أسهم في عودة الأوضاع في إدلب إلى ما قبل 2013؟
نعم، فنحن الآن نشهد التظاهرات والفعاليات على الأرض ومواقع التواصل الاجتماعي الرافضة للنظام السوري في عموم إدلب، ورافعة شعارات الثورة التي بدأت في 2011.. وأعتقد أن هذا الأمر سيشمل جميع الأراضي السورية في وقت قريب.
القس الأمريكي
إلى أين وصلت العلاقات التركية الأمريكية على ضوء أزمة القس المتهم بالتجسس؟
العلاقات التركية الأمريكية إستراتيجية، وتركيا من جهتها لن تفرط في هذه العلاقات، لكن في الوقت ذاته فإن تركيا الجديدة تريد أن تكون هذه العلاقات قائمة على ندية، بحيث لا تكون أنقرة تابعة لواشنطن.
فتركيا الآن مستقلة بقرارها السياسي والاقتصادي والعسكري، وهي تصنع 65% من احتياجاتها العسكرية، وبالتالي لا تحتاج لمن يدعمها سواء أكانت الولايات المتحدة أو أي دولة أخرى.
كما أن تركيا الإسلامية ترفض أي جهة تعترض على مساعدتها ووقوفها مع أمتها وشعوبها.
عنصر مخابراتي
أخيراً، هل ستسلم تركيا القس للولايات المتحدة؟
تركيا لا تريد إبقاء القس في أراضيها، وفي النهاية ربما تسلمه.. لكن تسليمه سيكون على قاعدة الندية، وليس نتيجة للضغوط الأمريكية عليها، خاصة انه ليس مجرد قس، وإنما عنصر مخابراتي، وكان حلقة الوصل بين جماعة فتح الله كولن والتنظيمات الكردية الإرهابية، وبالتالي سيكون تسليمه بمقابل كبير.
بوابة الشرق