صحيفة: هكذا طبع السوريّون “غازي عنتاب” التركية بطابعهم الخاص
أشار تقرير في صحيفة العربي الجديد، إلى الانتشار الواسع للمواطنين السوريين في مدينة غازي عنتاب التركية، مؤكدًا أن المدينة تكاد تتحول إلى “حلب ثانية” في جنوب تركيا.
ووفقًا للتقرير، طبع السوريون مدينة غازي عنتاب بطابعهم، “حتى تكاد أن تتحول إلى (حلب ثانية) في جنوب تركيا”. إذ ظهرت المطاعم السورية، ومحلات الحلويات والبقاليات والمقاهي بكثرة في المدينة التي فتحت أبوابها للسوريين على مدى الأعوام الفائتة، ولا تزال تستقبل المزيد منهم.
وتحول سوق غازي عنتاب المركزي، والذي يطلق عليه السوريون اسم “السوق الإيراني” إلى سوقٍ سوري بامتياز، إذْ استأجر أصحاب المصالح من السوريين أغلب محلاته، حتى بات وكأنّه أحد أسواق مدينة حلب التي ارتبطت تاريخياً بعلاقات مميزة مع مدينة غازي عنتاب.
وتقول الصحيفة إنه خلال سنوات الثورة السورية، تحولت مدينة غازي عنتاب إلى مستقر لمؤسسات المعارضة المختلفة، ومقر أغلب المنظمات التي تقدم عوناً للسوريين في تركيا، وفي المناطق التي خرجت عن سيطرة النظام وخاصة في الشمال، إضافةً إلى منظمات واتحادات سورية تعمل في الشأن الإغاثي والتعليمي والصحة.
كما افتتحت في المدينة العديد من المواقع الإخبارية والصحف المعارضة، إذ كانت المدينة قبلة للصحافيين والناشطين الإعلاميين، قبل أن تفقد أهميتها على هذا الصعيد لصالح مدينة إسطنبول بدءاً من عام 2016، مع هجرة الكثير من الكفاءات السورية إلى بلدان أوروبية. بحسب العربي الجديد.
في مدينة غازي عنتاب التي تضم أكثر من نصف مليون سوري جلهم من شمال وشمال غربي سورية، يوجد نشاطٌ سوري لا يتوقف عند حدود التجارة، إذ تُعْقَد الفعاليات الفنية المتنوعة والندوات السياسية والدورات الإعلامية ودورات تعليم اللغة التركية التي باتت تستقطب عدداً كبيراً من السوريين الذين أدركوا، ربّما متأخرين بعض الشيء، أن عودتهم إلى بلادهم بعيدة المنال.
أبو محمد الذي يدير مركزاً لتعليم اللغة التركية، يقول: “يقبل السوريون من مختلف الأعمار إلى تعلم اللغة التركية. وخاصة بعد بدء الحكومة التركية بتجنيس عدد كبير من السوريين من مختلف المستويات”.
ويضيف: “باتَ عددٌ كبير من السوريين، وخاصة الأطفال واليافعين، يتقنون اللغة التركية كأهلها، وهو ما يسهّل اندماجهم في المجتمع التركي”. ويضم مبنى “إيغور بلازا” في قلب مدينة غازي عنتاب، أغلب الفعاليات السورية المعارضة، كنشاطات المنظّمات التي تختصُّ بالعمل الإنساني والإغاثي، إضافةً إلى مجالس لعدد من المدن السورية، فضْلاً عن مقار أحزاب وجمعيات وروابط إعلامية وأدبية.
وغير بعيد عن هذا المبنى الكبير، هناك بناء “دكتور لار” الذي يضمُّ هو الآخر مقار عدد من الفعاليات والجهات السورية الناشطة في مختلف المستويات. تعتبر غازي عنتاب في مقدمة المدن التركية التي استقطبت السوريين مع بدء أزمتهم التي لا تكاد تنتهي “ربما لأنها أخت مدينة حلب في كل شيء”، يقول أبو يوسف الشاب الثلاثيني الذي درس الأدب الإنكليزي في جامعة حلب، قبل أن يأتي إلى غازي عنتاب ليعمل مدرساً للسوريين والأتراك على حد سواء.
ويضيف أبو يوسف: “هناك أوجه تشابه كبيرة بين المدينتين، وخاصة لجهة أصناف الطعام التي تكاد تكون متطابقة، والأسواق والخانات القديمة والمقاهي. عندما أتجول في أحياء عينتاب القديمة أشم رائحة حلب”.
في مدينة غازي عنتاب قلعة مهيبة، تشبه إلى حد بعيد قلعة حلب، وإن كانت أقل من حيث العراقة والمساحة. والأسواق والخانات المحيطة بقلعة غازي عنتاب تذكّر زائرها بحلب وقلعتها وأسواقها. وربما يعد هذا السر الذي يجذب السوريين وخاصة من مدينة حلب وريفها إلى هذه المدينة التركية التي بقيت طيلة الحكم العثماني تابعة إدارياً لولاية حلب.
تضم مدينة غازي عنتاب العديد من “المولات” أو المراكز التجارية الكبرى، لعل أبرزها “سانكو بارك” الذي يقع في وسط المدينة، ويعد المكان الأثير لدى السوريين للتنزه والشراء، إذ بات السوريون من الطبقة المتوسطة، أهم مرتادي محلاته التي باتت من أهم معالم المدينة.
مدينة غازي عنتاب مشهورة بإنتاج الفستق الحلبي والبقلاوة، واللحم بعجين، وتوسعت المدينة بكل الاتجاهات، إذ يلحظُ الزائر عدداً كبيراً من المباني التي تنهض بكثرة، بسبب وجود السوريين الذين لعبوا دوراً مهمّاً في ازدهار اقتصاد هذه المدينة الحدودية التي توليها الحكومة التركية اهتماماً كبيراً، بحيث باتت من أهم المدن التركية.
لا يُقبل السوريون في مدينة غازي عنتاب على حضور الندوات أو الفعاليات السياسية التي تقيمها بين فترة وأخرى جهات سياسيّة معارضة، وأحزاب ظهرت في سنوات الثورة السورية لأن “هذه الندوات لا تقدم ولا تأخر شيئاً. فالقضية السورية لم تعد اختصاص السوريين”، يقول محمد الذي يدرس الهندسة في جامعة غازي عنتاب التي فتحت أبوابها للطلاب السوريين.
ويؤكد محمد، بأنَّه لا يضع مسألة العودة إلى سورية، في حال تيسرت، في مقدمة أولوياته “كبرت في هذه المدينة وتعلمت اللغة، وتشربت الثقافة التركية، وبات لي أصدقاء أتراك، وقريباً أحصل على الجنسية. أعتقد أن مستقبلي هنا، وليس في مكان آخر”، يقول محمد.