انتخابات إسطنبول.. الولايات المتحدة وشرق الفرات
من كانوا يستشيطون غضبًا لأن “تركيا تتحول إلى إيران وماليزيا”، يتميزون غيظًا اليوم وهم يتساءلون “لماذا فشلنا في جعل تركيا حتى الآن مثل الجزائر والسودان وسوريا وليبيا والعراق”، رغم كل مكائدهم.
انطلاقا من المظاهرات الكبيرة والانقلابات في إفريقيا حلم دومينيك موازي من موقع وورلد كرانتش، ومقره باريس، بأن المحطة التالية للاضطرابات في الجزائر والسودان ستكون تركيا.
يقترح موازي بعقليته الاستعمارية تفعيل “نموذج السيسي” المفروض على بلدان في شمال إفريقيا والشرق الأوسط، في تركيا.
يعترف موازي وأمثاله أن الإطاحة بأردوغان من السياسة حاليًّا أمر صعب جدًّا، وجلّ ما يحلمون به هو إعادة التبعية للغرب إلى تركيا من خلال تدخلات خارجية وداخلية.
كما هو واضح من هجمات فرنسا وإيطاليا عبر الورقة الأرمنية فإن العقلية الصليبية تعتبر كل الأساليب مباحة من أجل تركيع تركيا.
***
يتضح أن صراع القوى الجيوسياسي المستعر في مناطق تمتد ما بين فنزويلا والجزائر حتى السودان أحيا الأمل كثيرًا في نفوس أعداء تركيا الألداء.
علينا ألا ننسى بأن تجارب الانقلاب والحروب الداخلية في بلدان مختلفة من العالم تتوافق تمامًا مع استراتيجية الولايات المتحدة.
وعلينا أيضًا ألا ننسى في هذا السياق رؤية وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كسينجر، التي قال فيها بضرورة عدم السماح لأي قوة عالمية غير الولايات المتحدة أن تسيطر على مواقع في العالم الإسلامي,
مشروع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لضم أراضٍ فلسطينية هو تطبيق عملي لرؤية كسينجر.
الهدف الرئيسي هو إبقاء العالم الإسلامي في غيبوبة عبر الحروب الداخلية، من أجل تحقيق أمن إسرائيل والولايات المتحدة.
***
ولأنه تلقى هزيمة استراتيجية تاريخية أمام تركيا القلب النابض للعالم الإسلامي، يثير العالم الغربي الفوضى في محيطنا، بغريزة متوحشة.
ولا شك أن هذا السبب أيضًا يكمن وراء دعاية الإعلام الغربي بأن “نظام أردوغان يترنح”، كلما هزت فراشة جناحيها في غابات الأمازون بأمريكا اللاتينية أو في صحارى القارة الإفريقية.
مقولة ابن خلدون “الماضي أشبه بالآتي كما الماء بالماء”، تعرف بشكل ممتاز هذه العقلية الصليبية القذرة التي لم يتغير جوهرها منذ قرون.
لكن مهما فعل أعداء تركيا الألداء فسيذهب أدراج الرياح. لأن تركيا ستواصل لعب دور محوري في المستقبل كما فعلت في الماضي.
وفوق ذلك، ستكون واحدًا من أهم الفاعلين في النظام العالمي الجديد، وليس في الحسابات الجيوسياسية ومعادلات الطاقة فحسب.