رئيس فيدرالية الناشرين بالمغرب: هذا مـا تريده الرباط للجزائر
أكد رئيس الفيدرالية المغربية لناشري الصحف المدير المسؤول عن صحيفة “الأيام” المغربية، نور الدين مفتاح، أن المغرب معني ألف مرّة بما يقع في الجزائر من حراك، ليس فقط بحكم الحدود الجغرافية الطويلة بين البلدين، وإنما أيضا بسبب التاريخ والمصير المشترك لشعبي البلدين.
واعتبر مفتاح، في مقال له اليوم بصحيفة “الأيام”، التي يديرها، أن “الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الذي استطاع أن يوطد الوئام الوطني بعد حرب أهلية في عشرية سوداء، تجاوز حدود المعقول والمقبول بإصرار النظام على تركه واجهة له، لعدم اتفاق أقطاب الحكم في الجزائر على رئيس بديل”.
وأضاف: “الذي يمكن أن نشاطر فيه الإخوة الجزائريين آلامهم هو هذه المهانة التي يحسون بها وهم يقدمون بلد المليون ونصف المليون شهيد للعالم برئيس مريض عاجز، مجرد صورته تكفي لتحرك الجبال غضبا وخجلا. رئيس يعطل عجلة بلد كامل، له مقدرات بترولية هائلة ولكنه يعيش فقر الدول المتخلفة. رئيس واجهة ثمنه غال جدا بالنسبة لبلاده إذا كان المقابل المزعوم هو الاستقرار”.
وأشار مفتاح، إلى أن “أركان النظام تراجعوا عن ترشح بوتفليقة لعهدة خامسة، وأعلنوا تنظيم ندوة وطنية قد يرأسها الديبلوماسي الأخضر الإبراهيمي لتعديل الدستور، وعينوا حكومة تصريف أعمال، وأجلوا الانتخابات، لكن هذا لم ولن يقنع الشارع الجزائري، الذي اعتبر المسألة التفافا على مطالبه”.
وأشار مفتاح إلى أن الرئيس بوتفليقة تمكن من “تفكيك القوة الضاربة للجنرال توفيق، وريث قاصدي مرباح على رأس الاستخبارات العسكرية، وأزاح كبار جنرالات الجيش، ووزع ملكية الدولة بين ثلاثة أقطاب: هو في الوسط، ويتحرك من خلفه أخوه سعيد بوتفليقة، والجنرال قايد صالح، رئيس الأركان ونائب وزير الدفاع، وعثمان طرطاق، رئيس جهاز الاستخبارات”.
وأكد مفتاح أنه “إذا كان الشارع اليوم قد أسقط بوتفليقة، فإن الذين بيدهم مصير البلاد اليوم هم أقطاب الجيش”.
وأضاف: “إنه إذا كان لكل بلد جيش، فللجيش الجزائري بلد! أو كما نقل عن هواري بومدين من أن الجيش هو العمود الفقري للجزائر والمخابرات هي نخاعها الشوكي”.
وأكد مفتاح، وهو واحد من الأسماء الإعلامية المغربية الفاعلة، أن “وضع الجيش في الجزائر هو جوهر المشكل المغربي مع الجزائر الشقيقة”، وقال: “إن عقيدة الجيش الجزائري بهذا الوضع في بنيان الحكم تمحورت حول العداء للمغرب، وبالتالي كان يستحيل على أي رئيس مهما كان حسن نيته أن ينهي أم المشاكل بالمغرب الكبير، وهي قضية الصحراء”.
وأضاف: “المغرب معني بما يجري بالجزائر، لأن تغيير النظام في الجارة من نظام عسكرتاري إلى نظام انتقال ديمقراطي هو أسهل السبل لحوار الوضوح، وأيسر الطرق لإيجاد ممرات للمياه المختنقة في مجاري السياسة بين البلدين”.
وتابع: “إن جزائر قوية بديمقراطيتها واستقرارها وسمو إرادة الأمة فيها على ما عداها، مصلحة مشتركة، والأسوأ هو أن تتطور الأمور إلى تكرار فواجع الماضي واللااستقرار الأمني”.
ورأى مفتاح أنه “لا يمكن أن تنبثق طبقة سياسية جديدة مستقلة في جزائر جديدة إذا لم تتكسر الترسبات الجيولوجية لتحكم الجيش في السياسة”.
وقال: “هذا الأمل مطروح اليوم، فعندما يصبح مكان الجيش هو الثكنات والحدود، كما هو الشأن في المغرب، فآنئذ يمكن أن نتحاور على أسس جديدة، وإذا ارتأت القيادة الجديدة الحرة ذات الشرعية الشعبية أن تواصل سياسة الحدود المغلقة ووضع الدفاع عن البوليساريو في أولوية أولويات ديبلوماسيتها، فهنا سنكون أمام وضع مؤسف، ولكنه أحسن من الوضع السابق، الذي كان أمر التغيير فيه شبه مستحيل مع جيل من الجنرالات جبل على الأبواب الموصدة والآذان الصماء”.
وأكد مفتاح، أن “فتح باب للتطبيع المغربي الجزائري سيكون متنفسا رائعا للشعبين ولجيرانهما، وسيزيد من نسبة النمو في البلدين وسيعزز الاستقرار بمحاربة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود”.
وقال: “حتى إن بقيت قضية الصحراء عالقة، فتعاون مغربي جزائري بدون خلفيات سيسهل إيجاد حل لها بمعادلة لا غالب ولا مغلوب، وهذه الأهداف تبدو للمغاربة الذين يتابعون باهتمام بالغ ما يجري في شوارع العاصمة وفي قصر المرادية قريبة، رغم عسر المخاض”، على حد تعبيره.
وكان المغرب قد رفض ادعاءات تنسيقه مع بلدان أخرى خصوصا فرنسا حول الأحداث الأخيرة في الجزائر، مؤكدا أنه اتخذ قرارا بعدم التدخل أو التعليق على تلك الأحداث.
وقال وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة في تصريحات له الأسوع الماضي إن الرباط “قررت عدم التدخل أو التعليق على الأحداث الأخيرة التي تشهدها الجزائر”، وذلك تعليقا على تقارير إعلامية بالجزائر وفرنسا ادعت أن الرباط أصدرت مواقف إزاء ما يقع بالجزائر، وأنها تنسق مع فرنسا حيال التطورات بالجزائر.
ومنذ إعلان ترشح الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة في 10 شباط (فبراير) الماضي لولاية رئاسية خامسة، تشهد الجزائر احتجاجات وتظاهرات رافضة لذلك.
وعلى وقع ذلك، أعلن بوتفليقة، إقالة الحكومة وسحب ترشحه لولاية خامسة وتأجيل انتخابات الرئاسة، لكن تلك القرارات لم توقف الاحتجاجات؛ حيث اعتبرتها المعارضة بمثابة “تمديد” لحكم الرئيس الجزائري، و”التفافا على الحراك الشعبي الذي يطالب برحيله”.
يذكر أن العلاقات المغربية ـ الجزائرية تعيش توترا مزمنا وأن الحدود البرية بين البلدين مغلقة منذ العام 1994.