هل فشل أردوغان في إدارة ملف جريمة اغتيال خاشقجي؟
على عكس من يرون أن أردوغان قد فشل في إدارة ملف جريمة اغتيال جمال خاشقجي، أرى أنه قد أدار الأزمة بحنكة ومهارة عالية جدا.. وأما تأخر ردود الأفعال العملية تجاه من ارتكب الجريمة، فيرجع إلى أن أردوغان أراد أن يضرب عصفورين بحجر واحد:
أولهما: أنه أمهل الملك سلمان الوقت الكافي لاتخاذ قرار وإنهاء التحقيقات، بعدما تحجج نظامه بأن هذه التحقيقات قد تستغرق شهرا كاملا، فأعطاهم بصبره الوقت الذي طلبوه، وهو الأمر الذي زاد من الحرج الذي يتعرض له الملك سلمان، خاصة أن أردوغان يحرص على إعلان تبرئته من مقتل خاشقجي مرارا وتكرارا، مما يزيد في الضغوط عليه بخصوص المسؤولية الأخلاقية التي يتحملها بصفته “خادم الحرمين”..
وهنا تجدر الإشارة إلى أنني لا أعتقد بأن التحقيقات السعودية ستخرج بإدانة محمد بن سلمان؛ لأن الملك سلمان سيغلب في النهاية الموالاة على حساب الحق، وهنا يصبح متسترا على قاتل خاصة بعدما أخبره مدعي عام بلاده باطلاعه على تسجيلات تدين ولي عهده. ولكن بالرغم من ذلك، أبى الملك سلمان إلا أن يتستر على ابنه فيصبح متواطئا معه بشكل رسمي..
كما أعتقد من ناحية أخرى؛ أن أردوغان يعلم مسبقا بما سيكون عليه موقف الملك سلمان من الجريمة، ولكن مخاطبته المتكررة له ما هي إلا خطوة يجب عليه القيام بها.. فأردوغان رجل محنك جدا، ولا شك أبدا في أنه لن يترك محمد بن سلمان يفلت من العقاب، خاصة أنه لن يجد أفضل من هكذا فرصة ليضرب عدوا شارك في تمويل محاولة الانقلاب في تموز/ يوليو 2016.
وثانيهما: أن أردوغان قد تمهل حتى انتهاء انتخابات الكونجرس، خاصة أن ترامب كان قد أعلن أنه سيترك القرار في هذه القضية للكونجرس، فهو الذي سيقرر بعد اجتماعه بتشيكلته الجديدة كيفية التعامل مع السعودية بخصوص هذه الجريمة..
وانتظار أردوغان حتى انتهاء انتخابات الكونجرس يا سادة هو للأسف أمر واقع لا مفر منه؛ لأن قدرنا أننا نعيش في حقبة من الزمن قد علا فيها الأمريكان علوا كبيرا، فهم من يوفرون الحماية لحليفهم السعودي. ويحتاج الأمر إلى خطوات إجرائية تستغرق وقتا لرفع هذه الحماية عنه، خاصة أن مسألة ملاحقة ومعاقبة الجاني الحقيقي ليست على هوى ترامب، وإن حدث وتمت معاقبته بالفعل، فسيكون ذلك بسبب ضغط الكونجرس الذي سينعقد قريبا لمناقشة هذا الملف..
فلننتظر ما تحمله لنا الأيام القادمة. وكما قال أردوغان: وإن غدا لناظره لقريب..
محمد يعقوب – عربي21