واشنطن ستخسر جراء قراءتها السطحية للملف التركي
أفق أولوطاش – صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس
لن نعدم المقترحات السياسية حول كيفية إقامة علاقاتنا مع الولايات المتحدة. فالجميع في تركيا لديه فكر في هذا الخصوص. رغم الاختلاف في قضايا معينة، إلا أن هناك نقاط مشتركة تتجاوز الاختلافات الإيديولوجية.
من النقاط المشتركة القضايا المتعلقة بالأمن القومي لتركيا. بمعزل عن خطاب الزعماء السياسيين، الاتجاه العام في تركيا يضع الفوارق السياسية جانبًا ويتحد فكريًّا في القضايا المذكورة، ومنها حاجة تركيا لمنظومة دفاع جوي.
هناك توافق واسع النطاق في تركيا بخصوص تطوير قدراتنا الجوية، بما في ذلك الصناعات الدفاعية عمومًا وأنظمة الدفاع الجوي خصوصًا.
إذا وضعنا بعض الأشخاص والشرائح الهامشية جانبًا، ليس هناك من يشك في حاجة تركيا لهذه الأنظمة، أو لا يعتبر النقلات النوعية في تصنيع الطائرات المسيرة، خطوة إيجابية.
ترسخت في عقل الجميع ضرورة أن تكون تركيا مستعدة للتهديدات القادمة من الجو، في ظل مكافحة تنظيم “بي كي كي”، والتهديدات المتزايدة على طول حدودنا، والغموض المحيط بالعالم.
بعبارة أخرى، السواد الأعظم من يريد تقدم تركيا في ظل مصالحها القومية بخصوص أنظمة الدفاع الجوي. ومن هذه الناحية يتوجب النظر إلى الجدل القائم حول منظومة إس-400.
ولا شك أنه من العبث اختزال مسألة إس-400 في إطار خيار سياسي، وعدم الأخذ في الاعتبار الحاجة إلى المنظومة وقلة خيارات التوريد.
تعلم غالبية الشعب التركي جيدًا أن مساعي أنقرة في هذا الخصوص لدى الولايات المتحدة منذ سنوات لم تحظَ برد إيجابي، وأن الخطوات التي أقدمت عليها تركيا لتلبية حاجتها لمنظومة الدفاع الجوي تأجلت بتدخل الكونغرس، وأن تركيا لم تحصل حتى الآن على عرض مقبول ويقنعها بصفتها دولة ذات سيادة، وأنه على العكس من ذلك، هناك خطوات من أجل استهداف الأمن القومي التركي عن طريق ربط صفقة إس-400 بمشروع مقاتلة إف-35.
باختصار، يعلم الأتراك أن الولايات المتحدة لا تفي بمقتضيات التحالف مع تركيا. ويدركون أن البيروقراطية في واشنطن ترفض عرض تركيا تشكيل لجنة مشتركة بخصوص إس-400، على الرغم من موافقة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
عند النظر من هذه الزاوية، يتوجب على الولايات المتحدة معرفة أن استخدام مسألة إس-400 كوسيلة ضغط سياسي على تركيا لن يجد له صدى، وعلى الأخص على صعيد السياسة الداخلية.
لن تكسب الولايات المتحدة، بل ستخسر جراء القراءات السطحية تجاه تركيا والحسابات الاستراتيجية الخاطئة بخصوص المنطقة. سيكون من مصلحة الجميع أن يتغاضى ترامب عن الكليشيهات والقراءات السطحية في الملف التركي، ويأخذ بنفسه زمام المبادرة.