التقارير المشبوهة عن الاقتصاد التركي عشية الانتخابات.. مَن وراءها؟
تتباين آراء الخبراء والمراقبين حول التقلبات المفاجئة التي تشهدها الليرة التركية في الآونة الأخيرة، ومدى مصداقية التقارير التي تصدرها مؤسسات دولية عن الوضع الاقتصادي في تركيا قبل أيام من الانتخابات المحلية.
ونزلت الليرة بشكل حاد يوم الجمعة، واختتمت تعاملات الأسبوع الماضي عند 5.7625 مقابل الدولار، وهو أسوأ مستوى إغلاق منذ أكتوبر/تشرين الأول وجاء تزامنًا مع تقرير لبنك الاستثمار الأمريكي “جي بي مورغان”.
وكانت هيئة التنظيم والرقابة المصرفية في تركيا قالت إنها فتحت تحقيقا بشأن شكاوى ضد بنك الاستثمار الأميركي “جي بي مورغان” وغيره من البنوك بسبب تقرير “مضلل” تسبب في تراجع الليرة بأكثر من 4%، وانخفاض حاد للمؤشر الرئيسي للبورصة التركية أمس الأول الجمعة.
وقالت الهيئة السبت إنها تلقت شكاوى بأن التقرير الذي نشره بنك “جي بي مورغان” الجمعة أضر بسمعة البنوك التركية، وأحدث تقلبا في أسواق المال، مضيفة أنه سيتم اتخاذ “الإجراءات الإدارية والقضائية” اللازمة في هذا الشأن.
وارتفعت الليرة التركية الثلاثاء في تعاملات متقلبة مع نجاح سلسلة تعديلات أجراها البنك المركزي في تعويض أغلب الخسائر الكبيرة التي تكبدتها الأسبوع الماضي، حتى مع انحسار توقعات خفض أسعار الفائدة في الشهور المقبلة.
البنك المركزي التركي، أعلن الإثنين، استمراره في استخدام جميع أدوات السياسة النقدية وإدارة السيولة لدعم الاستقرار المالي في البلاد.
وأوضح المركزي التركي في بيان، أن التقلبات التي تطرأ على الاحتياطي، ناجمة عن العمليات المعتادة والدورية، وأنه لا يوجد موقف لا يمكن التنبؤ به.
وأضاف البيان أن مؤشرات الاقتصاد الكلي لتركيا، تشير إلى استمرار عملية التوازن مع تأثير خطوات السياسة المنسقة. ولفت إلى أن البيانات الرائدة تظهر انتعاشًا معتدلًا في الطلب المحلي خلال الربع الأول من العام الحالي.
وأكد البيان أن عملية الاستقرار الاقتصادي للسياسة النقدية تتماشى مع هدف استقرار الأسعار، مشيرا أن البنك المركزي يواصل سياسته المتمثلة في تعزيز احتياطياته. وذكر أن المركزي التركي يراقب عن كثب، التقلبات الملحوظة في الأسواق المالية والتذبذبات في أسعار الصرف.
أستاذ الاقتصاد بأكاديمية العلاقات الدولية بإسطنبول، أحمد ذكر الله، يرى في تعليقه على تطورات الأوضاع في سوق الصرف التركي، أن “الأمر لا يتعدى كونه استخدام أداة اقتصادية في حرب سياسية”، وفق صحيفة “عربي21” الإلكترونية.
وقال ذكر الله إن الولايات المتحدة الأمريكية تستغل أوراق ضغط اقتصادية لتحقيق مكاسب سياسية معينة على حساب الطرف التركي، عن طريق التلاعب بالليرة كما حدث العام الماضي عندما وصل سعر صرف الليرة التركية إلى 7 ليرات للدولار الواحد قبل أن تتراجع لتستقر فترة عند مستويات 5.30.
وأشار إلى أن تركيا تمر بعلاقات من التجاذب مع الإدارة الأمريكية على خلفية أكثر من قضية أبرزها تتعلق بصفقة صواريخ S400 الروسية، وبعض الخلافات داخل النطاق السوري أبرزها تتعلق بالملف الكردي.
وأوضح ذكر الله أن الولايات المتحدة استغلت الوضع السياسي الداخلي وقرب التصويت في الانتخابات المحلية التركية، واستخدمت بعض الصحف الأمريكية المشهورة لتمرير تقارير اقتصادية “مشبوهة” تحدثت عن ذعر بين الأتراك لتحويل ودائعهم بالليرة التركية إلى دولار.
وأضاف: “الواضح من تصريحات الرئيس أردوغان الأخيرة، أن هناك معلومات وصلت إلى الإدارة التركية تفيد بوجود دول وراء مثل هذه التقارير الاقتصادية المشبوهة للتلاعب بالأمن الاقتصادي والأمن القومي التركي، وبالتالي هو توعدهم بدفع الثمن غاليا، بعد الانتهاء من الانتخابات المحلية المقررة في نهاية الشهر الجاري”.
وحول الحساسية المفرطة لليرة التركية في مواجهة الصدمات السياسية أو الاقتصادية، قال ذكر الله: “هذه ليست حساسية مفرطة بقدر ما هو تلاعب بأسواق المال العالمية، بحجم كبير جدا من الأموال، يستخدمها المتربصون بالاقتصاد التركي لهز ثقة المستثمرين فيه”.
وتابع: “صحيح أن الاقتصاد التركي مدين بنسبة كبيرة، إلا أنه لا يمكن أن يحدث انخفاض بنسبة 5 بالمئة أو 10 بالمئة في يوم واحد إلا إذا كانت مؤشرات الاقتصاد ضعيفة للغاية وهذا غير صحيح في حالة الاقتصاد التركي”.
وأردف: “تركيا تدرك تماما أن الوصول إلى العشرة الكبار اقتصاديا لا بد أن يواجه بمزيد من الضغوط والعراقيل، وتدخلات دولية كبرى لا تريد أن تصبح تركيا من بين أكبر عشر اقتصاديات في العالم”.