بعد الغليان بالخليج.. مياه شرق المتوسط تزداد سخونة
سامي كوهين – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس
مؤشرات النزاع تتوارد هذه المرة من المياه في منطقتين.
الأولى، الخليج العربي. والثانية شرق المتوسط. تصادف غريب، المياه تزداد سخونة في المنطقتين بالتزامن، إذا جاز التعبير.
المواجهة بين الولايات المتحدة وإيران في المنطقة الأولى. أرسلت واشنطن حاملة طائرات وسفنًا حربية وبطارية باتريوت.
ترد إيران بشدة وتهدد بإغلاق مضيق هرمز الاستراتيجي.
اللغة المستخدمة من جانب واشنطن وطهران توحي بأن الطرفين مستعدان للحرب. فهل يندلع اشتباك مسلح، سواء عن قصد أو عن غير قصد، في مياه الخليج الساخنة؟
أم أن كل هذا الصخب مجرد “حرب نفسية”؟ هذا ما سيتضح بشكل أفضل في الأيام القادمة. الأمر المؤكد أن انخفاض التوتر رهن بإيجاد حل لأسباب الأزمة الحقيقية.
في الواقع، ما أثار الأزمة هو انسحاب ترامب أحادي الجانب من الاتفاق النووي مع إيران، واتباعه سياسة تستهدف العالم بأسره وليس إيران فحسب، من خلال العقوبات الاقتصادية.
وللأسف لا يوجد من يقدر على إيقاف ترامب، بما في ذلك حلفاؤه الأوروبيون. لهذا لا يبدو من السهل أبدًا الحيلولة دون اندلاع نزاع مسلح في منطقة الخليج.
***
شرق المتوسط هو المنطقة الثانية التي تسخن فيها المياه. هناك العديد من الفاعلين من بينهم تركيا.
تعيش تركيا هنا مواجهة خطيرة بشكل مباشر مع قبرص الجنوبية، وغير مباشر مع البلدان الإقليمية والقوى العالمية جراء الخلافات بخصوص موارد الهيدروكربون (النفط والغاز) تحت البحر.
السبب الرئيسي لذلك هو محاولة حكومة الشطر الجنوبي من قبرص التنقيب عن حقول الطاقة المكتشفة في شرق المتوسط، جنوب الجزيرة قبل عشرة أعوام، من جانب واحد متجاهلة الجانب التركي.
في تلك الفترة، راجت فكرة أن ثروات الطاقة حول الجزيرة ستسهل الحل في قبرص، ويستفيد منها الشعبان. لكن حدث العكس للأسف، لم تتمخض المفاوضات عن اتفاقية، وتحول الثروات تحت البحر إلى عامل تفرقة وليس توحيد.
أبرم الشطر الجنوبي اتفاقيات مع الشركات الأجنبية، متجاهلًا الوجود التركي. بطبيعة الحال، لم تقف تركيا وجمهورية شمال قبرص التركية مكتوفتي الأيدي، وبدأتا السعي لحماية حقوقهما.
تجري أنقرة منذ مدة عمليات تنقيب في المنطقة، وتحاول إيقاف أنشطة الطرف الآخر من خلال إظهار قوتها العسكرية من حين لآخر.
سرّعت تركيا، في الآونة الأخيرة، أنشطة التنقيب في شرق المتوسط. أما قبرص الجنوبية فتأخذ إلى جانبها إسرائيل ومصر والأردن والولايات المتحدة بدعم قوي من اليونان.
يستغل الشطر الجنوبي من قبرص الاعتراف الدولي به “دولة ذات سيادة”، وعدم الاعتراف بجمهورية شمال قبرص التركية.
على الرغم من هذه الصعوبة التي تواجهها تركيا على الصعيد الدبلوماسي الدولي، إلا أنها تبدي وجودها وعزيمتها في هذه المياه التي تزداد سخونة في شرق المتوسط.