جزائريون معارضون يمطرون مستشفى سويسري بالأسئلة عن بوتفليقة ويطلبون له البيتزا
يتلقى المستشفى الذي يعالج فيه الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بمدينة جنيف مئات المكالمات والرسائل النصية من مواطنين يسألون عن صحة رئيسهم، وفق وسائل إعلامية سويسرية.
ومنذ 24 فبراير/شباط الماضي يرقد بوتفليقة بالمستشفى الجامعي في جنيف السويسرية لإجراء “فحوصات طبية روتينية”، كما قالت الرئاسة سابقا في بيان.
مستشفى جنيف يغرق بالمكالمات
والأربعاء، قال الناطق باسم مستشفيات جنيف الجامعية نيكولا دو سوسور لصحيفة “لودوفيني ليبيري” الفرنسية، إن محول الهاتف للمستشفى الجامعي بجنيف كان يتلقى ما معدله 3 آلاف مكالمة.
واستدرك دوسوسور: “لكن منذ يومين أصبح يستقبل الضعف والعدد الكبير للمتصلين من الجزائر”.
ونشرت الأربعاء صحيفة “لاتريبين دو جنيف” السويسرية على موقعها مقالا عنونته: “المستشفى الجامعي بجنيف يغرق بالمكالمات الهاتفية والرسائل النصية بسبب بوتفليقة”.
وحسب الصحيفة فإن الرئيس الجزائري بحاجة لرعاية طبية مستمرة، وهو يعاني من مشاكل عصبية وتنفسية، وحياته مهددة بشكل دائم.
فيما قال عبد الغني زعلان مدير حملة بوتفليقة في حوار مع صحيفة الخبر (خاصة) إن الأخبار المتداولة حول تدهور صحة الأخير لا أساس لها من الصحة.
لماذا قد يغادر بوتفليقة مستشفى جنيف؟
ومساء الأربعاء قالت مراسلة القناة السويسرية (RTS) إنّ “الأمور غامضة حول صحة بوتفليقة”، فيما قالت صحيفة لاتريبين دو جنيف أنّ حالته متدهورة، ولم تؤكد إدارة المستشفى ذلك.
وأكدت الصحفية أنّ “مصادر تتحدث عن احتمال مغادرة بوتفليقة المستشفى خلال الدقائق أو الساعات القادمة نحو مستشفى آخر أو الجزائر بسبب الإزعاج”.
وأوضحت أنّ “مركز استقبال المكالمات عرف ضغطا الثلاثاء بسبب الاتصالات المكثفة للجزائريين للسؤال عن صحة بوتفليقة والتأكد من وجوده في المستشفى”.
ووفق المراسلة فإن “إدارة المستشفى عززت عدد العمال في مركز استقبال المكالمات بتسخير 9 أشخاص إضافيين”.
وأشارت أنّ “الصفحة الرسمية للمستشفى على فيسبوك تم تعليقها مؤقتا”.
نشطاء يطمئنون على الرئيس؟
ويتداول نشطاء في مواقع التواصل فيديوهات تظهر اتصالهم بالمستشفى الجامعي بجنيف وسط طرافة يصنعونها مع مستقبلي المكالمات.
ونشر أحد النشطاء يدعى “دادو” فيديو يظهره وهو يتصل بالمستشفى ويحادث مستقبلة المكالمات قائلا: “أتصل بكم من الجزائر للسؤال عن الرئيس بوتفليقة وأعتقد أنّكم تلقيتم مئات المكالمات”.
فردّت المستقبلة (وهي تضحك): “بل تلقينا الآلاف”. فردّ عليها: “لا أطلب منكم شهادة طبية، بل أشكركم على رحابة صدركم مع الجزائريين”.
وناشط يجري اتصالا آخر قائلا: “لقد أوصلنا أربع طلبيات بيتزا إلى الطابق الثامن (حيث يوجد بوتفليقة) لكن لم تدفعوا الحساب”.
