صحيفة: هكذا سعت الرياض لزرع خنجر الأكراد في خاصرة تركيا
نشرت صحيفة “الأخبار” اللبنانية، الخميس، فحوى ثلاثة وثائق دبلوماسية أردنية، تتحدث عن العلاقة بين أنقرة والرياض، مشيرة إلى ما أطلقت عليه “أوراق مقايضة” سعودية لتركيا بسبب موقف الأخيرة من حصار قطر.
الوثيقة الأولى
وتضمنت الوثيقة الأولى تقريرا من سفير الأردن في أنقرة سنان راكان المجالي إلى وزارة خارجيته في 29 أيلول /سبتمبر 2017، تحدث فيه عن لقاء جمعه بالسفير السعودي في أنقرة وليد بن عبد الكريم الخريجي، حيث تم التطرق لعدد من الموضوعات المتعلقة بالساحة التركية.
وقال الخريجي، بحسب تقرير المجالي إن “علاقات المملكة مع تركيا تأثرت سلبا بسبب الموقف التركي المنحاز لقطر”، مشيرا إلى أن “أساس العلاقة بين كل من قطر والسعودية قائم على المصالح الشخصية وليس على المصالح العامة لكلا البلدين، الأمر الذي يتحتم معه استحالة استمرار هذه العلاقة، وأن تركيا ستتخلى عن قطر في نهاية المطاف”.
وأضاف السفير أن زيارة أمير قطر الأخيرة إلى تركيا لم تحظ باهتمام كبير من الجانب التركي حيث شهدت تعتيما إعلاميا مبالغا به كما أن بعض الصور التي تم توزيعها للإعلام أظهرت أردوغان وإلى جانبه أمير قطر وعلى الجانب الآخر وزير الطاقة (زوج ابنة أردوغان) الأمر الذي ينتهك أبسط قواعد البروتوكول.
وبخصوص ما يتعلق بقيام أمير قطر بدور الوسيط بين تركيا وألمانيا من خلال الزيارة التي قام بها إلى ألمانيا لدى مغادرته أنقرة مباشرة، أكد السفير السعودي أن قطر أصغر من أن تقوم بمثل هذا الدور، بحسب تقرير سفير الأردن.
وحول التسريبات الإعلامية التي تحدثت عن تحريض السعودية لمسعود البارزاني على المضي في فكرة الاستفتاء بهدف زرع خنجر في الخاصرة التركية، كرد فعل على زرع تركيا القاعدة العسكرية في قطر، حيث لم ينف الخريجي التسريبات بأن السعودية تسعى إلى استخدام الورقة الكردية في مسعى لمقايضة تركيا على علاقتها مع قطر وتحديداً القاعدة العسكرية فيها.
وعن الملف السوري، ذكر السفير السعودي أن “تركيا وفي سبيل أن تتجنب مضي قطار التسوية في سوريا من دون أن تكون أحد أطرافها، سعت إلى الالتحاق بتلك التسوية بغض النظر عن المظلة المتاحة لذلك، وقد وجدت ضالتها من خلال اجتماعات أستانا بغض النظر عن مقدار المكتسبات التي ستحققها”.
الوثيقة الثانية
وفي وثيقة ثانية، كشفتها الصحيفة اللبنانية المقربة من حزب الله، فقد كانت تقريرا من السفير الأردني في الرياض علي الكايد إلى وزارة الخارجية الأردنية بتاريخ 2 شباط/ فبراير 2017، تناولت موضوع “التحركات السعودية في سوريا والخلاف مع تركيا”.
وقال الكايد إنه “في ضوء متابعتي للتحركات السعودية على الساحة السورية في الفترة الأخيرة، ومن خلال اتصالاتي مع السفراء هنا وبعض المطلعين والمتابعين بهذا الشأن، فإن هناك تحولا في الموقف السعودي تجاه الملف السوري”.
وأضاف أن “شاهد هذا التحول هو زيارة الوزير ثامر السبهان المعني بشؤون الخليج العربي، ذي الخلفية الأمنية البحتة، إلى مدينة عين عيسى في الريف الشمالي لمحافظة الرقة السورية، إلى جانب منسق التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب بريت ماكغورك، حيث حملت الزيارة عدة مقاصد ومعاني منها سعي السعودية إلى التأكيد على تثبيت مناطق التهدئة ومناطق النفوذ، وتوجيه رسالة بليغة إلى تركيا بأن التحالفات في طريقها إلى التغيّر، خاصة أن قوات سوريا الديمقراطية (قسد) تعد العدو الأول لتركيا داخل سوريا، والتي التقى الوزير السبهان قيادات تنفيذية تابعة لهذه القوات المدعومة أميركياً ولكونها تحقق نوعا من التوازن”.
وذكر الكايد أن “السعودية التي تدرك أن روسيا هي الطرف الأقدر على حلّ الصراع في سوريا، قد لا يكون لديها إشكالية في بقاء النظام السوري، ولكن الإعلان عن ذلك مرتبط بمدى العلاقة السورية والدعم الإيراني من خلفها”.
