شراب أرجيفيت الأصلي لزيادة طول الأطفال

أراد نشر المسيحية داخل جزيرة محظورة فكان مصيره الموت.. البحث عن جثة «مبشر» أميركي كسر عزلة قوم يرفضون الغرباء

ستايل تورك | أرخص أسعار للمنتجات التركية في العالم

قتل مبشر أميركي يبلغ من العمر 26 عاماً، السبوع الماضي، أثناء محاولته نشر المسيحية في نورث سينتينل، وهي جزيرة محظورة تقع في بحر أندامان ولها تاريخ طويل في صدّ الغرباء.

وحسب تقرير لصحيفة The New York Times الأميركية، تُعدّ جزيرة نورث سينتينل موطناً لواحد من آخر مجتمعات الصيادين وجامعي الثمار الصامدة، وهي جزيرة وعرة بحجم حي مانهاتن الأميركي، ويعيش فوقها عشرات الأشخاص الذين لم يتأثروا بمظاهر الحضارة الحديثة وفي عزلة تامة. وعلى مدى عقود من الزمان، حافظت الهند على عُزلة الجزيرة. لكنَّ موت تشاو كسر هذه العزلة.

حتى الشرطة الهندية لا تجرؤ على دخول الجزيرة

عندما وصل ضباط الشرطة الهندية بقاربهم الصغير قرب الجزيرة النائية، رأوا شيئاً غريباً. إذ كان عددٌ من سكان الجزيرة متجمعين على الشاطئ. وبدا كأنهم يحرسون شيئاً ما بالأقواس والسهام والرماح التي يحملونها. وقال مسؤولو الشرطة إنَّ هذا الشيء قد يكون جثة جون ألين تشاو.

أوقف أفراد الطاقم محرِّك القارب. وبدأوا يراقبون سكان الجزيرة بالمناظير المُقرِّبة، مع الحرص على البقاء عدة مئات من الأمتار بعيداً عن الشاطئ، وبعيداً عن مرمى الأقواس والسهام.

قال دبيندرا باثاك، قائد شرطة المنطقة، السبت 24 نوفمبر/تشرين الثاني: «كان سكان الجزيرة متيقظين، وكانوا يُسيِّرون دوريات على الشاطئ، في نفس المكان الذي شهد قتل مبشر أميركي . لو اقتربنا أكثر لهاجمونا».

لذا، بدلاً من استعادة جثة تشاو أو تحديد مكانها، أدار ضباط الشرطة محركات قواربهم، بعد رسمٍ سريع لمسرح الجريمة، وعادوا أدراجهم. قال باثاك: «هذه هي القضية الأغرب والأصعب في حياتي، إذ أننا نحاول دخول أرض حضارة مختلفة».

وحتى استعادة جثة المبشر الأميركي، تبدو مهمة صعبة

ويبدو أنَّ استعادة جثمان تشاو -وهي الخطوة الأولى في معظم التحقيقات المتعلقة بجرائم القتل- خطوة صعبة، ويقول بعض علماء الأنثروبولوجيا إنَّها ستكون مستحيلة. وتُمثِّل عملية البحث المأزق الأكبر الذي تواجهه الهند في محاولتها فرض قواعد المجتمع في مكانٍ انعزل عمداً عن بقية هذا المجتمع.

ينص القانون الهندي على أنَّ ثقافة الجزيرة قيّمة وفريدة للغاية بدرجة لا بد معها من ترك سكان الجزيرة وشأنهم تماماً، وعدم السماح بدخول الغرباء إليها. لكنَّ القانون الهندي ينص أيضاً على أنَّه تجب معاقبة القتلة. وهذه هي المعضلة التي يواجهها ضباط الشرطة في قضية قتل مبشر أميركي .

وذكرت مجموعة من الصيادين الأسبوع الماضي أنَّهم رأوا جثة تشاو مدفونة على الشاطئ، على ما يبدو بعد أن أصابه سكان الجزيرة في مقتل بالأقواس والسهام. لكنَّ مسؤولي الشرطة لم يحددوا بعد موقع الجثة.

فكل من حاول أن يطأ بقدميه الجزيرة إلا ويكون عرضة للهجوم

وقد هوجم تقريباً كل إنسان وطأ بقدميه هذه الجزيرة بالأقواس والسهام، وينبّه علماء الأنثروبولوجيا الحكومة إلى التحرك بحذرٍ شديد.

فقال تريلوكناث بانديت، وهو عالم أنثروبولوجيا زار الجزيرة منذ سنوات: «لا يمكنك أن تستهين بسكان الجزيرة، ولا يمكنك إحضار جيش وأخذ الجثة. الأمور لا تسير على هذا النحو. يجب عليهم توخي أقصى درجات الحذر».

ومع أنَّ سلسلة جزر أندامان ونيكوبار تُعد أبعد مناطق الهند النائية، لكن لم يعد الوصول إليها أمراً عسيراً. إذ اتجهت الحكومة الهندية مؤخراً لافتتاح المزيد من الجزر أمام السياحة.

وامتلأت مدينة بورت بلير، أكبر مدينة في هذه الجزر، بمنتجعات وطرق ومحلات ملابس جديدة، وقاعدة بحرية رئيسية، وخدمة هاتف خلوي جيدة، ومطار نشاطه في ازدياد.

