شراب أرجيفيت الأصلي لزيادة طول الأطفال

كان يدس مادة مهلوسة في مشروب يستهلكه الشباب.. الجزائر تغلق مصنعاً بعد 17 عاماً من تخدير المواطنين

ستايل تورك | أرخص أسعار للمنتجات التركية في العالم

أبرقت وزارة التجارة الجزائرية، في 20 ديسمبر/كانون الأول 2018، إلى جميع المديريات التنفيذية حول البلاد، للتعجيل بسحب أكياس مسحوق «آميلا»، الذي أثبتت التحاليل احتواءه على مواد مخدرة تؤثر على العقل.

الوزارة أعطت مهلة تمتد إلى غاية يوم 28 ديسمبر/كانون الأول 2018، من أجل السحب الكلي للكمية الموزعة على مستوى المتاجر ونقاط البيع، مع تكثيف حملات التحسيس لمقاطعة المنتج، لا سيما على مستوى المؤسسات التعليمية.

و وصل ضغط مفتشيات المراقبة وقمع الغش إلى التهديد بالمتابعات القضائية وفرض عقوبات على كل تاجر يسوّق المنتج بعد 28 ديسمبر/كانون الأول 2018.

تشميع وغلق مصنع العصير المهلوس

التحقيقات والتحاليل المتواصلة بشأن عصير «آميلا» توصلت إلى احتوائه على مواد كحولية، تُستخدم كأنها مؤثرات عقلية؛ هذه المواد تجعل المستهلك مدمناً المادةَ، خاصةً فئة المراهقين والشباب.

وأكد سمير بن خالف، من فرقة مكافحة الغش التابعة لوزارة التجارة، أن التحاليل المخبرية التي أُجريت على مسحوق «آميلا»، الموجَّه للاستهلاك باعتباره عصيراً، أثبتت احتواءه على مادة «بيرازوليس» المخدرة.

وفور اكتشاف هذه المادة كما يذكر بن خالف لـ «عربي بوست»، قررت وزارة التجارة اقتحام المصنع الذي ينتج هذا العصير بولاية البليدة (70 كم جنوب العاصمة الجزائر)، ليتأكد أعوان مكافحة الغش من استعمال مادة «بيرازوليس» في إنتاج «آميلا».

ويضيف بن خالف: «المراقبة المفاجئة من أعوان مديرية التجارة بولاية البليدة تكللت بتشميع المصنع في 16 ديسمبر/كانون الأول 2018، قبل قرار الغلق النهائي في 19 ديسمبر/كانون الأول 2018، مع فرض مراقبة على جميع المتاجر والمحلات التجارية».

وكان وزير التجارة، سعيد جلاب، قد أكد أن مَصالحه توصلت إلى اكتشاف مواد كحولية تُذهب العقل تُستخدم في مشروب «آميلا»، وأكد غلق المصنع بولاية البليدة، مع متابعة مُسيّريه قضائياً.

17 سنة من تخدير المواطنين!

و»آميلا» عبارة عن مسحوق معبّأ في أكياس، يتم مزجه مع الماء لصناعة مشروب متعدد النكهات والألوان، ينشط بالسوق الجزائرية منذ 17 سنة.

وأوضح سمير بن خالف، من فرقة قمع الغش بوزارة التجارة، لـ «عربي بوست»، أن «المصنع دخل حيز الإنتاج سنة 2001، بعد كل الإجراءات القانونية والإدارية، التي لم تكن تعترض على هذه المادة الاستهلاكية، ولا حتى على إنشاء المصنع».

التحاليل الأولية على المنتج، بحسب بن خالف، «كانت تؤكد سلامة المسحوق، واحترامه المعايير المعمول بها في الإنتاج، وإضافة مادة بيرازوليس ربما كانت في الأشهر الأخيرة فقط».

اقرأ أيضًا:   تعرّف على أول امرأة تقود الــ«سي آي أيه».. تاريخ حافل بالتعذيب والاستجواب القذر

لكن مراد غولام، من جمعية حماية المستهلك الجزائري، يعتبر أن مسيّري المصنع كانوا يخدرون الجزائريين منذ 17 عاماً، ووضع علامات استفهام، لبقاء القضية مخفية منذ تلك الفترة.

وأضاف غولام لـ «عربي بوست»: «المستهلك الجزائري أصبح ضحية لهذه المعاملات التجارية، ووزارة التجارة تتحمل جزءاً كبيراً من هذه المعاملات، التي ما كانت لتكون لو تابعت دفاتر شروط الإنجاز والإنتاج، وقامت بالمراقبة المستدامة للمصنع كغيره من المصانع ومؤسسات الإنتاج».

