ناشط مغربي: كمال فخّار استشهد دفاعا عن الأمازيغ في الجزائر

أكد الناشط الأمازيغي المغربي أحمد عصيد أن وفاة الحقوقي الأمازيغي الجزائري كمال الدين فخار المعتقل في السجون الجزائرية الثلاثاء الماضي، تأتي في مرحلة بالغة الحساسية، لتؤكد أنه لا تراجع عن المطالب الديمقراطية الجوهرية بالنسبة للشعب الجزائري.

ورأى عصيد في تدوينة نشرها على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، أن “قوى التحرير في الجزائر لا خيار لها إلا المضي نحو الهدف الأسمى الذي هو التغيير الفعلي الذي سيجعل الجزائر تعيش أمة ذات كرامة، تستفيد من خيراتها، ويشعر فيها الناس بالاعتزاز بالانتماء إلى وطن يأويهم ويشعرهم بالأمان”.

وأورد عصيد قصة علاقته بفخّار قائلا: “تعرفت على كمال فخار بمدينة طنجة في إطار أنشطة المهرجان المتوسطي للثقافة الأمازيغية الذي تنظمه جمعية ثويزا، كان في غاية اللطف والطيبوبة، يحدثك فتشعر بصدق تعبيره عن آرائه وأحاسيسه، كما تشعر بقوة إرادته وإيمانه بقضيته، وشاءت الأيادي الخبيثة للمخابرات الجزائرية آنذاك أن تنشر صورتنا نحن الإثنين، والتي أخذوها من صفحته على الفيسبوك، مدّعية أن كمال فخار “باع الوطن” لأنه اجتمع بالمستشار الثقافي لمحمد السادس (الذي هو أنا !!؟)، ليقدموا ذلك على أنه الدليل على تورط النظام المغربي في أحداث “غرداية” وعمله على زرع الفتنة بالجزائر”.

وأكد عصيد أن الراحل كمال فخّار اختار البقاء عنوة في الجزائر دفاعا عن الحرية وعن حق الأمازيغ الأباضيين، وقال: “لم يرغب كمال فخار قط في الهروب من الجزائر رغم كل معاناته مع قوى القمع في بلده، رغم أنه وجد الفرصة متاحة أمامه لأكثر من مرة، كان يقول إن المكان الوحيد الذي يشعر فيه بمعنى الحياة هو بلده الأصلي ومسقط رأسه، وكان يعتبر المنفى خذلانا لسكان “غرداية” الطيبين والمسالمين، وكان يقول كذلك إن التحرّر غاية لا بدّ فيها من تضحيات، ولهذا بقي في معركة الكرامة إلى أن استشهد، من أجل جعل أمازيع مزاب الإباضيين يقفون ضدّ ما يلحقهم من سلطات بلدهم من أذى مباشر وتقتيل وإحراق بيوت وانتزاع أراضي، وضد مخططات التصفية التي تستهدفهم وهم الذين اعتنقوا المذهب الإباضي منذ أزيد من 12 قرنا”.

واتهم عصيد السلطات الجزائرية باستهداف أمازيغ امزاب الإباظيين، وقال: “واكب فخار عن كثب ووعي ما يحدث في “غرداية” بالجزائر، والذي هو نتاج مخطط للسلطات الجزائرية منذ الاستقلال (وأصبح أكثر بروزا منذ 1975) لتعريب أمازيغ امزاب الإباظيين وتنميطهم على مقاس التوازنات الداخلية للسلطة المركزية بالجزائر، والتي تبنت منذ فجر الاستقلال نهجا اشتراكيا قوميا عربيا متشددا، وهو المخطط الذي اعتمدت فيه مصادرة الأراضي عنوة وتفويتها للعرب المالكيين في خرق سافر لكل القوانين والأعراف المعمول بها، كما اعتمدت أساليب الزبونية والمحسوبية والرشوة لخلق التمايزات ولتحريض طرف ضدّ الآخر، مما أدّى إلى مشاكل اجتماعية عديدة وخلق الشنآن والبغضاء بين المواطنين الذين هم إخوة في انتمائهم إلى الوطن الواحد مهما اختلفت لغاتهم وألوانهم ودياناتهم”.

وذكر أن “السلطات الجزائرية استعملت مؤسسات الدولة المركزية كالتعليم والإعلام، ولجأت إلى كل أنواع الحصار التي منها حظر التنظيمات المدنية وعرقلة إنشائها، وتشديد الرقابة البوليسية على النشطاء من مثقفين وفنانين”.

وشدد عصيد على “إصرار الحركة الأمازيغية في كل من المغرب والجزائر وتونس وليبيا ومالي والنيجر وجزر كاناريا والدياسبورا، على المضي قدما في طريق الدمقرطة والتحديث الشامل للمؤسسات والعقليات، وتعتبر أن ترسيخ الديمقراطية وحقوق الإنسان والمساواة وإنهاء كل أشكال الميز التي تهدر كرامة المواطنين، هو الخيار الوحيد أمام هذه البلدان وليس المناورات السلطوية والغدر والتحكم وشغب المتطرفين، فلا كرامة إلا بإنهاء كل مظاهر الميز بسبب الدين أو المذهب أو اللغة أو العرق أو النسب العائلي أو اللون”، وفق تعبيره.

وكان الناشط الحقوقي الجزائري، كمال الدين فخار، قد توفي الثلاثاء الماضي، في مستشفى البليدة، بعد أن نقل من سجنه في حالة غيبوبة.