قراءة إسرائيلية لمستقبل الوضع في “إدلب” والتحركات التركية شمالي سوريا
تناولت صحيفة إسرائيلية التطورات الأخيرة في محافظة إدلب السورية، والمباحثات التي تجريها تركيا مع روسيا وإيران من جهة والولايات المتحدة من جهة أخرى فيما يتعلق بمستقبل الوضع في الشمال السوري، وخاصة بعد الانسحاب الأمريكي.
وقالت صحيفة “هآرتس” في تقرير للكاتب “تسفي برئيل”، إن الرئيس التركي رجب أردوغان حذر هذا الأسبوع من أن دولته لا تستطيع أن تقف وحدها أمام موجة أخرى من اللاجئين.
واعتبرت هآرتس، وفق صحيفة القدس العربي، أن أقوال أردوغان وجهت بالأساس إلى دول الاتحاد الأوروبي التي وقعت على اتفاق اللاجئين مع تركيا وما زالت ترفض منح مواطنيها إعفاء من تأشيرة دخول إلى دول الاتحاد ـ طلب يعتبر أحد الشروط الأساسية للاتفاق.
وأشارت إلى أن التهديد بالسماح بهجرة لاجئين سوريين إلى أوروبا غير جديد، وهو يطرح في كل مرة في المحادثات التي تجريها تركيا مع دول الاتحاد بشأن تطبيق الاتفاق كرافعة ضغط لتطبيق الإعفاء من تأشيرات الدخول.
وزعمت أن “هذه الأقوال موجهة أيضاً لروسيا وإيران، اللتين تواصلان الضغط من أجل عملية عسكرية واسعة في محافظة إدلب، التي يتركز فيها عشرات آلاف مقاتلي المليشيات المتمردة ومنها منظمات إسلامية متطرفة”، على حد تعبيرها.
وتابعت: “حسب اتفاق التفاهمات الذي توصلت إليه تركيا مع روسيا فقد تم تأجيل العملية العسكرية من أجل تمكين تركيا من إقناع المليشيات الراديكالية بمغادرة المحافظة بدون قتال. ولكن حتى الآن لم تنجح تركيا في إحداث أي تغيير في الوضع على الأرض”.
ورأت الصحيفة أن “محافظة إدلب هي المعقل الهام الأخير الذي يمنع سيطرة الجيش السوري على جميع أراضي الدولة. وبهذا هو يشكل عائقاً أمام استكمال العملية السياسية”.
كما ادّعت أن “تركيا تخشى وعن حق من أن معركة إدلب ستؤدي إلى قتل جماعي آخر وتسبب موجة كبيرة أخرى من اللاجئين الذين سيجتازون الحدود إلى أراضيها”.
وجاء في التقرير: أردوغان يقترح منذ فترة طويلة أن يؤسس في شمال سوريا منطقة آمنة بإشراف ومسؤولية تركيا من أجل استخدامها ملجأ مؤقتاً للاجئين الذين يعيشون في تركيا.
مبدئياً توافق روسيا وأمريكا على إقامة منطقة آمنة كهذه، لكن أمريكا تعارض أن تكون تركيا هي المسيطرة الحصرية على المنطقة خوفاً من أن تعمل قواتها ضد القوات الكردية التي ما زالت تعتبر حليفة للولايات المتحدة.
في النقاشات المتواصلة التي تجري بين واشنطن وأنقرة تبذل جهود لإيجاد صيغة تمكن من إشراف دولي على المحافظات الشمالية في سوريا الموجودة على الحدود مع تركيا، ولكن الأتراك يعارضون ذلك ويطمحون إلى الحصول على يد حرة في القتال ضد من يعتبرونهم مليشيات إرهابية ضد تركيا.
يبدو أنه بدون اتفاق مقبول لواشنطن وأنقرة، ستجد الولايات المتحدة صعوبة في الالتزام بالجدول الزمني الذي حدده ترامب لسحب القوات الأمريكية من سوريا.
حسب أقوال أردوغان، تركيا استثمرت حتى الآن 37 مليار دولار من مواردها في استيعاب أكثر من 3 ملايين لاجئ. ولكن الجانب الاقتصادي لمشكلة اللاجئين ثانوي حسبها مقابل الحاجة إلى إقامة منطقة آمنة ضد المليشيات الكردية.
وعن وسائل العمل المحتملة لتربيع الدائرة التي تستطيع فيها تركيا تأمين حدودها الجنوبية وأن تؤدي إلى حل في محافظة إدلب ومنع عملية عسكرية كبيرة، بحثت تركيا وروسيا وإيران في مؤتمر القمة الذي عقد في سوشي في روسيا في 14 شباط، في نفس اليوم الذي عقد فيه في وارسو مؤتمر بادرت إليه الولايات المتحدة لتنسيق العمل ضد إيران.
حسب التقارير من سوشي يبدو أن الدول الثلاث تخطط لعملية مشتركة من أجل تطهير إدلب من التنظيمات الإسلامية المتطرفة. ولكن لم يتم الإبلاغ عن الطرق التي ستتبع من أجل تحقيق هذا الهدف.
وإذا تم تحديد موعد زمني لبداية العملية العسكرية، فإن تنسيق المواقف العسكرية مع إيران وروسيا يعمق الشرخ بين تركيا، العضوة في الناتو، والولايات المتحدة التي تنشغل بحلول تكتيكية تمكنها من انسحاب هادئ من سوريا بدون خطة استراتيجية أو سياسية وبدون أن تحدد مصالحها المستقبلية.
ترك برس