لماذا يلجأ المسلمون لليوغا ولديهم الصلاة؟
نشرت صحيفة يني شفق التركية مقال رأي للكاتب خير الدين قرمان، انتقد فيه انتشار “اليوغا” في المجتمعات الإسلامية عامة وفي تركيا على وجه الخصوص.
وقال الكاتب في مقاله الذي ترجمته “عربي21” إن بعض الأطباء الأتراك من الذين يعيشون في الدول الغربية، ونسوا تقريبا انتماءهم للإسلام، يُقدمون الكثير من النصائح على أنها اكتشافات مُذهلة ومفيدة للصحة، وكان آخرها “ممارسة اليوغا لمدة 10 دقائق كل صباح” من أجل حياة صحية أكثر.
وأكّد الكاتب أنّه لا يعترض على النصائح المقدمة والمبنية على أسس علمية واضحة، والتي لديها فعلا فوائد على الجوانب الصحية والنفسية وغيرها. لكنّ الاعتراض هنا على اللجوء إلى بعض الممارسات التي تعتبر دخيلة على عاداتنا وثقافتنا وديننا مثل اليوغا.
وأشار الكاتب إلى أنّ اليوغا تُعتبر تابعة للثقافة الهندية والشرق الأقصى، وانتشرت في الآونة الأخيرة في العالم كما تنتشر الموضة، باعتبارها أداة لتخفيف التوتر والضغط. كما أنها ليست بريئة تماما، بل تُستخدم في كثير من الأماكن كأداة تبشيرية ودعوية لبعض الأديان والمعتقدات.
ويستطيع مَن يُمارس اليوغا بإتقان أنْ يُفرّغ رأسه وتفكيره من الضغوطات والهموم، إنْ نجح بالأداء تماما – وهذا صعب جدا – ولكنه عندما يعود إلى الحياة مجددا بعد ذلك، ويخوض غمار صعوباتها وازدحامها، فسيعود مجددا إلى ذات التوتر والقلق والضغط النفسي، إذ إن اليوغا لا توجد حلا مستمرا لذلك.
وأضاف الكاتب أنّ المسلمين لديهم الصلاة، التي تُقابل اليوغا، فعندما يرفع المسلم يديه أثناء الصلاة فهذا يعني أمرين؛ وضع كل الأمور خلف ظهره وتعظيم الله عز وجل وحده، وتصفية دماغه وقلبه متوجها إلى الله. والأمر الثاني يكمن في أنّ المؤمن يُدرك مراقبة الله عز وجل له على الدوام، وعندما يقع في غفلة أو خطأ يلجأ للذكر والاستغفار واستحضار وجود الله معه.
أما بالنسبة لليوغا فالأمر مُختلف، حيث تعمل على تفريغ الدماغ من الهموم، ولكن لا شيء يملأ هذا الفراغ، سوى العودة مجددا إلى صعوبات الحياة وتوتراتها والخوف والقلق من المستقبل. في مقابل ذلك، يؤدي المسلمون الصلاة بخشوع من أجل التخلص من أعباء الحياة وهمومها، ويستحضرون الطمأنينة والسكينة من خلال استشعار وجود الله عز وجل معهم، وعندما يعودون إلى الحياة وصعوباتها يتذكرون أنهم سيلجأون إلى الله في الصلاة التالية، وأنه سبحانه وتعالى سيكون معهم داعما وموجها لهم.
وأشار الكاتب إلى أن حركات الصلاة البدنية أيضا أكثر فاعلية وأكثر غنى من اليوغا. كما أنّ العلاقة المباشرة بين العبد وربه تمنحه الثقة الكبيرة، فبعد ذكر الله تعالى وتكبيره في كل ركعة، يصل المصلي إلى التشهد الأخير، والذي فيه يشعر كأنه يعرج إلى السماء، وكأنه يحادث ويخاطب الله عز وجل مباشرة، ويتذكر رحلة المعراج التي عاشها الرسول عليه الصلاة والسلام من خلال التشهد.
وأكّد الكاتب أنّ الاستفادة القصوى من الصلاة تكون من خلال تأديتها على أكمل وجه، وحينها يتعلّم من خلالها المسلم الأخلاق الحميدة، ويتجنب الأمور السيئة، وارتكاب الذنوب والآثام والفحشاء والمنكر. وهذا مُرتبط بصورة أساسية بالمحافظة على الصلاة باستمرار، وأدائها على أكمل وجه، فليس كل من يخرج للصيد يصطاد، لكن كل من لا يخرج للصيد لن يصطاد أبدا. فلماذا نوصي المسلمين بأداء اليوغا ونحن لدينا شعائر عظيمة في ثقافتنا وديننا مثل الصلاة؟
ونقل الكاتب وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم المتعلقة بالمحافظة على الصحة، والتي تنهى عن تناول الطعام دون الشعور بالجوع، وتنهى عن تناوله بسرعة، وتنهى عن امتلاء المعدة. وحذّر صلى الله عليه وسلم من الأطعمة والأشربة الحرام، وشجّع على صوم النافلة، مؤكدا أنّ الدنيا مؤقتة وفانية وليست هي الهدف.
وأشار خير الدين قرمان إلى فتوى الشؤون الدينية التركية المتعلقة باليوغا والتي قالت فيها: “تُعتبر اليوغا أداة دينية لدى المعتقدات الهندية والبوذية تسعى من خلالها إلى الوصول إلى الحقيقة. وجرى في السنوات الأخيرة تسويق اليوغا في بلادنا على أنها مجرد تدريب بدني ونفسي، ويروّجون لها من خلال القول إنها منفصلة تماما عن أي معتقدات، وإنها علاج نفسي وروحاني مهم. لكن ذلك يُنافي الحقيقة تماما، لأنّ اليوغا لا تزال أداء وشعائر تمارس في المعتقدات الهندية. ولذلك فإنه من غير الملائم للمسلم أن يمارس اليوغا وهو يعلم أنها شعائر دينية لمعتقدات أخرى”.
واختتم الكاتب مقاله بالتأكيد على ضرورة زيادة التوعية الدينية في المدارس من أجل التخلص من مثل هذه العادات التبشيرية لمعتقدات الآخرين.