لماذا لم يتهم أردوغان السعودية باختفاء خاشقجي؟
شرت صحيفة “التايمز” مقالا تحليليا لمراسلها ريتشارد سبنسر، يقول فيه إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يملك اليد العليا في الأزمة التي يواجهها على خلفية اختفاء الصحافي السعودي جمال خاشقجي.
ويجد الكاتب في مقاله، الذي ترجمته “عربي21″، أن “اختفاء الصحافي البارز يحمل خيوط المؤامرة، والجنائزية والعداء الشخصي، والمنافسة السياسية، لكنه يفتقد لعنصر رئيسي واحد، وهو تحقيق الشرطة، أو على الأقل الاعتراف بأن جريمة ارتكبت”.
ويقول سبنسر إن “الرئيس أردوغان ومستشاريه بدوا غامضين، وبشكل مقصود، وأحيانا يؤكدون أن خاشقجي قتل على يد فرقة اغتيال سعودية، وفي بعض الأحيان يؤكدون أن القصة معقدة”.
ويستدرك الكاتب بأنه “رغم ظهور خيوط التحقيق الجنائي من خلال التسريبات التي تنسب إلى مسؤولين أتراك، دون الكشف عن أسمائهم، إلا أن الشرطة لم تصدر بعد بيانا أو تأكيدا للتفاصيل التي ظهرت في الإعلام، ولم تتهم الحكومة التركية السعودية بعد باختطاف خاشقجي أو اغتياله، وهو ما قاله مستشار أردوغان، ياسين أقطاي، الذي اتصلت به خطيبة خاشقجي خديجة جنكيز، التي انتظرت أمام القنصلية، واتصلت به أولا بعد فشل خطيبها في الخروج منها”.
ويشير سبنسر إلى أن أردوغان لا يزال يأمل في بقاء خاشقجي على قيد الحياة، دون أن يقول إن هذا هو أمل المؤمن، أو بأنه قائم على معلومات داخلية، لافتا إلى أن “تركيا لديها سجلها في اعتقال الصحافيين واحتجازهم، ولهذا فهي مترددة في توجيه أصابع الاتهام بشكل مؤكد”.
ويرى الكاتب أن “الشك قائم، وفي رمال الشرق الأوسط المتحركة، فلربما كان أردوغان يفكر في طريقة تكتيكية، فلديه طموحاته الإقليمية، ومشكلة كردية، وقوات تقاتل في العراق وسوريا حزب العمال الكردستاني (بي كي كي) أو فروعه، وعلاوة على هذا كله فهو يريد أن يكون نموذجا للقيادة السنية، وفي هذه المعركة فقد وقف إلى جانب الإخوان المسلمين وقطر في حربها للأنظمة الأتوقراطية والملكيات المطلقة في كل من الإمارات العربية المتحدة والسعودية، ومن خلال منع النيران من الاشتعال، وعدم الكشف عن المعلومات الحقيقية، فربما كانت تركيا تأمل بموقف مشترك مع السعودية إن جاءت بتوضيحات تتعلق باختفاء خاشقجي وما حدث له مقابل تنازلات من الجانب السعودي”.
ويعلق سبنسر قائلا إن “الحلفاء الغربيين سيشعرون بالتشتت، فهم يريدون معرفة ما حدث لخاشقجي، لكنهم سيشعرون بالارتياح لو تم التوصل إلى صفقة تحفظ ماء الطرفين، إلا أن الكشف عن أسماء المنفذين يجعل من عملية التوصل إلى صفقة كهذه صعبة”.
ويعتقد الكاتب أن “تصريح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنه يريد دعوة خطيبة خاشقجي إلى البيت الأبيض؛ ليفهم منها ما حدث، يعد توبيخا لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي اعتبره حليفا في السابق، وقال ترامب إنه تحدث مع القيادة السعودية أكثر من مرة، ووصف الوضع بالخطير بالنسبة للبيت الأبيض، وتأكد بشكل منفصل من قيام كل من وزير الخارجية مايك بومبيو ومستشار الأمن القومي جون بولتون ومستشار ترامب وصهره جارد كوشنر بالحديث مع القيادة السعودية”.
وتلفت الصحيفة إلى أن 22 سيناتورا وقعوا ليلة أمس رسالة قد تؤدي إلى فرض عقوبات على مسؤولين سعوديين كبار، مشيرة إلى أن صحفا تركية نشرت أسماء 15 عميلا سعوديا، زعمت أنهم شاركوا في قتل خاشقجي، فيما ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” أن رسائل استخباراتية تم الحصول عليها تشير إلى خطط السعوديين لإلقاء القبض على خاشقجي.
ويفيد سبنسر بأن تقريرا أشار إلى اعتقاد المخابرات البريطانية “أم آي6” أن العملاء السعوديين حاولوا تخدير خاشقجي قبل القبض عليه، لافتا إلى أن السلطات التركية لم تنف أو تؤكد سيل المعلومات التي تفصل دخول العملاء وأسماءهم.
ويختم الكاتب مقاله بالإشارة إلى أنه تمت مطابقة أسماء بعض العملاء بصورهم، وكان أحدهم مدير دائرة الطب الجنائي في وزارة الداخلية السعودية، فيما ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” أن طبيبا شرعيا كان مع فرقة الاغتيال للمساعدة في تقطيع جثة خاشقجي، وكان أحد المشاركين محلقا في سفارة السعودية في لندن.
المصدر: عربي21