وتابع: «الجمعية كثيراً ما تتحفظ على بعض المنتجات، كما حصل مؤخراً بشأن القهوة المعبّأة محلياً في بعض الشركات الخاصة. لكن افتقارها إلى مخابر خاصة، واعتمادها على صفقات مع بعض المخابر جعلا عدداً من المنتجات بعيدة عن الرقابة، كما هو شأن منتج آميلا».

وطالب غولام وزارة التجارة بتعجيل سحب مادة «آميلا» من جميع الأسواق والمحال التجارية عبر ربوع الوطن.

القضية تحركها ولاية من الجنوب

خرجت ولاية البيض بالجنوب الغربي للجزائر العاصمة، بمراسلة رسمية وجَّهتها إلى مديرية التربية، ومن ثم إلى جميع مديري المؤسسات التربوية في 11 ديسمبر /كانون الأول 2018، تمنع فيها التعامل مع موزعي مشروب «آميلا».

وقالت المراسَلة إن التحاليل المخبرية أكدت احتواء المسحوق على مادة مهلوسة، يستعملها المراهقون والشباب باعتبارها مخدراً عقلياً.

وضغط والي الولاية على مدير التربية ومديري المؤسسات التربوية من أجل سحب المنتج، ومنع تقديمه للتلاميذ في أي من الوجبات، وهي التوصيات التي سارعت للعمل بها الولايات المجاورة كالأغواط، الجلفة، وتيارت.

عبد السلام، عضو جمعية حماية المستهلك بولاية البيض، ذكر لـ «عربي بوست»، أن «والي الولاية اتُّهم في البداية برفضه التعامل مع موزع مشروب (آميلا)، لخلافات شخصية، قبل أن تكشف الوزارة عن حقيقة المسحوق».

وأضاف المتحدث: «قمنا بتوعية المواطنين بخطورة استهلاك (آميلا)، ونشطنا عدداً من اللقاءات التحسيسية في المدارس، والقاعات والساحات العامة».

شم المسحوق للنشوة العقلية

كانت جمعيات أولياء التلاميذ بالجزائر قد نبَّهت سابقاً إلى انتشار ظاهرة شم أحد المساحيق في الوسط المدرسي، وطالبت مديرياتِ التربية والوصاية الأمنية بفتح تحقيق في ذلك.

اقرأ أيضًا:   وقوع 105 ضحايا إثر سقوط طائرة عسكرية في الجزائر

ويؤكد علاوة سرحان، رئيس جمعية أولياء التلاميذ بمتوسطة الشهيد بن طوبال، في حديثه لـ «عربي بوست»، إبلاغ السلطات المحلية وكذا مدير المتوسطة، انتشار استعمال مسحوق عن طريق الشم من طرف التلاميذ.

هذا التنبيه، بحسب علاوة، «كان في الدخول الاجتماعي للموسم الجاري، في سبتمبر/أيلول 2018، بعد اكتشاف المسحوق عند عدد من التلاميذ، قبل التأكد من أن المسحوق هو في الأصل غبرة عصير (آميلا)».

من الناحية العلمية، يؤكد العربي مناد، المتخصص بالأمراض العصبية والعقلية، أن مادة «بيرازوليس» من المؤثرات العقلية التي تسبب الإدمان، وهي مادة ممنوعة من التداول والاستهلاك بنسبة كبيرة في الصيدليات.

ورفض العربي التطرق إلى الحديث عن مسحوق «آميلا»، وقال إن ذلك من شأن مديريات التجارة والمتخصصين في المخابر العلمية، واكتفى بتشخيص الاستعمال الخاص بمادة «بيرازوليس».

فهذه المادة، حسب قوله، «تتم الاستعانة بها في معالجة المصابين بحالات القلق والاكتئاب، لكونها تحقق النشوة العقلية، وتُعطى وفق وصفة طبية من متخصص بالأمراض العقلية مع عدد من الأدوية الأخرى».

طوارئ بجمعيات أولياء التلاميذ

تطالب جمعيات أولياء التلاميذ مديريات التربية عبر الوطن بالتكفل بإجراء التحاليل الطبية لجميع التلاميذ، خاصةً الطورين المتوسط والثانوي، للتأكد من إصابة هؤلاء بالإدمان من عدمها.

