تركيا تحبط مخططًا روسيًا للاستيلاء على إدلب.. هل سنشهد مواجهة قريبة بين أنقرة و موسكو كتلك التي مع واشنطن؟!
تشير تقارير إعلامية إلى أهمية الدور الذي أدته تركيا في الآونة الأخيرة لتعزيز قدرات فصائل المعارضة السورية في آخر معاقلها بسوريا، وإفشال محاولات نظام الأسد المدعوم من روسيا وإيران، من إحراز تقدم في محافظة إدلب.
ومنذ 25 أبريل/نيسان الماضي، يشن النظام وحلفاؤه حملة قصف عنيفة على منطقة “خفض التصعيد”، التي تم تحديدها بموجب مباحثات أستانة؛ بالتزامن مع عملية برية.
ومنتصف سبتمبر/أيلول 2017، أعلنت الدول الضامنة لمسار أستانة (تركيا وروسيا وإيران) التوصل إلى اتفاق على إنشاء منطقة خفض تصعيد بمحافظة إدلب ومحيطها.
ويقطن المنطقة حاليًا نحو 4 ملايين مدني، بينهم مئات الآلاف ممن هجرهم النظام من مدنهم وبلداتهم على مدار السنوات الماضية، في عموم البلاد.
وبحسب تقرير لصحيفة العربي الجديد، يرى قياديون في المعارضة أن سبب عجز النظام عن إحراز تقدم على الجبهات، هو اعتماد الفصائل على أسلوب الكر والفر على مواقع قوات النظام لإرباك خططها واجبارها على الانتقال لوضع الدفاع باستمرار، بدلاً من التخطيط لشنّ هجمات كبيرة.
خصوصاً مع إدراك الفصائل أن النظام والروس يعتمدان سياسة الأرض المحروقة في أي مكان يمكن أن تتقدم إليه الفصائل أو تستقر فيه، لذلك كان “تكتيك” الكر والفر هو الخيار الأنسب، فضلاً عن الدعم التركي للفصائل وتزويدها بالأسلحة. تضيف العربي الجديد.
وحول أسباب تمكن الفصائل من قلب المعادلة وفرملة اندفاعة النظام في بداية الحملة، رأى المحلل شادي عبد الله، أن “روسيا تحاول الحد من نفوذ شريكيها في أستانة، أي إيران وتركيا، من أجل الاستفراد بتقرير مصير سورية. وهو ما دفع الجانب التركي إلى زيادة جرعة مساعداته لفصائل المعارضة من أجل إحباط المخطط الروسي للاستيلاء على إدلب”.
وأوضح عبد الله أن “تركيا زودت الفصائل ببعض الأسلحة الثقيلة ومضادات الدروع، وسمحت لفصائل درع الفرات بالالتحاق بالجبهات المشتعلة في ريفي حماة وإدلب. كما ساهم بذلك سعي الفصائل بمختلف تياراتها إلى ترميم علاقاتها، واستعدادها للقتال والصمود بعد فقدانها أي خيارات أخرى”.
ويرى أن الفصائل “قدمت خططاً تكتيكية لافتة، كسرت من خلالها القوس الدفاعي الذي أنشأه الروس، ووسعت هجومها بالالتفاف على مليشيا النمر من محور الجبين وتل ملح، لتهدد المواقع العسكرية الروسية في عمق القرى الموالية للنظام”.
وأوضح أن “هذه النجاحات للفصائل المسلحة ربما تدفع الروس إلى إعادة النظر في استراتيجيتهم، خصوصاً بعدما تبين لهم مدى هشاشة قوات النظام، وعدم قدرتها على تحقيق اختراق كبير على الجبهات على الرغم من الدعم الجوي المكثف الذي توفره لهم روسيا”.
وحول أثر هذه التطورات على العلاقة بين روسيا وتركيا في الملف السوري، قال عبد الله إن “الجانبين ما زالا يبديان الحرص، ولو شكلياً، للحفاظ على اتفاق سوتشي”.
واستطرد: “لكن حدّة المعارك الجارية تكشف عمق هوّة الخلاف بينهما. وهو ما يجسده عملياً التصعيد العسكري على الجبهات بعد محاولات روسية لفرض وقف لإطلاق النار بغية تمكين قوات النظام من التقاط أنفاسها، واستجماع قوتها..
بينما يصرّ الجانب التركي على أن أي وقف لإطلاق النار يجب أن يسبقه انسحاب قوات النظام من جميع المناطق التي تقدمت إليها خلال حملتها الحالية”.
بدوره يقول الكاتب محمود عثمان، في مقال نشرته وكالة الأناضول التركية، إن أنقرة تخاطب موسكو وفق المثل الشعبي الذي يقول: “إياك أعني واسمعي يا جارة”.. حيث تقول دمشق وهي تشير إلى موسكو، تقول النظام السوري وهي تقصد القوات الروسية.
ضمن هذا السياق تأتي تصريحات المسؤولين الأتراك، حين شدد أردوغان، على أن استهداف النظام السوري مناطق المدنيين في إدلب بقنابل الفوسفور “جريمة لا تغتفر ولا يمكن السكوت عنها”.
وأضاف أردوغان أن الوضع في إدلب كان سيتطور بشكل مختلف عما هو عليه الآن، لولا الموقف الذي تبنته تركيا حيالها. وحذر أيضا من أن تركيا لن تلتزم الصمت في حال استمر الهجوم على نقاط المراقبة في إدلب.
وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو، كان واضحا هو الآخر عندما قال بأن روسيا “لا عذر” لها بعدم وقف الضغط على النظام السوري من أجل وقف ضرباته في شمال غرب سورية.
ويرى محمود عثمان، أن دخول تركيا على خط مسار أستانا لم يكن بسبب تطابق الرؤى ووجهات النظر بين أنقرة وموسكو حول طريقة الحل في سورية، ولا لقناعة أنقرة بأن موسكو لديها مفاتيح الحل في سورية، إنما للحد من التغول الروسي، وللحيلولة دون قيام الروس بتصفية المعارضة الوطنية السورية نهائيا، وإرغامها على الاستسلام دون شروط.