ما هو موقف تركيا من خطة “أحمد الجربا” في الشمال السوري؟
تباينت آراء الخبراء حول موقف تركيا من خطة رئيس تيار “الغد السوري” أحمد الجربا، بشأن تشكيل “قوة عربية- كردية” لإدارة المنطقة الآمنة المزمع إقامتها في الشمال السوري بعد الانسحاب الأمريكي.
وحسب صحيفة “عربي21″ الإلكترونية، فإن الجربا الذي أجرى في الآونة الأخيرة زيارات متكررة إلى كل من أنقرة وواشنطن وأربيل العراق، يستعد لإجراء زيارة إلى موسكو لإقناع الطرف الروسي بالخطة.
وذكرت الصحيفة إن خطة الجربا تبحث في ملء الفراغ وتشكيل منطقة عازلة بين تركيا و”وحدات حماية الشعب” (YPG)، وذلك تجنبا للتصعيد والتوترات في هذه المنطقة، وتمهيدا لإعادة السكان إليها.
وتعد “YPG” الذراع السوري لتنظيم “حزب العمال الكردستاني” (PKK) المصنف في قوائم الإرهاب لدى تركيا والعديد من دول العالم، بما فيها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وبالرغم من ذلك تحظى بدعم غربي كبير.
وخطة الجربا تقضي بتشكيل قوة عسكرية تقودها “قوات النخبة” التابعة له، بالتشارك مع قوات “بيشمركة سوريا” التي تتكون من مقاتلين أكراد سوريين مدعومين من قبل رئاسة إقليم شمال العراق، لنشرها في المناطق المحاذية للحدود السورية- التركية في نطاق عمق يُتفق عليه ضمن إطار تفاهمات المنطقة الآمنة أو العازلة، وذلك بعد انسحاب (YPG) من هذه المناطق باتجاه العمق السوري.
الكاتب الصحفي التركي، عبد سليمان أوغلو، أشار إلى إصرار تركيا على إخلاء المنطقة الحدودية في منطقة شرق الفرات من (YPG)، مؤكدًا أن أنقرة لا تثق بالتوجهات الأميركية التي تدعم مقترحات الجربا الذي يعتبر حليفا للوحدات الكردية وأمريكا.
واعتبر الصحفي التركي أن الخطة لا تعدو كونها مقترحا أمريكيا للخروج من مأزق الاعتراض التركي.
واستدرك سليمان أوغلو: “ما زالت احتمالية القيام بعمل عسكري تركي قائمة، غير أن تركيا يمكن أن توافق على انتشار قوات الجربا في العمق أكثر، وليس في المنطقة الحدودية التي تمتد على الأقل بعمق 30 كم”.
ومتفقا مع الصحفي التركي، أعرب المحلل السياسي أسامة بشير، عن اعتقاده بأن خطة الجربا لا تحظى بقبول تركي، بسبب علاقات الجربا التحالفية السابقة مع الولايات المتحدة والسعودية.
وقال بشير إن لدى تركيا الكثير من الخيارات لملء الفراغ، دون الاستعانة بالجربا، وقواته المبالغ في عددها أصلا، على حد تعبيره.
وأضاف بشير بأن “الجربا بعد أن غاب عن المشهد السياسي السوري، يحاول إعادة اسمه إلى الواجهة من خلال هذا الطرح، وهو يتقرب من روسيا على أمل أن تساعده على تحسين علاقته بأنقرة”.
ورأى بشير أن “خطة الجربا قد يكتب لها النجاح في حال قررت روسيا وضع قوات النخبة تحت المظلة الروسية”.
في هذا الوقت، جدد وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، معارضة بلاده منح “الإرهابيين” أي فراغ يمكن أن يستفيدوا منه لتهديد وحدة أراضي سوريا، وتقويض الأمن القومي لجيرانها، داعيا الولايات المتحدة إلى الانسحاب من سوريا بطريقة منظمة ومنسقة.
المسؤول الإعلامي في منصة “INT” الإخبارية، جوان رمّو، رجح هو الآخر فشل خطة الجربا، مرجعا ذلك اعتراض كل من روسيا والنظام السوري والوحدات عليها.
وأوضح رمّو أن روسيا تدعم سيطرة النظام على كامل الجغرافيا السورية، وهو الأمر الذي يتعارض مع خطة الجربا، وكذلك النظام السوري.
وأما عن سبب معارضة (YPG) للخطة، أشار رمّو إلى خلافها الكبير مع “البشمركة السورية”، وعلق بقوله “الوحدات تعتبر البشمركة قوات موالية لتركيا، ولذلك من الواضح أن YPG قد تقدم على تسليم هذه المناطق للنظام، بدلا من الموافقة على هذه الخطة”.
وما يؤيد رأي رمّو، معارضة الرئيس السابق لحزب “الاتحاد الديمقراطي” الكردي، صالح مسلم، لفكرة إنشاء المنطقة الآمنة، تحت إشراف تركي.
وقوات النخبة، هي قوات عشائرية شكلت في الربع الأول من العام 2016، تتبع لـ”تيار الغد” ولها علاقات جيدة بالإمارات ومصر والسعودية.
وشاركت هذه القوات في قتال تنظيم الدولة “داعش”، مدعومة من التحالف الدولي، إلى جانب ما يعرف بـ”قوات سوريا الديمقراطية” (تشكل YPG عمودها الفقري) لكن من دون أن تنضم إليها.
وتتضارب الأنباء بشأن حجم هذه القوات الحقيقي على الأرض، ففي حين تقول مصادر “تيار الغد” بأن حجمها يناهز الـ10 آلاف مقاتل، تؤكد مصادر أخرى أن عددها لا يتجاوز الـ3 آلاف مقاتل.