وتقع جزيرة نورث سينتينل حيث قتل مبشر أميركي على بُعد أقل من 56 كم تقريباً من هذه المدينة. وتُنظِّم البحرية الهندية دوريات حول الجزيرة، في محاولة للتأكد من عدم وصول أي غرباء إليها. لكنَّ تشاو أظهر أنَّ هذه الحلقة الأمنية يمكن اختراقها بسهولة.

اقرأ أيضًا:   كيف فضح ترامب بنفسه أمر زيارته السرية للعراق؟ أخطاء كارثية وقع فيها البيت الأبيض والرئيس حول هذه الرحلة

ورغم علم المبشر بصعوبة «مهمته» إلا أنه كان مصراً عليها

في مساء 14 نوفمبر/تشرين الثاني، انطلق تشاو، الذي كان يعيش في ولاية واشنطن، في جنح الليل مع مجموعة من الصيادين الذين دفع لهم لنقله إلى الجزيرة.

وأخبر تشاو، المسيحي الشغوف بدينه وخريج جامعة أورال روبرتس، أصدقاءه أنَّه على استعداد للمخاطرة بحياته لنشر المسيحية في جزيرة نورث سينتينل، وهو مكان يكتنفه الغموض وتقول الحكومة الهندية إنَّ الغرباء لا يعرفون لغة أو عادات الناس هناك.

وما حدث له لا يبدو واضحاً تماماً. فعلى مدى يومين، انطلق بزورقٍ صغير ليقطع مسافة 800 متر تقريباً تفصل بين القارب وجزيرة نورث سينتينل، حيث أخذ يتلو بعض الآيات من سفر التكوين تلاوةً سريعة على سكان الجزيرة. لكن سكان الجزيرة كانوا يُحدِّقون فيه تارةً ويضحكون تارة أخرى.

تراكمت خيبة أمله. وقال في رسالة من 13 صفحة، أعطاها تشاو للصيادين، شارحاً فيها بالتفصيل إخفاقاته تلك في إقناع سكان الجزر برسالته، وتضرَّع إلى الله لينجيه: «لا أريد أن أموت. من سيحلّ مكاني إذا مت؟».

وفي صبيحة السابع عشر من نوفمبر/تشرين الثاني، شاهد الصيّادون مجموعة من سكّان الجزيرة يسحبون جثته على الشاطئ ثم يدفنونها في قبرٍ غير عميق في الرمال.

ألقت الشرطة القبض على الصيّادين وعلى رجلٍ آخر تقول إنّه ساعد تشاو للوصول إلى الجزيرة، ووجَّهت لهم تهمة الضلوع في قتل مبشر أميركي الذي لا يصل إلى مرحلة القتل العمد، وخرق قوانين حماية قبائل السكان الأصليين. قُدِّمت دعوى قضائية أخرى تتهم «مجهولين»، أيّ سكان الجزيرة، بقتل تشاو.

اقرأ أيضًا:   العثور على جثة فتاة أمريكية كانت تنوي ارتكاب مجزرة (صور)

ويتجه التحقيق في الوقت الحالي إلى حدود جديدة. ففي يوم الجمعة 23 نوفمبر/تشرين الثاني، أرسلت السلطات ضبّاط شرطة، بالإضافة إلى بعض الصيّادين المقبوض عليهم، على متن قارٍب لمراقبة جزيرة سينتينل وتحديد الموقع الذي قُتِل فيه تشاو.

فهل يمكن أن أن يَمثُل أيٌّ من سكان الجزيرة للمحاكمة بعد قتل مبشر أميركي ؟

وإذا جرى اعتقالهم، هل سيموتون في السجن من المرض، لأنّ جهاز المناعة لديهم لا يستطيع مواجهة الميكروبات الحديثة؟

في عام 2006، قتل سكان الجزيرة صيّادَين اثنين لسرطان البحر بعدما جرفتهما الأمواج إلى الشاطئ. ويُنقِّب رجال الشرطة الآن في سجلات حالات القتل هذه، بحثاً عن أي أدلة وإشارات بخصوص ما حدث لجثماني الصيّادَين.

وقال باثاك إنَّه بعد حوالي أسبوع من دفن سكان الجزيرة للصيّادَين في قبرين غير عميقين على الشاطئ، نبشوا القبرين واستخرجوا الجثمانين وربطوهما في سيقان بامبو مُنتصبين.

ويقول باثاك إنّه «إذا اتّبع سكان الجزيرة نفس النمط»، فإنَّهم لن يلبثوا أن يُخرِجوا جثة تشاو، ولو أنَّ باثاك يرى أنّ الجثمان ربما لن يُسترَد أبداً.

ففي حالة الصيادين، لا يعتقد باثاك أنَّه جرى استرداد جثمانيهما قط، وبدا أنَّه يشير إلى أنَّ هذا احتمالٌ وارد في حالة تشاو أيضاً. وقال: «لو تمكّنا، ربما من بعيد، من رؤية جثة تشاو، فسيكون بوسعنا على الأقل إثبات أنَّه قُتِل».

كان تشاو واضحاً في خطابه الأخير بشأن ما يحب أن يُفعَل في جثمانه حين يموت. وكتب عبارة وضع أسفلها خطوطاً للتأكيد: «لا تستعيدوا جثماني. هذا ليس أمراً عديم الجدوى؛ فالحياة الأبدية لسكان هذه القبيلة في المتناول».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *