إلى أين تنتهي أزمة صواريخ إس 400 بين أنقرة وواشنطن؟ محللون غربيون يجيبون
ترك برس
تسعى الولايات المتحدة إلى منع تركيا من شراء منظومة الدفاع الصاروخي الروسية المتطورة إس 400، وفي سبيل الضغط على أنقرة لإجبارها على التراجع عن الصفقة أعلنت الاثنين الماضي تعليق تسليم تركيا شحنات معدات متصلة بطائرات إف-35 الأمريكية.
ويرى الخبير الاستراتيجي البريطاني أوليفر ستيوارد، في حديث مع إذاعة سبوتينيك، أن هناك سببين وراء القرار الأمريكي: الأول سبب تكنولوجي، إذ تخشى الولايات المتحدة أن تسقط تكنولوجيا المقاتلة إف 35 في الأيدي الخطأ. والثاني، أنه ليس من الحكمة بالنسبة لواشنطن تزويد تركيا بتقنية المقاتلة الشبح في وقت لا تستطيع ضمان التحالف مع تركيا على المدى الطويل.
من جانبه، اعتبر الصحفي والكاتب، عبد الله بوزكورت أن السبب الرئيسي وراء هذه الخطوة الأمريكية هو أن “صفقة صواريخ إس 400 الروسية أصبحت نهائية، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن الولايات المتحدة لا تشعر بالارتياح مع حكومة أردوغان وتجدها غير مقبولة ضمن هيكل التحالف.”
بدوره يعتقد د دانييل دارلينغ، كبير محللي الأسواق العسكرية في “Forecast International Inc”، أن الولايات المتحدة قد تلجأ إلى تدابير أخرى إلى جنب وقف بيع إف 35 لتركيا.
وأوضح أن الولايات المتحدة قد تتخذ خطوات تتجاوز تعليق تسليم أجزاء F-35 إلى تركيا في شكل إيقاف المعدات والخدمات الأخرى بموجب قانون مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات (جاستا)، ويشمل ذلك وقف تسليم ودعم مقاتلة F-16 ومروحية “شينهوك” ومروحية “بلاك هوك يو إتش 60”.
وتوقع دارلينغ أن تركيا سواء اختارت التخلي عن صفقة S-400 أم لا، ستستمر في التركيز على تطوير قدراتها الصناعية الدفاعية، لكنه أعرب عن شكوكه في أن تبتعد تركيا تمامًا عن الولايات المتحدة وأوروبا كمصادر لإمداد التسلح لصالح روسيا أو الصين أو كوريا الجنوبية.
وللخروج من مأزق إف 35، قد تقدم موسكو لتركيا بديلًا قابلًا للتطبيق – إما طائرات “سو 53” الحديثة أو مقاتلاتها الجديدة من طراز “Su-57” الشبح متعددة الأطوار من الجيل الخامس، حيث ذكرت صحيفة يني شفق التركية في أيار/ مايو 2018، أن أنقرة يمكن أن تفكر في شراء طائرات الشبح الروسية.
وفي حين يرى الخبير أوليفر ستيوارد أنه سيكون من المفيد للغاية أن تشتري أنقرة الطائرات الروسية، خاصة وأن روسيا لا تفرض أي شروط على تركيا، أشار محللون آخرون إلى بعض الصعوبات التي تكتنف هذه الصفقة.
ويقول عبد الله بوزكورت إن سلاح الجو التركي بنى على مدى عقود على التكنولوجيا الأمريكية، خاصة طائرات F-16. وارتبطت تركيا في صيانة أسطولها الجوي وشراء قطع الغيار والإمدادات بالولايات المتحدة وحلفاء آخرين في حلف الناتو.
ويتفق مع هذا الرأي دليمان عبد القادر، مدير “مشروع كردستان في مؤسسة الوقف من أجل الشرق الأوسط”، الذي يقول إن تركيا استثمرت الكثير في برنامج F-35 منذ عام 2002، وعلى المدى الطويل سيكون من الحكمة بالنسبة لتركيا أن تبقى في حلف الناتو ولا تزعج حلفائها الغربيين.
ووفقًا لستيوارد، فإن الإعلان عن وقف تسليم شحنات إف 35 لتركيا بسبب شرائها منظومة صواريخ روسية في يوم الإعلان نفسه عن صفقة منظومة الدفاع الصاروخي ثاد (THAAD) للسعودية يستحق الاهتمام.
ورأى ستيوراد أن هذه الخطوة تشير إلى أن واشنطن تعتبر الرياض حليفًا رئيسيًا لها في الشرق الأوسط، قائلا: “إن ما تفضله الولايات المتحدة فعليًا هو قيادة سعودية قوية، ولا يمكنها ضمان أنقرة كحليف، لأنهم يعتقدون أن هناك تحولًا في ميزان القوى في الشرق الأوسط، لذا فهي تتطلع إلى المملكة العربية السعودية كضامن أمني”.
من جانبة يشير دارلينح إلى أن الترتيبات الأمريكية مع المملكة السعودية فيما يتعلق بـ”ثاد” هي أمر مهم بالنسبة إلى الخلاف الحالي بين واشنطن وأنقرة حول شراء الأخيرة لـ S-400 وصلته بالمقاتلة F-35.
وفي المقابل يرى ديلمان عبد القادر أن بيع صوايخ ثاد للسعودية لا يرتبط بتعليق تسليم طائرات F-35 لتركيا؛ لأنه في ظل إدارة ترامب، كانت للمملكة العربية السعودية شراكة قوية حتى قبل أن تتحول تركيا شرقا. ويتفق معه في هذا الرأي عبد الله بوزكورت قائلًا: “لا أعتقد أن بيع صواريخ ثاد للسعودية له علاقة بالضغط على تركيا”.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو هل يؤثر الخلاف بين تركيا والولايات المتحدة حول تسلم طائرات F-35 في التزام أنقرة بحلف الناتو ويدفع القيادة التركية إلى الذهاب إلى أبعد من إغلاق قاعدة إنجرليك الجوية؟
ويرى دارلينغ أن التزام تركيا بحلف الناتو يبدو راسخا. ويقول: “إن تركيا كان لديها دائما حسابات مختلفة في السياسة الخارجية عن شركائها في الاتحاد الأوروبي والناتو بسبب المخاوف الداخلية والخارجية وموقعها الجغرافي الفريد”.
ووفقا لدارلينغ، فإن: “إغلاق قاعدة إنجرليك الجوية أمام الطائرات الأمريكية سيكون له تأثير من الدرجة الثانية أو الثالثة على الخلاف الحالي بين واشنطن وأنقرة، لكن في الوقت الحالي لا يبدو أنه مطروح على الطاولة”.
ولكن الباحث الاستراتيجي ستيوارد يدعو إلى النظر إلى الصورة الكبرى. ويقول: “إن دونالد ترامب لا يكن احتراما كبيرا لحلف الناتو. وفي الوقت نفسه يتجه العالم سريعا إلى تعدد الأقطاب مع ظهور مراكز جديدة للقوة، وهي روسيا والصين. لا يستطيع أردوغان إلا أن يلاحظ تحول القوة العالمية.”
وخلص ستيوارد إلى أن أردوغان لاحظ نظرة ترامب للناتو، ورأى التغيير في توزيع القوى، ولذلك فإن هناك احتمالا كبيرا لأن يرغب أردوغان في كسب المزيد من المزايا من خلال مزيد من التقارب مع روسيا.