الكتاب “الأمازيغي” يدخل بقوة سوق النشر بالجزائر
يشهد معرض الكتاب بالجزائر، حضورا لافتا للكتاب الأمازيغي عند دور نشر محلية مشاركة في طبعته الـ23 الجارية حاليا، حيث يرى مختصون أنّ ترسيم الأمازيغية لغة وطنية رسمية إلى جانب العربية كان لها أثر إيجابي على حركية نشر الكتاب الأمازيغي في البلاد.
وخلال افتتاحه معرض الكتاب، في 29 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، دعا رئيس الوزراء أحمد أويحيى، إلى ضرورة توزيع الكتاب باللغة الأمازيغية، وتوفيره في المكتبات عبر البلاد.
وأصبحت الأمازيغية، لغة رسمية في الجزائر، في 7 فبراير/شباط 2016، عقب تبني البرلمان بغالبية ساحقة مراجعة دستورية تنص على اعتبار الأمازيغية لغة وطنية ورسمية إلى جانب اللغة العربية.
وخلال جولة لـ”الأناضول”، بين أجنحة معرض الكتاب المقام بعاصمة البلاد، استطلعت آراء ناشرين ومؤلفين حول مدى حضور الكتاب الأمازيغي في المعرض، وخارطة نشر الكتب في الجزائر بعد ترسيم الأمازيغية لغة وطنية ورسمية.
** الكتاب الأمازيغي في معرض الكتاب.. حضور متزايد
وقال الطاهر بوخنوفة، مترجم بالمحافظة السامية للأمازيغية (تابعة للرئاسة)، إنّ “حضور الكتاب الأمازيغي في تزايد مستمر في معرض الكتاب كل سنة، وفي خارطة النشر بصفة عامة في البلاد”.
وأضاف بوخنوفة، للأناضول، أنّ “المحافظة السامية للأمازيغية، تشارك للمرة العاشرة في المعرض، وكل سنة يعرف جناحها توسعا، وهذا دليل على أنّ مساحة الكتاب الأمازيغي تزيد”.
وأشار إلى أنّ عدّة دور نشر أخرى بدأت تهتم بالكتاب المكتوب بالأمازيغية أو المترجم من اللغة العربية إلى الأمازيغية، عقب ترسيمها لغة وطنية، وبسبب ظهور قراء جدد كطلبة الجامعات والمدارس والثانويات.
وتابع “الكتاب الأمازيغي، توسع ليشمل الكتب المدرسية والجامعية وكتب التخصصات بعد إقرار تدريس الأمازيغية في مدارس وجامعات البلاد”.
ولفت المتحدث إلى أنّ الطلب على الكتاب الأمازيغي في السنتين الأخيرتين بدأ يتزايد عليه باعتبار أنّ تدريس الأمازيغية أخذ في التوسع في محافظات عدّة عبر الوطن غير الناطقة باللغة الأمازيغية.
وأوضح أنّ آلاف طلبة اللغة الأمازيغية يتخرجون كل عام، من المعاهد والجامعات وعليه ارتفع الطلب على كتب التخصصات مثل اللسانيات والمعاجم، إلى جانب اهتمام تلاميذ المدارس الابتدائية والمتوسط والثانوي بالكتاب الأمازيغي، وتحديدا بالكتاب الشبه مدرسي لتعم هذه اللغة.
وأكدّ بوخنوفة، أنّه يمكن اليوم القول أنّ الأمازيغية لغة صاعدة، والإنتاج الأدبي والعلمي يشهدان تطورا لافتا.
بدورها، قالت إيمان علال، مديرة منشورات “داليمان” (خاصة) للأناضول، إنّ الكتاب الأمازيغي حاضر بصورة ملفتة في معرض الكتاب إلى جانب بقية أنواع الكتب الأخرى سواء المكتوبة بالعربية أو بالفرنسية والإنجليزية.
وأردفت مديرة “داليمان”، أنّ “خط منشوراتها يقوم على إنتاج كتب التراث الجزائري، بما في ذلك نشر الكتاب الذي يروج للثقافة الأمازيغية، والتراث القبائلي، الذي يُعدّ جزء لا يتجزأ من الثقافة والتقاليد في الجزائر”.
