تركيا نحو نادي “العشرة الكبار” اقتصاديًا.. هل تمتلك المؤهلات اللازمة؟
تباينت آراء الخبراء بشأن تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مؤخرًا، بأن بلاده أصبحت في الوقت الراهن بين أكبر اقتصادات العالم وفقاً لتعادل القوة الشرائية، وأنها سترتقي إلى مرتبة أعلى نهاية العام الجاري.
الكاتب والصحفي مصطفى عبد السلام، رئيس قسم الاقتصاد بصحيفة العربي الجديد، قال في مقال له، إن أردوغان قدم، الأربعاء، أرقاماً تدل على أن البلاد تسير بقوة نحو تحقيق “رؤية 2023”.
وأشار إلى أن حجم الاستثمارات الأجنبية في تركيا تخطى 201 مليار دولار خلال السنوات الـ16 الماضية، والصادرات بلغت 168.1 مليار دولار في العام 2018، وحققت البلاد نجاحاً مهماً من خلال تخفيض عجز التجارة الخارجية إلى 55 مليار دولار.
وحسب “رؤية 2023” التي يذكرها أردوغان في مناسبات عديدة وتوافق احتفالات الذكرى المئوية لجمهورية تركيا في عام 2023، فإن تركيا تطمح في عام 2023 أن يصبح اقتصادها ضمن أقوى 10 اقتصادات في العالم.
كما تطمح تركيا أن ترفع الناتج المحلي الإجمالي إلى تريليوني دولار، وأن يتمكن التركي من الذهاب إلى 197 دولة بدون تأشيرة، وأن يرتفع معدل دخل الفرد إلى 30 ألف دولار سنوياً.
وفي 2023 تهدف تركيا كذلك إلى تشغيل 3 محطات طاقة نووية، والوصول إلى خامس أكبر مقصد سياحي في العالم عبر استضافة 50 مليون زائر سنويا وزيادة العائدات السياحية إلى 50 مليار دولار.
وتهدف كذلك إلى رفع قيمة الصادرات من 130 مليار دولار عام 2012 إلى 500 مليار دولار عام 2023، وأن تنجح البلاد في صناعة الطائرات والطائرات بدون طيار والأقمار الصناعية.
بل إن مسؤولين أتراكاً يؤكدون في مناسبات عدة أن البلاد تطمح لأن تكون ضمن الخمسة الكبار اقتصاديا قبل العام 2023، وأن يتحول اقتصاد تركيا إلى واحد من أسرع المعدلات نمواً، وهو ما تحقق في السنوات الأخيرة، حيث حقق معدل نمو فاق نمو دول مجموعة العشرين في العام 2017.
ويقول الكاتب عبد السلام، إن أردوغان تحدث كثيرًا عن العام 2023، بل واستبشر كثيرا بهذا التاريخ، لأنه يعتبره نهاية الخلاص من قرن من القيود المجحفة والنتائج الوخيمة المترتبة على “معاهدة لوزان” الشهيرة التي لا تزال تركيا مقيدة بها وتمتد لـ100 سنة تنتهي في 2023، وأقل هذه النتائج اعتبار مضيق البوسفور ممرا مائيا دوليا ولا يحق لتركيا تحصيل أية رسوم مقابل عبوره.
ويرى خبير الاقتصاد أن تركيا قطعت شوطا مهما للانضمام لنادي العشرة الكبار، فحكومة العدالة والتنمية برئاسة أردوغان قفزت بترتيب البلاد من المرتبة 111 إلى المرتبة 16 اقتصاديا على مستوى العالم، لكن هل من السهل أن تحقق تركيا هدف أن تكون ضمن أقوى 10 اقتصاديات خلال فترة لا تتجاوز 5 سنوات؟
وأضاف: “الطريق ليس سهلا، فتركيا لها أعداء كثر وأصبحت مهددة أكثر من أي وقت مضى، خاصة من خطر الإرهاب، وما حدث منذ منتصف العام 2006 وحتى الآن أكبر دليل.
وتركيا لا تزال تواجه مؤامرات وحملات متواصلة من بعض دول الخليج وإسرائيل ودول أوروبية تستهدف بشكل مباشر إحداث انهيار في اقتصادها القومي وضرب الليرة في مقتل كما جرى في شهر أغسطس الماضي عقب تعرضها لحرب اقتصادية وسياسية شرسة قادها الرئيس الأميركي دونالد ترامب”.
كما تستهدف هذه الحملات – يضيف الكاتب – منع تدفق السياحة الأجنبية إلى البلاد، وزيادة المخاطر الجيوسياسية خاصة على الحدود السورية والعراقية، وتركيا لا تزال تواجه خطر الانقلابات العسكرية، وآخرها انقلاب 15 يوليو/ تموز 2016 الفاشل.
وختم: “فهل ستصمد تركيا أمام كل هذه التحديات، وبالتالي تصل لهدفها الأساسي وهو الانضمام لنادى العشرة الكبار اقتصاديا، أم تنجح هذه التحديات ويحل العام 2030 بدلاً من العام 2023؟”.
في سياق متصل، قال الباحث الاقتصادي أحمد مصبح، “هناك مقياسين مختلفين لقياس قوة اقتصاد الدول وترتيبها عالميا من خلال الناتج المحلي، الأول يعتمد على الناتج المحلي الإجمالي الاسمي (المستعمل عادة)، والثاني يعتمد على الناتج المحلي الإجمالي حسب تعادل القوة الشرائية”.
وفي حديث لصحيفة “عربي21″، أوضح مصبح أن تصريح الرئيس التركي تناول مؤشر (إجمالي الناتج المحلي حسب القوة الشرائية) وليس إجمالي الناتج المحلي الاسمي.
وأضاف: “مع العلم أن قياس حجم الاقتصاد بناء على مقارنة الناتج المحلي الاسمي لكل دولة لا يعطي صورة حقيقية عن القوة الحقيقية لكل اقتصاد لأنه لا يتم الأخذ بعين الاعتبار القوة الشرائية وكلفة المعيشة داخل كل بلد”.
وأشاد مصبح بالإنجاز الاقتصادي الذي حققته تركيا في ظل في ظل ما يعاني منه الاقتصاد وما يحاك به من مؤامرات خارجية، قائلا: “يحسب لتركيا تقدمها من المرتبة 14 عالميا إلى المرتبة 13 عالميا على هذا المؤشر مع نهاية 2018”.
ترك برس