ولم يستبعد السفير الأردني بالرياض أن “يكون من موضوعات البحث خلال زيارة الملك سلمان إلى روسيا طلب التدخل لاحتواء التأثير الإيراني في الساحة السورية، والحد من التدخل التركي في سوريا، أو على الأقل منح مساحة كافية للسعودية للعب دور على الأرض السورية حيث منطقة النفوذ التركي من دون إزعاج إيراني”.
وأردف: “خلال الحديث مع بعض الأصدقاء من المسؤولين السعوديين، اتضح لي أن السعودية تبحث عن دور جديد لها في سوريا يكون أقوى من السابق، وجاءت زيارة السبهان في سياق إرسال رسائل باتجاهات متعددة منها إلى أنقرة ومنها إلى إيران (خاصة بعد لقائه قادة أكرادا عسكريين في “حزب الاتحاد الكردي” الذي يعتبر ذراعا مسلحة لحزب العمال الكردستاني المصنف تركيا تنظيما إرهابيا)، ومنها رسائل إلى روسيا مفادها طلب تسلم أسرى سعوديين من داعش، يرجح أن عددهم يقارب الـ30″.
وأشار الكايد إلى أن “النتيجة أن السعودية عادت إلى سوريا، وعلى الصعيد الدولي، ظهور السبهان مع الجنرال ماكغورك في الرقة يعد تأييدا سعوديا واضحاً لتطبيق الاستراتيجية الأمريكية الجديدة ضد تركيا وتدخلاتها في المنطقة من قبل قبائل عربية سنية حليفة للمملكة في مناطق الرقة ودير الزور، حيث تفترض أن تلك المناطق مناطق نفوذ حيوية طبيعية وجغرافية بالنسبة لها”.
الوثيقة الثالثة
أما الوثيقة الثالثة، فقد كانت تقريرا من السفير الأردني في أنقرة إسماعيل الرفاعي إلى وزارة خارجية بلاده، كشف فيها موقف تركيا من تصريحات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان حول ما أسماه بـ”ثالوث الشرّ.
وقال إن “الجانب التركي التزم الصمت الغاضب حيال تصريحات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مؤخرا لمجلة (ذا أتلانتيك) الأمريكية بخصوص ما أسماه “محور الشر”. فلم يصدر لتاريخه أي رد فعل رسمي تركي على التصريحات التي أكد من خلالها ولي العهد السعودي بأن الضلع الثالث لمحور الشر هو تنظيم الإخوان المسلمين، حيث لم يذكر تركيا بالاسم على اعتبار أن حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا طرح نفسه كمرجعية لتنظيم الإخوان المسلمين حول العالم”.
وعلى حد قول سفير الأردن، فقد بدا لافتا الصمت التركي حيال تلك التصريحات بخلاف ما اعتادت عليه القيادة التركية في الرد على أي تصريحات تمسها، وقد تباينت الآراء حول الأسباب التي تقف وراء الخصوصية التي تتعامل بها تركيا مع السعودية بهذا الشأن.
ورأى أنه “في الوقت الذي ذهب به البعض إلى أن تركيا التي باتت اليوم في مواجهة أكثر من جبهة على الصعيد الدولي والإقليمي، لن تكون في وارد فتح جبهة جديدة مع السعودية، وهي بذلك تسعى إلى احتواء تلك التصريحات، إلا أن هذا الرأي لا يتوافق مع واقع الحال حيث سبق لتركيا أن ردت بعنف على تصريحات وزير الخارجية الإماراتي على رغم أن تصريحاته لم تمس القيادة التركية الحالية بل مست أحد القيادات العثمانية لحقبة زمنية بعيدة”.
نفت السفارة السعودية في العاصمة التركية أنقرة تصريحات منسوبة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان تناول فيها تركيا، وذلك خلال لقائه بإعلاميين مصريين في الزيارة التي قام بها إلى مصر.
ونشرت وزارة الخارجية السعودية في آذار/ مارس 2018 على موقعها الإلكتروني نص تصريح صادر عن “المتحدث الإعلامي في السفارة السعودية في تركيا”، نفى فيه تصريحات نقلتها الإعلامية المصرية لميس الحديدي عن ابن سلمان اعتبر فيها تركيا جزءا من “مثلث الشر” في المنطقة إلى جانب “إيران والجماعات الإرهابية”.
وقال المتحدث السعودي: “إشارة إلى التقارير الصحفية التي ذكرت أن سمو ولي العهد قد ذكر في لقاء له مع بعض الإعلاميين في القاهرة أن هناك قوى للشر في المنطقة وكان من ضمنها ما نقله بعضهم بأن سموه قال إنها تركيا.. فإننا نوضح أن المقصود بكلام سمو ولي العهد هو ما يسمى بجماعة الإخوان المسلمين والجماعات الراديكالية”.
وكانت الحديدي قالت إن ابن سلمان قال إن “مثلث الشر مكون من العثمانيين وإيران والجماعات الإرهابية”، لافتا إلى أن “تركيا تريد الخلافة وفرض نظامها في المنطقة، باستخدام جماعة الإخوان المسلمين، وإيران تريد أن تُصدر الثورة والجماعات الإرهابية”.
عربي21