المنطقة الآمنة في سوريا.. من سيحمي من وضد من؟
لا يزال مقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حول إقامة منطقة آمنة شمالي سوريا، يتصدر حديث المنطقة والعالم. وباتت وسائل الإعلام والمحللون يتحدثون حول المنطقة الآمنة التي ستمتد بعمق يصل إلى 32 كيلومتراً داخل الأراضي السورية، بدءاً من الحدود التركية.
في هذا الإطار، تناول برهان الدين دوران، الكاتب الصحفي التركي ومنسّق مركز “سيتا” للدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مستقبل المنطقة الآمنة، وموقف روسيا منها، لا سيما وأن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان سيزور موسكو في 23 يناير/كانون الثاني الجاري، لبحث قضايا عدة أهمها المنطقة الآمنة.
وتساءل الكاتب في مقال له نشرته صحيفة “صباح” التركية، قائلاً: “من سيحمي مَن وضد من في المنطقة الآمنة؟”.
وأوضح أن البعض لدى الإعلام الأمريكي يشير إلى وجوب حماية تنظيم “ي ب ك” الإرهابي من تركيا في المنطقة الآمنة. فيما يجد معارضو الانسحاب الأمريكي من سوريا، في المنطقة الآمنة فرصة لحماية “ي ب ك”، مستدلين على عدم انتهاء تنظيم “داعش” بالهجوم الإرهابي الذي وقع مؤخراً في مدينة منبج السورية، وكان جنود أمريكان من بين الضحايا.
إلا أن الكاتب استبعد أن يتراجع ترامب عن قراره بسحب قواته من سوريا بسبب هذا الهجوم.
وأورد “دوران” ما يدور في الإعلام التركي، من حديث عن قلق من تحوّل شمالي سوريا إلى نموذج آخر شبيه بإقليم شمالي العراق، مبيناً أن السبب في تصدر تساؤلات كهذه في تركيا، هو أن مقترح ترامب لم تتضح تفاصيله بعد، وسط مخاوف من تشكيل تفاصيله بالقوة من قبل رجاله المحيطين به، كما حصل سابقاً في شمالي العراق، بحسب الكاتب.
وأفاد الخبير التركي بأن فكرة أنقرة فيما يخص المنطقة الآمنة، واضحة جداً، مشيراً إلى تصريحات الرئيس التركي بأن المنطقة الآمنة ستكون بإشراف تركي، وأن من غير الممكن أبداً القبول بمنطقة آمنة تتم فيها حماية “ي ب ك” من قبل قوات دولية.
وحول الموقف الروسي من المنطقة الآمنة وإشراف أنقرة عليها بشكل مباشر، قال “دوران” إن الأنظار ستتجه خلال الأساببيع القادمة إلى الصيغة التي سيتم التوصل إليها بين أنقرة وواشنطن حول المنطقة الآمنة، والموقف الروسي تجاه هذه المستجدات.
وشدد على أن زيارة أردوغان إلى موسكو ولقاءه مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، في 23 يناير/ كانون الثاني الجاري، تحمل أهمية كبيرة من حيث وضوح الموقف الروسي تجاه المنطقة الآمنة.
وتابع قائلاً: “لا شك في أن من يرفضون عمل وتعاون ترامب مع تركيا، والمعارضين للانسحاب من سوريا، منشغلون حالياً بإيجاد صيغ للحيلولة دون انتقال المنطقة الآمنة لسيطرة أنقرة. إلا أنه في حال إصرار ترامب على فكرة الانسحاب، سيضطر رجاله لتقديم مقترحات حول كيفية تطبيق فكرة المنطقة الآمنة.”
وفي سياق الموقف الروسي أيضاً، ذكر الكاتب أن التعليق الروسي الأول على المنطقة الآمنة، جاء على لسان وزير الخارجية سيرغي لافروف الذي أشار إلى وجوب تسليم المناطق التي ستنسحب منها القوات الأمريكية، إلى النظام السوري. كما اقترح على “ي ب ك” التفاهم والتفاوض مع دمشق لتأمين استمراره تحت إدارة واحدة دون تدخل خارجي.
واستبعد “دوران” أن تعني هذه التصريحات معارضة موسكو الإشراف التركي على المنطقة الآمنة، مبرراً ذلك بأن تصريحات لافروف تندرج ضمن إطار الدبلوماسية الروسية المعتادة والقائمة على بدء رفع سقف المفاوضات في البداية.
ورأى “دوران” أن بوتين لن يرفض خلال لقائه مع أردوغان، صيغة معقولة للمنطقة الآمنة، بحيث تراعي مصالح أنقرة، مرجعاً السبب في ذلك إلى عاملين، الأول، هو “إدراك بوتين أن أية صيغة لا تطمئن تركيا في سوريا، لن يُكتب لها النجاح. وهو لا يريد خسارة تركيا التي كسبها عبر محادثات أستانة، في سبيل تنظيم مثل “ي ب ك” والذي يشكّل تهديداً وجودياً. السبب الثاني هو تحقيق موسكو مقاربة نوعية مع أنقرة بفضل دبلوماسية القادة التي أجراها أردوغان وبوتين.”
واختتم الكاتب بالقول إنه “من غير المعقول أن يُقدم بوتين على خسارة التعاون الذي يهدف إليه مع تركيا في البحر الأسود، وشرق البحر المتوسط، وأوروبا، عبر الدخول في نزاع في سوريا. وليس ببعيد عنا رسالة بوتين للرئيس أردوغان في رأس السنة الحالية، التي ذكر فيها إقامة علاقات تعاون ثنائية بما يحقق مصالح البلدين، من أجل ترسيخ السلام، والأمن والاستقرار في منطقة أوراسيا.”
ترك برس