واعتبرت أنّ قرار ترسيم الأمازيغية لغة وطنية، عاد إيجابا على حركية نشر الكتاب الأمازيغي، بدليل توفر العديد منه عند بعض دور النشر الجزائرية في المعرض.
** حركية نشر الكتاب الأمازيغي أمامها مشوار طويل
من جهته، أوضح كريم شيخ، مدير منشورات “أبيك” (خاصة)، أنّ الكتاب باللغة الأمازيغية يتزايد، ولكن لا يعني أنّ حركية نشر هذا الكتاب تطورت كثيرا، بل لا تزال في بداية الطريق.
وقال “شيخ”، في لقاء مع الأناضول، “الكتاب الأمازيغي ما يزال جديدا وأمامه مشوار طويل لاحتلال مكانة مهمة سواء في معرض الكتاب، أو في خارطة النشر والمكتبات الجزائرية مستقبلا”.
وتابع “ترسيم الأمازيغية لغة وطنية حديث، والتعامل معها لتدريسها وتعلّمها من طرف التلاميذ يحتاج إلى وقت طويل، وعمل جدي من طرف أكاديمية اللغة الأمازيغية (يرتقب إنشاؤها قبل نهاية 2018 بحسب تصريحات رسمية)، ووزارتي التربية الوطنية والتعليم العالي”.
ويعتقد الكاتب هواري زكريا، أنّ قرار ترسيم الأمازيغية لغة وطنية إلى جانب العربية، أعطى دفعا لحركية نشر الكتاب الأمازيغي في الجزائر.
وقال زكريا، للأناضول، إنّ “الملاحظ في معرض الجزائر الدولي للكتاب وجود العديد من المؤلفات باللغة الأمازيغية التي تهتم بمواضيع شتى”.
وأضاف “لا أذكر العناوين جيدا، ولكنني شاهدت على رفوف بعض دور النشر كتبا بالأمازيغية، بعضها مكتوب بحروف التفينياغ (الأبجدية الأمازيغية)، وبعضها بالحرف اللاتيني”.
وتابع المتحدث، “مثلا مررت على منشورات الأمل، ووجدت كتبا مثل المعاجم والقواميس مترجمة من العربية إلى الأمازيغية والعكس صحيح، وهذا في اعتقادي طفرة حققها الكتاب الأمازيغي في المعرض”.
تعتبر الأمازيغية اللغة الرئيسية في التعاملات اليومية لسكان منطقة القبائل الكبرى في الجزائر، التي تضم محافظات عدة شرق العاصمة، وينقسمون، وفق باحثين، إلى مجموعات منفصلة جغرافياً، وهم: القبائل في منطقة القبائل (شرق العاصمة)، والشاوية في منطقة الأوراس (جنوب شرق)، والمزاب (المجموعة الأمازيغية الوحيدة ذات المذهب الإباضي) في منطقة غرداية (500 كم جنوب العاصمة).
بالإضافة إلى الطوارق (أقصى الجنوب الشرقي)، والشناوة في منطقة شرشال (90 كم غرب العاصمة)، وهناك مجموعة بربرية أخرى قرب مدينة ندرومة، على الحدود مع المغرب، وتتميز لهجتها بقربها الكبير من الشلحية في المغرب.
ولا توجد أرقام رسمية عن عدد الناطقين بالأمازيغية كلغة، لكنهم مجموعة من الشعوب المحلية، تسكن المنطقة الممتدة من واحة سيوة (غرب مصر) شرقا، إلى المحيط الأطلسي غربا، ومن البحر المتوسط شمالا إلى الصحراء الكبرى جنوبا.
يذكر أنّ معرض الجزائر الدولي للكتاب، في طبعته الـ23 (29 أكتوبر/تشرين الأول – 10نوفمبر/تشرين الثاني الجاري) يسجل مشاركة زهاء 1015 دار نشر جزائرية وعربية وأجنبية، تقدم 300 ألف عنوان.
الأناضول