قراءة تركية في تأثيرات نتائج الانتخابات الإسرائيلية على معادلات المنطقة
ناقش خبراء أتراك تأثيرات نتائج الانتخابات الإسرائيلية على معادلات ومستقبل منقطة الشرق الأوسط وشمالي إفريقيا، في ظل تسارع الأحداث فيها خلال المرحلة الأخيرة
ووفق النتائج الأولية للانتخابات العامة التي شهدتها إسرائيل قبل أيام، فقد حصل حزبي “الليكود”، وخصمه تحالف “أزرق – أبيض”، على عدد مقاعد متساوية، لكن كتلة أحزاب اليمين المتحالفة مع نتنياهو، حصدت أغلبية مقاعد البرلمان.
وعلى مدار أسابيع سابقة، تنبأت استطلاعات الرأي العام، بتراجع “الليكود” لصالح تحالف “أزرق أبيض” الوسطي برئاسة الرئيس الأسبق لأركان الجيش بيني غانتس.
وحظي تحالف نتنياهو بفرصة تشكيل الحكومة عبر حصوله على 65 مقعداً برلمانياً من أصل 120.
وفي هذا الإطار، ناقش البروفسور برهان الدين دوران، الكاتب الصحفي ومنسق وقف “سيتا” للدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في تركيا، تأثير نتائج الانتخابات العامة الإسرائيلية، وكيفية انعكاسها على أحداث المنطقة.
وتطرق الكاتب التركي في مقال له بصحيفة “صباح” التركية، إلى فوز رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المتواجد في السلطة منذ عام 2009 بدون انقطاع، بالانتخابات التي أجريت مؤخراً في إسرائيل، معتبراً أن ذلك بفضل الدعم المفتوح الذي تلقاه من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ورأى “دوران” أن اعتراف إدارة ترمب بالقدس، عاصمة لإسرائيل وإعلانها ضم مرتفعات الجولان بإسرائيل، أدى إلى تقوية قبضة نتنياهو واليمين المتطرف في إسرائيل، مضيفاً أن ضم مستوطنات الضفة الغربية، كان من آخر وعود نتنياهو الانتخابية.
وأشار الكاتب الصحفي إلى أنه رغم هذه النتيجة، فإن نتنياهو في مأزق بسبب 3 ملفات مستقلة حول الفساد، وأنه في حال فرض عقوبة جزائية عليه، سيضطر إلى ترك منصب رئاسة الوزراء.
وأضاف أن نتنياهو بحاجة للحصول على دعم الأحزاب اليمينية المتطرفة في بلاده، لتأمين إعفائه من العقوبة وهو في منصبه الحالي، ما يعني استمرار نتنياهو باتباع سياساته التوسعية بشكل متزايد، على حد قوله.
وبحسب “دوران” فإن ترامب أوجد بيئة تنال فيها إسرائيل ما تريد دون الحاجة إلى تحقيق السلام، مبيناً أن تصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية، كان بمثابة الهدية الأخيرة لإسرائيل.
ويعتبر الخبير التركي أن ترامب قضى على احتماليات “السلام وحل الدولتين” حول فلسطين، وذلك من خلال القرارات والخطوات التي اتخذها في هذا الإطار، حتى وإن كانت هذه القرارات من تخطيط صهره جاريد كوشنر.
وتابع: “من الواضح جداً أن عرض أية اتفاقية على الفلسطينيين بعد منح إسرائيل كافة ما تريدها، لن تتوج بالنجاح أو القبول. لأنه في الأساس، لن يتبقى هناك جزء يمكن وصفه بالأرض أو الدولة في فلسطين. أما ما يقع على عاتق نتنياهو بسيط جداً، ألا وهو انتظار رفض الفلسطينيين عرض كوشنر.”
ويرى الخبير التركي أن أحد أسباب إظهار إسرائيل جرأتها هذه، هي إضعاف المظاهرات التي يشهدها العالم العربي، الدول والحكومات في المنطقة، مستهشداً على ذلك بـ”العراق وسوريا على سبيل المثال، أنهكتمهما الحروب والصراعات. نظام السيسي الانقلابي في مصر، يعمل على التقرب من إسرائيل بغية الحصول على الشرعية الدولية. حالة الاستقطاب بين إيران والدول الخليجية، زجّ بالسعودية والدول الخليجية الأخرى إلى الصف الإسرائيلي. أما الإمارات، فقد حطمت الرقم القياسي في اتباع سياسات خارجية متناغمة مع إسرائيل.”
وأردف: “بالنسبة للأردن فقد دخلت في مأزق من الصعب إدارته. حيث لم تقتصر إدارتها المعنوية على القدس، بالرفض فقط، بل وصلت إلى مرحلة باتت توصف فيها بأنها “دولة الفلسطينيين”.
واعتبر “دوران” أن السياسات التوسعية الإسرائيلية المدعومة أمريكياً، أسكتت صوت روسيا التي تعمل بدورها على إيجاد فرص جديدة لدى البلدان العربية ولدى إسرائيل، وذلك من خلال التزامها الصمت.
وفيما يخص تركيا، قال الكاتب الصحفي إن “أنقرة التي تعارض هذه المستجدات، يتم إشغالها منذ فترة ببعض الأزمات. فيما تتجه إيران يوماً بعد آخر نحو مرحلة أكثر صعوبة من العقوبات والحصار الاقتصادي.”
وأرجع “دوران” سبب التصدعات والتوترات التي تشهدها المنطقة خلال السنوات الأخيرة، إلى المكاسب التي نالتها إسرائيل في منطقة الشرق الأوسط مؤخراً، مبيناً أن “تل أبيب التي كانت تهرع فيما مضى إلى إقامة علاقات جيدة مع الأطراف غير العربية في المنطقة، مثل تركيا وإيران، يبدو أنها استطاعت في الوقت الحالي كسب أغلب العواصم العربية إلى صفها. ما يدفعها إلى توسيع طموحاتها وأطماعها.”
وأعرب الكاتب عن توقعه أن يؤدي التوتر السائد في شرقي البحر المتوسط، والتطورات التي تشهدها مناطق شمالي إفريقيا، إلى فتح الباب أمام عمليات وصراعات جديدة، نقاط تمركزها هي السودان، والجزائر وليبيا.
وأضاف: “من الواضح أن ترامب، سيواصل إتاحة الفرص أمام إسرائيل قبيل الاتجاه إلى انتخابات 2020. هذا الطريق الذي يسلكه ترامب والذي يهدف من خلاله الحصول على دعم اللوبي الموسوي، سيؤدي إلى خلق صراعات جديدة في منطقتنا. ”
واختتم “دوران” بالتأكيد على أهمية الاستقرار السياسي الداخلي الذي يجب أن تتحلى به تركيا عقب الانتخابات المحلية التي شهدتها في 31 مارس/آذار الماضي، وحقق فيه “تحالف الشعب” الذي يضم حزبي العدالة والتنمية بزعامة رجب طيب أردوغان، والحركة القومية برئاسة دولت بهتشلي، الأغلبية بفارق كبير في عموم البلاد.