علاوة سرحان، رئيس جمعية أولياء التلاميذ بمتوسطة الشهيد بن طوبال، قال لـ «عربي بوست»، إن جمعيته «قامت بإيداع طلب لمدير التربية، من خلال مصلحة الطب المدرسي، من أجل تنظيم حملة تحاليل طبية تمس جميع التلاميذ، خاصة في المتوسطات والثانويات».

كما عرض عدد من أولياء التلاميذ أبناءهم على المعاينة الطبية، وأجروا لهم تحاليل طبية، للكشف عن حالتهم الصحية مع المادة المكتشفة بمسحوق آميلا.

ويؤكد عبد الرحيم، من ولاية سطيف (300 كم شرق العاصمة الجزائر)، أنه عرض ولديه على الطبيب، مع إجراء تحاليل طبية، مباشرةً، بعد الضجة التي أثيرت بشأن مسحوق عصير «آميلا».

وقال المتحدث لـ «عربي بوست»، إن «سامي وعبد الودود –يدرس أحدهما في الثانية متوسط والآخر في الأولى ثانوي- أجريا تحاليل أثبتت -والحمد لله- عدم احتوائهما على مادة بيرازوليس».

اقرأ أيضًا:   الحكومة تعبث بالمحظور.. قرار بتملك الأجانب أراضي في الجزائر يرفضه بوتفليقة

وطالب عبد الرحيم جميع التجار والبائعين بالكف الفوري عن تسميم المواطنين بهذه المادة المخدرة.

سحب المنتج كلّيا

المديريات التنفيذية التابعة لوزارة التجارة أكدت أنها تلقّت تعليمات تفرض سحب منتج «آميلا» من كل الأسواق والمحلات، في أجَلٍ أقصاه 28 ديسمبر/كانون الأول 2018؛ حفاظاً على الصحة العمومية.

وذكر مفتش قمع الغش بوزارة التجارة، سمير بن خالف، لـ «عربي بوست»، أنَّ «سحب المنتج سيكون عبر الولايات الـ48، وبعدها ستُفرض عقوبات على كل تاجر أو بائع يعرض المسحوق».

وبدأت فرق خاصة بمديريات التجارة عملية سحب «آميلا» من كل المتاجر والدكاكين، بعد عملية تشميع وغلق المصنع بولاية البليدة.

ويتخوف علاوة سرحان، رئيس جمعية أولياء التلاميذ بمتوسطة الشهيد بن طوبال، من استغلال بعض التجار والعصابات هذا المسحوق مستقبلاً، لإنتاج أقراص مهلوسة موجَّهة إلى الشباب والمراهقين، وطالب بالتعجيل بسحب الكمية كاملة ومعاقبة بائعيها مستقبلاً.

قصة تضاف إلى قصة القهوة القاتلة

خلصت التحاليل التي أشرفت عليها المنظمة الجزائرية لحماية المستهلك، في نوفمبر/تشرين الأول 2018، إلى أن أغلب القهوة المنتجة محلياً مغشوشة، ولا تراعي مقاييس الإنتاج العالمية، من حيث المحتوى والمضافات الممزوجة.

وأكد رئيس المنظمة، مصطفى زبدي، في حديثه لـ «عربي بوست»، أن «ما نسبته 84% من القهوة التي كان يستهلكها الجزائريون مغشوشة، بالنظر إلى نسبة السكر الممزوج، وعدم احترام المضافات الغذائية، التي يكون ضررها في الغالب أكثر من فائدتها».

التحاليل التي أُجريت على 12 علامة تجارية للقهوة في الجزائر، بحسب المتحدث، أشرفت عليها 3 مخابر معتمدة، وتابعة لوزارة التجارة، «ما يعطي لنتائج التحاليل مصداقية، بعيداً عن اعتبارات شركات الإنتاج».

تلك التحاليل توصلت، يضيف مصطفى زبدي، إلى أن 5 علامات تجارية فقط من مجموع العينات التي وُجِّهت للتحليل، وُجِدت مطابقةً للمعايير بنسبة سكر منعدمة، أو موجودة بنسبة مقبولة لا تتعدى 3%.

أما بقية العلامات، فنسبة السكر والمواد الحافظة والمضافات الغذائية بها موجودة بنسب غير مقبولة، لا سيما في علامتين تجاريتين معروفتين وطنياً، عُثر فيهما على نسب عالية من المحتويات الممنوعة والمضافة فوق ما هو مسموح به بأضعاف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *