المؤسسات الرياضية واستضافة البطولات.. طريق قطر نحو العالمية
برز اسم قطر في المجال الرياضي مع فوزها بتنظيم مونديال كأس العالم 2022، إلا أن ذلك لم يكن سوى تتويج لجهود طويلة بذلتها مؤسسات وهيئات وطنية أخذت على عاتقها الاستثمار في مجال الرياضة.
يقول الكاتب القطري صالح غريب لوكالة الأناضول، إن “قطر بدأت رحلتها مع الرياضة منذ الثمانينات بعد مشاركتها في بطولة كأس العالم للشباب عام 1981”.
وحل المنتخب القطري لكرة القدم في المركز الثاني في تلك البطولة التي استضافتها أستراليا، بعد وصوله للنهائي أمام ألمانيا الغربية.
وبحسب غريب “بدأت الدوحة منذ ذلك الوقت تتجه إلى توسيع الاستثمار في مجال الرياضة واستطاعت بالفعل النجاح في ذلك.”
وأضاف “قامت قطر بالتوجه نحو تطوير الرياضة الداخلية الوطنية، وهذا مكنها بعد جهود سنوات من الحصول على كأس آسيا 2019.”
ومطلع فبراير/شباط الماضي، تمكن “العنابي” من الوصول إلى نهائي بطولة كأس آسيا التي أقيمت في الإمارات، والتتويج باللقب الآسيوي للمرة الأولى في التاريخ، بعد تغلبه على منافسه الياباني، بثلاثة أهداف لهدف في المباراة النهائية.
واعتبر غريب أن “خبرات قطر واهتمامها بالمجال جعلها جديرة باستضافة أهم حدث رياضي عالمي وهو كأس العالم 2022؛ وهذا دليل على ثقة عالمية في إمكانات دولة قطر”.
وفازت الدوحة، في 2010، بحق استضافة المونديال، كأول دولة في الشرق الأوسط، بحيث يقام الحدث الرياضي الأهم على مدار 28 يوماً، وستجرى المباراة النهائية في 18 ديسمبر/كانون الأول 2022، بالتزامن مع اليوم الوطني لدولة قطر.
** إنشاء المؤسسات واستضافة البطولات
في طريقها إلى لقب “عاصمة الرياضة العالمية” أولت قطر اهتماما كبيرا بعنصرين أساسيين، هما إنشاء مؤسسات رياضية متطورة ومتخصصة على أعلى المستويات، وكذا استضافة البطولات والفعاليات والمناسبات الرياضية في مختلف الألعاب والرياضات.
وفي هذا الصدد يقول غريب إن “القيادة القطرية لديها رؤية ثابتة وواضحة في أن تكون الدوحة عاصمة للرياضة العالمية”.
ويضيف أنه يمكن في إطار ما جاء في “رؤية قطر الوطنية 2030” فهم حجم الاستثمارات القطرية الكبيرة في عالم الرياضة.
ويأتي مونديال قطر، الذي يُقام في شتاء 2022، على رأس استثمارات الدوحة في الرياضة؛ إذ تبني الدولة الخليجية الرائدة ملاعب على طراز عالمي، وبأحدث التقنيات.
** مؤسسات فاعلة
توزعت مهام تطوير الرياضة القطرية على عدد من المؤسسات والهيئات الوطنية التي عملت لسنوات كمنظومة متناغمة وفق برنامج طموح:
– لجنة الإرث والمشاريع
اللجنة العليا للمشاريع والإرث، أنشئت عام 2011؛ وهي المؤسسة القطرية المسؤولة عن تنفيذ مشاريع البنية التحتية اللازمة لاستضافة مونديال 2022.
تنفذ اللجنة مشاريع البنية التحتية وخطط الدولة المستضيفة وعملياتها التشغيلية، لتحقيق نسخة تاريخية من بطولة كأس العالم لكرة القدم.
– “أسباير ”
هي أبرز المؤسسات القطرية التي تُعد قوة ناعمة في المجال الرياضي، وتضم في بنيتها 15 منشأة رياضية إضافة إلى منشآت ومرافق رياضية، على مساحة 2.5 كم مربع بالدوحة، وتُعد مجمعاً رياضياً “متكاملاً”.
تهتم المؤسسة بتخريج كوادر قطرية قادرة على رفع علم البلاد عالياً في المسابقات القارية والدولية التي تصنف من ضمن الأفضل عالمياً.
وعدد كبير من لاعبي منتخب قطر الوطني الحالي نشأوا في “أسباير”، التي تشتهر باستضافة المخيمات الصيفية لنوادي كرة القدم العالمية على رأسهم بايرن ميونخ وباريس سان جيرمان.
وحصلت على جائزة أفضل مؤسسة رياضية عربية لعام 2017 وذلك خلال الحفل السنوي الذي أقامته الأمانة العامة لجائزة أفضل العرب في مدينة مراكش بالمغرب.
– “سبيتار” للطب الرياضي
مستشفى “سبيتار” للطب الرياضي وجراحة العظام بالدوحة هي مركز معتمد من “الاتحاد الدولي لكرة القدم” (الفيفا)، متخصصة في إعادة تأهيل المرضى من اللاعبين الرياضيين وصولاً للشفاء التام.
كما تهتم “سبيتار” بالبحث العلمي المتطور في مجال الطب الرياضي.
ومن أبرز اللاعبين الدوليين الذين تلقوا التأهيل والعلاج في سبيتار صامويل أومتيتي، نجم المنتخب الفرنسي لكرة القدم ونادي برشلونة؛ ونيمار دا سيلفا، نجم منتخب البرازيل وفريق باريس سان جيرمان الفرنسي؛ وموسى ديمبيلي نجم ليون الفرنسي.
– قنوات “بي إن سبوت”
تُعد قنوات “بي إن سبورت” هي الاستثمار الأقوى في هذا المجال، لما لها من حضور في كافة المحافل الرياضية العالمية.
وتقدم سلسلة القنوات التابعة لها تغطية حصرية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للبطولات الرياضية الكبرى؛ مع كوكبة من المحللين والمذيعين والمراسلين.
-اللجنة الأولمبية القطرية
وهي الهيئة المشرفة على الرياضة في البلاد تأسست عام 1979؛ وتدعم اللجنة الاتحادات الرياضية القطرية الـ 23.
وترجمة لاهتمام الدوحة بالرياضة تشرف اللجنة سنوياً على الاحتفال بــ “اليوم الرياضي” الذي يوافق ثاني ثلاثاء من فبراير/شباط من كل عام.
وكانت دولة قطر سباقة إلى اختيار يوم وطني للرياضة، يكون عطلة رسمية في البلاد؛ حيث صدر بذلك مرسوم أميري في ديسمبر/كانون الأول 2011.
وفي 2006 أسست اللجنة الأكاديمية الأولمبية القطرية وتقدم برامجاً تعليمية متعلقة بالرياضة على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
ويتمثل هدف الأكاديمية الأساسي في احتلال موقع رائد على خارطة التربية الرياضية والتعليم الأولمبي على كافة المستويات المحلية والإقليمية والدولية.
وأطلقت اللجنة مشروع “كن رياضي” وهو نموذج فريد لمسار بناء الرياضيين في البلاد ويسعى إلى تطوير جيل جديد من الأبطال الرياضيين القطريين بالتعاون مع أكاديمية “أسباير”.
** استضافة البطولات والفعاليات
وإضافة إلى ذلك، تستضيف الدوحة سنوياً فعاليات رياضية في مختلف الألعاب، مثل كرة المضرب (التنس)، والرياضات الميكانيكية (الدراجات النارية)، والسباحة، وألعاب القوى، والغولف، والجمباز، وغيرها.
وتستضيف الدوحة 58 حدثاً وفعالية رياضية في 2019 بزيادة 18 فعالية عن تلك التي نظمتها العام الماضي (40 بطولة) وتوزعت بين محلية وخليجية وأسيوية وثلاث بطولات عالمية.
** الاستثمار في النوادي الرياضية والرعايات
كما لم تدخر الدوحة وسعا في شراء حصص بأندية عالمية لها وزنها ومرافق حيوية حول العالم، سواء في إطار استثمار حكومي أو خاص، كلها تعكس استراتيجية توجه الاستثمار الرياضي في قطر.
وتملك قطر نادي كرة القدم الفرنسي باريس سان جيرمان بصفقة وصلت قيمتها 50 مليون يورو؛ وتبلغ القيمة السوقية للاعبي النادي الباريسي أكثر من 600 مليون دولار.
وترعى الخطوط القطرية قمصان ثلاث أندية دولية، هي روما الايطالي ونادي بوكا جونيورز الأرجنتيني و نادي بايرن ميونيخ الألماني.
كما عقدت “القطرية” عقداً لرعاية كأس العالم مع الاتحاد العالمي لكرة القدم “فيفا” لتصبح الشريك الرسمي وشركة الطيران الرسمية لبطولاته، حتى عام 2022
الأناضول