أفلامٌ باللغة العربية وتبدأ بـ«الله أكبر».. حين كانت بريطانيا تشجع المسلمين على الهجرة إليها
أُعدَّ فيلمان من الأفلام الأربعة في لندن، وأُعدَّ ثالثها في مانشستر، فيما أُعدَّ الرابع فيكارديف. ويظهر خلالها المُذيع المصري المبتهج وهو ينتقل من مكان إلى آخر داخل سيارته الفورد من طراز أنغليا، ويُجري مقابلات مع السكان المسلمين في مساجدهم، ومكاتبهم، ومنازلهم. وكان أغلب الأشخاص الذين ظهروا في الأفلام من الرجال، مع القليل من النساء اللواتي اشتملن على امرأةٍ مسيحية اعتنقت الإسلام، وأنجبت 10 أبناء بعد 16 عاماً من الزواج من رجل يمني في كارديف. وينتقل المذيع إلى عمدة كارديف ليسألها عن مدى اندماج الجالية المسلمة، لتجيب عمدة كارديف قائلةً: «حسناً، إنَّهم جزءٌ لا يتجزأ من المدينة. ويتقبَّلهم المُجتمع باعتبارهم أصدقاءً لهم».
وينطلق المذيع في جولةٍ حول جامعات لندن، ومنها مدرسة الدراسات الشرقية والإفريقية التابعة لجامعة لندن وكلية لندن للاقتصاد، حيث يُبدي طالب عراقي إعجابه بتجربته التي تشبه العيش في «مجتمع دولي». وقال إنَّ الحكومة البريطانية تُبدي «اهتماماً بتوسيع الحدود الثقافية»، وهو الأمر الذي لاحظه على مدار السنوات الخمس التي قضاها في لندن.
وفي السفارة السعودية، يصف مسؤولٌ سعودي الشعب البريطاني بأنه شعبٌ «مؤدب وصبور، ويحمل احتراماً كبيراً للنظام، إلى درجةٍ تقترب من التقديس». في حين أوضح عالمٌ في «المركز الثقافي الإسلامي» بلندن، بالقرب من ريجنت بارك، أنَّ الملك جورج السادس منح هذه الأرض إلى الجالية المسلمة عام 1944، وأنَّه سيُبنى مسجد هناك بمجرد أن تجمع الجالية التبرعات الكافية.
ويتحدث المذيع بحماسة عن مدينة مانشستر -التي يُطلق عليها أحياناً «حاضرة القطن العالمية Cosmopolitan Cottonopolis»- باعتبارها «واحداً من أكبر المراكز التجارية في العالم»، لأنَّ التجارة تسري في عروق سُكَّانها. وتعرض اللقطات أشخاصاً يصلون داخل المساجد، وأطفالاً يتعلمون القرآن، قبل الانتقال إلى المكتبة حيث يُسمح للمذيع أن يتصفَّح أوراق «أكبر نسخة مكتوبة من القرآن الكريم في العالم». ويخبره رجل إنجليزي، أثناء الجلوس على مقعد في حديقة: «الطبيب الذي عالج أبي قبل 30 عاماً جاء من العراق. كانوا دائماً معنا». وتأتي بعد ذلك لقطةٌ لجزار لحم حلال يمني تعلم مهارات مهنته في ليفربول، ورجل أعمال سوري ثري يعمل في مجال تجارة القطن بمانشستر. وتُشارك الغالبية العظمى من الجالية السورية داخل مانشستر -التي تُقدَّر بخمسة آلاف شخص- في صناعات المنسوجات، وخاصة القطن والغزل.
وصُمِّمت هذه الأفلام لتُعرض في الخارج فقط، ولم تعرض على الإطلاق تقريباً داخل المملكة المتحدة آنذاك. ويكمن سبب معرفتي بها في أن تاجر قطن سورياً أجريت مقابلة معه في مانشستر أرسل إلي رابطاً لها. وشاهدتها ضمن بحوثي التي أُجريها من أجل كتابي الذي يتحدث عن تاجر منسوجات من حمص، جاء إلى برادفورد في الثمانينيات مهاجراً اقتصادياً، واشترى مصنعاً مُعطلاً، وأسس تجارة عالمية لأقمشة الجوخ، في الوقت الذي أُغلقت فيه المصانع الأخرى داخل يوركشاير.
يعتقد أكثر من ثلث سكان المملكة المتحدة أن الإسلام يمثل تهديداً على أسلوب الحياة البريطاني، حسب تقرير مجموعة Hope not Hate المناهضة للفاشية، وذلك رغم وجود الكثير من هذه القصص الناجحة. إذ حلَّت الإسلاموفوبيا محل الهجرة، وفقاً لنتائج بحثهم، باعتبارها العامل الرئيسي وراء صعود اليمين المتطرف، فضلاً عن أنَّ نصف المصوتين على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في عام 2016، وقرابة نصف المصوتين لـ «حزب المحافظين» في الانتخابات العامة لعام 2017، قالوا إنَّ الإسلام لا يتوافق مع الهوية البريطانية.
-هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Guardian البريطانية.