أين محمد بن سلمان؟ اختفاء ولي العهد السعودي منذ مغادرته الجزائر يثير التساؤلات
منذ 3 أيام وبالتحديد بعد مغادرة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الجزائر بتاريخ 4 ديسمبر/كانون الأول 2018، ولا أحد يعرف أين حطت طائرته بعدما أجّل الأردن زيارة ولي العهد، بسبب انشغال الملك عبد الله الثاني بالذهاب إلى أميركا لحضور مراسم دفن الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الأب.
محمد بن سلمان كان من المفترض أن يتوجه إلى الأردن عقب انتهاء زيارته للجزائر، التي لم تتجاوز بضع ساعات ولم يقابل فيها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الذي اعتذر عن مقابلة ولي العهد السعودي، بسبب إصابته بالأنفلونزا!
أين حطّت طائرة ولي العهد السعودي؟
كان الظهور الأخير لمحمد بن سلمان في الجزائر وبعدها لا يُعرف أين. هل عاد الأمير إلى السعودية سراً؟ أم أنه ما زال خارج البلاد ولكن في زيارات «سرية» لدول بعينها؛ خوفاً من إثارة الرأي العام من هذه الزيارات؟
مصدر خاص لـ «عربي بوست» قال إنه منذ مغادرة الأمير محمد بن سلمان أراضي المملكة في جولة عربية، بدأت من الإمارات، قبل أن يذهب لحضور قمة العشرينفي الأرجنتين مطلع ديسمبر/ كانون الأول 2018، لم يعد ولي العهد إلى البلاد منذ ذلك التاريخ.
الغريب أيضاً أن وسائل الإعلام السعودية الرسمية لم تنشر أي خبر عن أنشطة ولي العهد سواءً خارج البلاد أم داخلها، مما زاد الكثير من الشكوك حول مكان محمد بن سلمان الآن.
وبالبحث في وكالة الأنباء الرسمية السعودية «واس» عن أية أخبار تخص محمد بن سلمان، كان آخر ما نشرته هو مغادرة ولي العهد الجزائر دون أن تحدد الوجهة القادمة له، وهذا من الأمور الغريبة التي أضفت الكثير من الشكوك أيضاً.
أيضاً من الأمور التي دفعت الكثيرين للتساؤل عن مكان ولي العهد، حالة التأهب القصوى التي تعشيها الرياض في الفترة الأخيرة، بسبب مواقف دول العالم من اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي بمقر قنصلية بلاده في إسطنبول مطلع أكتوبر/ تشرين الأول 2018، والتي صبت جام غضبها على ولي العهد السعودي، في حين ذهب البعض إلى اتهامه شخصياً بالضلوع في قتل خاشقجي.
في ظل هذه الأحداث الساخنة والحديث المتكرر عن تحرك داخل الأسرة الحاكمة في السعودية لإبعاد محمد بن سلمان بسبب جريمة قتل خاشقجي، كان من المفترض أن يعود الأمير سريعاً إلى البلاد؛ خوفاً من أي تحركات ضده، خاصة بعد نشر كثير من الحسابات التي تسرب أخباراً سرية عن القصر الملكي، ومنها «مجتهد» الذي زعم أن ولي العهد استدعى مئات الجنود والحرس والمعدات العسكرية لتكون في الرياض قبل مغادرته المملكة؛ خوفاً من أي عمل يقوم به خصوم الأمير في السعودية، لكن الأمير لم يعد حتى الآن، بحسب المصدر.
كما أعاد مجتهد نفس الكلمات الجمعة 7 ديسمبر/ كانون الأول 2018.
لكن ثمة احتمال بأن الأمير محمد بن سلمان قد يكون عاد إلى المملكة دون أي ضجيج، لاستمرار التكهنات حول مكانه ومصيره، ثم يظهر في النهاية ليبدد أي روايات حول غيابه عن المشهد في البلاد، كما فعلها من قبل عندما انتشرت شائعات كثيرة تزعم إصابة ولي العهد بإطلاق نار قرب قصر اليمامة، لكن بعدها ظهر الأمير ونسف هذه الروايات.
البحث عن حل لأزمة خاشقجي!
هناك احتمالات أخرى، وهو بقاء محمد بن سلمان خارج البلاد، ربما في بلد عربي أو بلد آخر مجاور، من أجل البحث عن مَخرج لاستمرار دعم الرئيس الأميركي لولي العهد في قضية جمال خاشقجي والتي أثارت انقساماً في المؤسسات الأميركية بين من يدعم معاقبة محمد بن سلمان على مقتل خاشقجي ومن يرى أن التحالف الاستراتيجي بين واشنطن والرياض أكبر من قضية صحافي قُتل.
وخلال اليومين الماضيين وبالتحديد بعد إفادة مدير الاستخبارات الأميركية، جينا هاسبل، في الكونغرس، حول اغتيال خاشقجي، ارتفعت الأصوات المطالبة بمعاقبة ولي العهد السعودي وتأكيد ضلوعه في الجريمة، ومن أبرز من دعا إلى ذلك بوب كوركر والسيناتور ليندسي غراهام، وكلاهما من الحزب الجمهوري؛ ومن الحزب الديمقراطي السيناتور بوب مينينديز، فربما يكون ولي العهد، بعد هذه التطورات، يحاول البحث عن مخرج لهذه الأزمة في الدول التي تتمتع بنفوذ في البيت الأبيض؛ خوفاً من تغير موقف ترامب.
واستناداً إلى هذا الاحتمال، ففي حال تغير موقف ترامب من ولي العهد قد يشجع ذلك بعض الأمراء داخلياً على الإقدام على خطوات تصعيدية قد تطيح بولي العهد السعودي، الذي حينها سيكون مصيره داخلياً مجهولاً؛ نظراً إلى ما قام به ضد معارضيه من العائلة المالكة والذين اعتقل بعضهم في الريتز كارلتون بالرياض، أو وضع بعضهم في السجن، ما قد يشجع هؤلاء على الانتقام في حال سقط ولي العهد، فبقاؤه خارج البلاد قد يكون أكثر أمناً بالنسبة له.
وعلى أية حال، فحتى الآن لم يصدر أي بيان رسمي من المملكة عن مكان محمد بن سلمان ولا عن الوجهة التي حطت فيها طائرته، لكن الأمر الذي بات مؤكداً أن اختفاءه وراءه أمر هام، لا يعرفه إلا هو والمقربون منه.