تعرّف على “فطيرة جويقلي” التي أوصى السلطان “سليم الأول” بتناولها و أصدر فرمانًا بذلك
تبقى فطيرة “جويقلي”، أحد أبرز رموز قضاء “دوالي” بولاية قيصري، وسط تركيا، ويندر زيارة المنطقة دون تناولها.
و”جويقلي” هي أكلة لها تاريخ طويل يمتد إلى زمن السلطان العثماني سليم الأول الذي أصدر فرمانا يمدح فيه تلك الفطيرة.
وأخذت الفطيرة اسمها من كلمة “جويق – Cıvık” أي الذائب، وذلك لذوبان اللحم القاسي نتيجة ضربات السكين، وعزله عن دهنه، ليصبح في غاية الطراوة.
ويُشتهر قضاء “دوالي” بقيصري المعروفة بتنوع مأكولاتها، بتلك الفطيرة، لدرجة أنها باتت تُذكر مقرونة باسم القضاء (جويقلي دوالي – Develi cıvıklısı)، الأمر الذي انعكس إيجابا على عمل أصحاب الأفران هناك، نظرا لكون الفطيرة تصنع في الفرن.
وفي عام 2008، اعتمدت هيئة براءات الاختراع والعلامات التجارية التركية، قرارا بأن الفطيرة صناعة تركية خالصة، وخاصة بقضاء “دوالي”.
وتُصنع الفطيرة من لحوم الأغنام والعجول التي تربى في منحدرات جبل “أرجياس” الشهير بولاية قيصري. وعقب ذبح الحيوان يتم ترك لحمه ليوم كامل، لكي تأخذ حالتها الطبيعية اللازمة لصنع الفطيرة.
ولاحقا يتم تأمين القمح المطحون الذي تم حصاده من أراضي المنطقة نفسها، ليتم تحضير العجين بشكل طازج.
ويوضع اللحم فوق العجين ويضاف إليه كميات معينة من الطماطم والفليفلة، ليوضع بعدها في الفرن.
ويروى أنه خلال عهد السلطان العثماني سليم الأول والملقب بـ”ياووز سليم” (حكم الدولة العثمانية في الفترة بين عامي 1512-1520م)، أصدر فرمانا في مدح فطيرة “جويقلي”، والنصيحة بأكلها لما فيها من شفاء.
وورد في الفرمان: “فليكن شفاء وعافية لآكليها. وليرزق بأكلها من لم يأكلها. ولتشتهر دوالي بها. والحمد لله الذي وهبنا هذه النعم كلها”.
ومنذ ذلك الحين وحتى الوقت الحاضر، يستمر أهالي قضاء “دوالي” بصناعة فطيرة “جويقلي”، إلى أن تحقق مراد الفرمان واشتتهر القضاء بها في سائر الولايات التركية الأخرى.
يقول أحمد طوقلو أوغلو، في حديثه للأناضول، إنه يعمل في صناعة فطيرة “دوالي” منذ 30 عاما، وإنه واحدا من بين 22 فرانا يصنعون الفطيرة المحلية.
وأوضح أن صنع الفطيرة يتطلب مهارة خاصة، لأن كل مرحلة من مراحل صنعها تتطلب غاية في الدقة، ومن غير المقبول حدوث أي خطأ خلال التحضير.
وحول طريقة صنع الفطيرة، قال “طوقلو أوغلو”: “الفطيرة لا تقبل العجين الحامض أو اللحم غير الطازج. ويشترط أن يتم طهوها في فرن حجري يعمل على الحطب لا الكهرباء”.
وتابع قائلا: “اللحم الذي نستخدمه في الفطيرة، نقوم بتأمينه من الأغنام والعجول التي نربيها في منحدرات جبل أرجياس. ونتركها على حالها ليوم واحد قبل عجنها. ولا نضيف إلى اللحم أية نوع من البهارات. وبعد وضع اللحم فوق العجين، نضيف إليه الطماطم والفليفلة ثم نودعها في الفرن”.
من جهته، قال رئيس بلدية قضاء “دوالي”، محمد جبار، إن القضاء يعتبر فسيفساء اجتماعيا وثقافيا ثريا، حيث عاش فيه الأتراك، والرومان والأرمن.
وأوضح أن فطيرة “جويقلي” تعكس ثقافة مأكل ومشرب القضاء، لافتا إلى أن صدور فرمان بحقها، مسجل لديهم بالوثائق الرسمية.