لاتريبون: بوتفليقة استعار هذه الآلية من “كابيلا”
تناولت صحيفة فرنسية الأزمة السياسية في الجزائر، والنهج الذي يتبعه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة للاستمرار في السلطة.
ونشرت صحيفة “لا تريبون” الفرنسية تقريرا سلطت فيه الضوء على اعتماد بوتفليقة تقنية “الانزلاق”، حتى يتسنى له البقاء في السلطة لأطول فترة ممكنة.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته “عربي21″، إن هناك نقطة مشتركة بين الرئيس السابق لجمهورية الكونغو الديمقراطية، جوزيف كابيلا، وعبد العزيز بوتفليقة، إذ يُتقن كلاهما بشكل جيد فن التظاهر بمغادرة كرسي الحكم من أجل البقاء أكثر في السلطة.
فقد تخلّى كابيلا عن كرسيه مع مواصلة سيطرته على المؤسسات العليا، أما بوتفليقة، وبضغط من الشارع، فتخلى عن الترشح لولاية خامسة مع تمديد فترة ولايته الرابعة لأجل غير محدد.
ويُطلق الكونغوليون على هذه التقنية اسم “الانزلاق”، وهي العبقرية السياسية التي تستخدم المماطلة لتأخير انتهاء فترة الرئاسة التي يسمح بها الدستور.
وفي الوقت الحالي، يُشير التاريخ غير المؤكد للمؤتمر الوطني الشامل إلى “مستقبل قريب جدا”، ويجب أن يكون هذا المؤتمر تمهيدًا لمغادرة عبد العزيز بوتفليقة للسلطة.
علاوة على ذلك، يعتبر تاريخ رحيل الرئيس الجزائري غير واضح، علما وأن ولايته الحالية تنتهي بحلول 28 نيسان/ أبريل، لكن، يبدو أن عبد العزيز بوتفليقة مصمم على تمديد فترة ولايته الدستورية بما يتجاوز الحد القانوني، كما أكد في رسالته المؤرخة يوم 19 آذار/ مارس 2019 بمناسبة عيد النصر. وقد اغتنم هذه الفرصة لتلبية طلبات التغيير، التي تنادي بها المظاهرات في شوارع البلاد.
وذكرت الصحيفة أن الرئيس الجزائري كتب في رسالته، التي تداولتها الصحافة المحلية، أن “بلادنا مقبلة على تغيير نظام حكمها وتجديد منهجها السياسي والاقتصادي والاجتماعي على يد الندوة الوطنية الجامعة (…)، وإن مهمة هذه الندوة حساسة لأنها هي التي ستتخذ القرارات الحاسمة الكفيلة بإحداث القفزة النوعية التي يطالب بها شعبنا وخاصة أجيالنا الشابة، التي ستتجسد من خلال تعديل دستوري شامل وعميق سيبُت فيه الشعب عن طريق الاستفتاء، (…) ويكون منطلقا لمسار انتخابي جديد مبتدؤه الانتخاب الرئاسي الذي سيأتي البلاد برئيسها الجديد”.
وبعد أن حاصرته شوارع تهتف بالتغيير، مهد عبد العزيز بوتفليقة الطريق لبديل على رأس الدولة، عندما أعلن في رسالة سابقة تعود إلى تاريخ 11 آذار/ مارس أنه تخلى عن الترشح لولاية خامسة.
وفي أعقاب ذلك، وإلى أجل غير مسمى، أجل رئيس الدولة الجزائرية الانتخابات الرئاسية التي كان من المزمع عقدها في 18 نيسان/ أبريل، والتي سيتم الإعلان عن موعدها بعد أشغال مؤتمر وطني شامل من شأنه أن يقرر تعديل الدستور. ولتهدئة غضب الشارع، عيّنت السلطة التنفيذية نور الدين بدوي في منصب رئاسة الوزراء، مكلفا بتشكيل حكومة أكثر شبابا وشمولا.
وأضافت الصحيفة أن هذه المماطلات تؤخر رحيل عبد العزيز بوتفليقة من كرسي الرئاسة لمدة سنة على الأقل، ويبدو أن الرئيس الجزائري استعار من جوزيف كابيلا استراتيجية يعرفها الكونغوليون جيدا، يُطلق عليها اسم “الانزلاق”.
وينطبق هذا المصطلح على ميل رئيس الدولة لتمديد مدة ولايته إلى ما بعد الحد الدستوري، وأحيانًا دون أي أساس قانوني.
وفي ظل الاحتجاج، تمكنت جمهورية الكونغو الديمقراطية من تحقيق أول انتقال ديمقراطي سلمي في تاريخها، وكان ذلك في الانتخابات الرئاسية التي تم عقدها يوم 30 كانون الأول/ ديسمبر 2018، بتأخير تجاوز السنتين، فبعد انتهائها بتاريخ 19 كانون الأول/ ديسمبر 2016، مُددت ولاية جوزيف كابيلا، رغم احتجاجات قُمعت بالعنف أحيانا، بفضل عقد اتفاقية سانت سيلفستر مع المعارضة.
وتساءلت الصحيفة عما إذا كان هناك تشابه بين المثالين الكونغولي والجزائري، ومع ذلك، نحن بعيدون كل البعد عن هذا الاحتمال، ففي جمهورية الكونغو الديمقراطية، خلَف فليكس تشيسكيدى جوزيف كابيلا في الحكم، أما في الجزائر، فتظل الشكوك تحوم حول تاريخ الانتقال والشخصيات المتفق عليها بالشكل المطلوب حتى تُجسد هذا الانتقال.
وفي الختام، أوردت الصحيفة أن احتمال مغادرة عبد العزيز بوتفليقة لكرسيه في قصر المرادية يُشبه تاريخ هذا المؤتمر، فهو غير مؤكد إلى أن يتم إثبات عكس ذلك. في المقابل، من المؤكد أن الرئيس الجزائري يستعير هذه الاستراتيجية المتمثلة في الانزلاق ليصبح كابيلا الجديد.