فيرد مستقبل المكالمة ضاحكا: “أنت تتحدث من الجزائر من أجل الرئيس بوتفليقة، الذي تعتقد أنّه متواجد في الطابق الثامن”.
وأضاف: “لا أملك هذه المعلومة في جهاز الكومبيوتر”. فيجيبه المتصل: “موزع البيتزا طلبوا منه بيتزا خامسة” (ويقصد بها ترشح بوتفليقة لولاية خامسة).
وأردف المتصل: “إذا لم تدفعوا حساب أربع “بيتزات” (يقصد 4 ولايات) فلا توجد هناك خامسة (أي ولاية خامسة)”.
الاتصالات ورقة ضغط لعدول بوتفليقة عن الترشح
وتعليقا على الخطوة المفاجئة يرى الكاتب عبد الرزاق بوكبة أنّ “الجزائريّ بات مؤطّرا بوعي سياسيّ طالما اتهم بأنه لا يملكه”.
وقال بوكبة للأناضول: “إغراق المستشفى السويسري بالمكالمات هو ضغط من الجزائريين على المستشفى لإخراجه من دائرة التحفظ ودفعه للكشف عن الواقع الصحي للرئيس”.
ولفت أنّ هذا السلوك من الجزائريين يعد إشارة أخرى منهم لتولي تسيير حراكهم بأنفسهم بعيدا عن التنظيمات التقليدية.
وتعتقد الإعلامية لامية أورتيلان (صحفية بجريدة الخبر) أنّ “سبب هذه الاتصالات يعود إلى رغبة الشارع الجزائري الشديدة في انسحاب الرئيس من ترشحه للولاية الخامسة”.
وعبرّت بقولها لـ”الأناضول”: “الدليل هو المظاهرات الحاشدة يومي 22 فبراير و1 مارس/أذار الماضيين والمنددة بترشح بوتفليقة لولاية خامسة”.
وأكدّت أنّ “الشعب اليوم فقد الأمل وهو على دراية بأنّ أمور البلاد يسيّرها أشخاص (لم تذكرهم)”.
وأشارت أنّ “الرئيس الغائب عن شعبه ولم يكلمهم منذ سنوات لا يمكن عودته لتولي مهامه كما في السابق”.
ولفتت أنّ “الشعب يطالب بالتغيير سواء كان رئيسه بصحة جيّدة أو مريض فهذا بات لا يعنيه في ظل تعطل أجهزة الدولة وانتشار الفساد”.
وأوضحت المتحدثة أنّ “هذه الاتصالات تعتبر ورقة ضغط على الرئيس ليسحب ملف ترشحه”.
بدوره، اعتبر الكاتب والإعلامي رياض وطار أنّ “السؤال عن الرئيس بوتفليقة بالمكالمات الهاتفية والرسائل نتيجة حتمية مكملة للحراك الشعبي الذي انطلق في الـ22 فبراير المنصرم”.
وقال وطار لـ”الأناضول” إنّ “أغلبية المكالمات ولو بنوع من المزاح تصب في خندق واحد رحيل الرئيس بوتفليقة أو الاعتراف الرسمي من الطاقم الطبي بخطورة الحالة الصحية للرئيس”.
وأضاف: “هذا الضغط سيؤثر على المجلس الدستوري ليرفض ملف ترشح بوتفليقة لولاية خامسة”.
وفي 3 مارس/ آذار الجاري، أعلن بوتفليقة ترشحه رسميا للانتخابات، عبر مدير حملته عبد الغني زعلان، الذي قدم أوراقه للمجلس (المحكمة) الدستوري.
وتشهد البلاد حراكا شعبيا ودعوات لتراجع بوتفليقة عن الترشح، شاركت فيه عدة شرائح مهنية، من محامين وصحافيين وطلبة فيما طالبت قوى معارضة بتأجيل الانتخابات المقررة في 18 أبريل/ نيسان المقبل.