طالما أن الدول لها الحق بامتلاك الأسلحة.. لماذا أمريكا غاضبة من امتلاك تركيا منظومة S-400 الروسية؟
هبطت طائرة روسية محمّلة بالأجزاء الأولى من نظام دفاع أرض-جو من طراز S-400 في تركيا، الجمعة 12 يوليو/تموز، في تحرّك تعارضه وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، وريما يضرّ بعلاقة تركيا بالولايات المُتحدة وحلفائها الآخرين في الناتو.
وطالما حذرت واشنطن من أنه في حالة حصول تركيا على منظومة الدفاع الروسية، فقد تفرض الولايات المتحدة عليها عقوبات اقتصادية قاسية وتلغي مشاركة تركيا في البرامج العسكرية الأمريكية.
وفيما يلي بعض الأسئلة والأجوبة الرئيسية التي تقدمها صحيفة Washington Postالأمريكية، بشأن كيف انتهى المطاف بنظام S-400 في تركيا، وما قد يحدث بعد ذلك:
ما هو نظام الدفاع الجوي والصاروخي S-400؟
يُعتبر نظام S-400 واحداً من أكثر المعدات العسكرية الروسية تطوراً، فهو نظام دفاع أرض-جو بعيد المدى روسي الصنع، يتمتّع برادار مراقبة متطور ومجموعة من الصواريخ التي يمكنها تتبع المقاتلات واستهدافها من الأرض بدقّة.
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إنه اختار المضي قدماً في شراء المنظومة الدفاعية، في صفقة تبلغ تكلفتها 2.5 مليار دولار، من روسيا لأن الولايات المتحدة لم تقدم عرضاً مناسباً بشأن نظام الدفاع الجوي باتريوت.
ويمتلك حلف شمال الأطلسي (ناتو) ذلك النظام متمركزاً في تركيا لأغراض الحِلف الخاصة في سوريا، إلا أن تركيا لم تشتره من واشنطن.
وأثار مسؤولو الناتو مخاوف من أن شراء S-400 لن يكون متوافقاً مع الأنظمة الأخرى المستخدمة بالفعل في تركيا.
لماذا تعارض الولايات المتحدة امتلاك تركيا نظام S-400؟
طلبت تركيا في وقت سابق من الولايات المتحدة حوالي 100 من طائرات الشبح المقاتلة من طراز F-35، وتولّت شركات تركية صناعة حوالي ألف جزء من الطائرات.
لكن المسؤولين الأمريكيين يخشون أنه إذا كانت تركيا تمتلك كلاً من نظام الدفاع الجوي F-35 ونظام الدفاع الجوي الروسي الأكثر تطوراً، فقد يحصل الروس على تكنولوجيا F-35 ويتعلمون كيفية استهداف نقاط الضعف في تلك الطائرات.
في أواخر شهر مايو/أيّار، قالت كاثرين ويلبارج كاثرين ويلبارغ، القائمة بأعمال مساعد وزير الدفاع الأمريكي، إن «S-400 هو نظام روسي مصمم لإسقاط طائرات مثل F-35، ومن غير المعقول أن نتخيل أن روسيا لن تستفيد من هذه الفرصة لجمع المعلومات الاستخباراتية».
وفي الأسبوع الماضي، قال المتحدث باسم البنتاغون، مايك أندرو إنه «لن يُسمح لتركيا بامتلاك كلا النظامين».
ووضعت هذه الواقعة الولايات المتحدة في مأزق غير مريح؛ إذ أن واشنطن حريصة على منع روسيا من الوصول إلى معداتها العسكرية المتقدمة، ولكن الولايات المتحدة تعتمد بشدة على تركيا كشريك مهم في المنطقة بسبب موقعها الاستراتيجي الذي يشاطر العراق وإيران وسوريا حدودها.
هل تشكّل منظومة S-400 خطراً على طائرات F-35؟
ليس في الوقت الراهن؛ فالتقديرات السابقة تشير إلى أن أنظمة الرادار المزوّد بها نظام S-400 يمكنها التعرف على طائرات F-35 حين تكون على بعد حوالي 20 ميلاً (32 كم)، ولكن طائرات F-35 تحمل صواريخ جو-أرض بمدى يصل إلى 40 ميلاً (65 كم)، مما يمكّنها من تدمير المنظومة.
وأعرب المسؤولون الأمريكيون عن قلقهم من أنه إذا كان النظامان على مقربة، سيتمكّن النظام الروسي من معرفة المزيد عن الخبايا السريّة لقدرات الطائرات الشبح طراز F-35.
يقول خبراء متخصصون في أنظمة الأسلحة إن وجود منظومة S-400 بالقرب من طائرات F-35 يمكن أن يساعد روسيا على تطوير قدرتها على اكتشاف الطائرات الأمريكية على الرادار بطريقة أفضل. ومن خلال الحصول على مزيد من البيانات من وجود طائرات F-35، قد يتمكن ملاك ومشغلو S-400 من إيجاد نقاط ضعف الطائرات.
بماذا هددت واشنطن حيال ذلك؟
هدد مسؤولون أمريكيون، في وقت سابق، بإلغاء شحن الطائرات من طراز F-35 إلى أنقرة وفرض عقوبات اقتصادية على تركيا بموجب قانون مكافحة خصوم الولايات المتحدة من خلال العقوبات، والذي سنّته في عام 2017.
وفي أبريل/نيسان، أعلن البنتاغون أنه يعلق مشاركة تركيا في برنامج معني بتدريب الطيارين من الدول الحليفة للولايات المتحدة على تشغيل طائرات F-35 إلى أن توافق تركيا على إلغاء صفقة شراء منظومة S-400.
لكن في مجموعة العشرين في اليابان الشهر الماضي، ألقى الرئيس ترامب باللوم على إدارة أوباما في هذا المأزق قائلاً: «هذا ليس خطأ أردوغان حقاً». وقال أيضاً إنه لا يعتقد أن الولايات المتحدة ستفرض عقوبات على تركيا بسبب القضية.
ويعارض المشرعون الأمريكيون من الحزبين الجمهوري والديمقراطي امتلاك تركيا للنظامين S-400 وF-35 سوياً.
كيف دافعت تركيا عن قرارها بالمضي قدماً في شراء منظومة الدفاع الروسية؟
قال أردوغان إن امتلاك المنظومة الروسية يتماشى مع حق تركيا السيادي في الدفاع عن نفسها.
وحث أردوغان، الشهر الماضي، الولايات المتحدة على ألّا تدع شراء S-400 يتسبب في تدهور العلاقات القوية بين البلدين، وقال في إشارة إلى المسؤولين في واشنطن إن «عليهم أن يفكروا بعمق، لأن فقدان دولة مثل تركيا لن يكون بالأمر السهل، وإذا كنا أصدقاء، وإذا كنا شركاء استراتيجيين، فعلينا معالجة هذه المشكلة فيما بيننا».
وقالت تركيا أيضاً إنها ستبقي المعدات الأمريكية والروسية منفصلتين عن بعضهما البعض لتفادي السماح بوصول الروس إلى تكنولوجيا طائرات الشبح الأمريكية.
وعبر أردوغان عن ثقته في أن علاقته مع ترامب ستتخطى مخاوف العقوبات الأمريكية، إذ قال في يونيو/حزيران الماضي: «أقول ذلك بصراحة وإخلاص، علاقاتنا مع ترامب في مكانة يمكنني وصفها بأنها جيدة، وفي حال وجود أي مشكلة، نتواصل على الفور هاتفياً».
ماذا قال الناتو عن كل هذا؟
عبر مسؤول في الناتو في تصريحات إلى صحيفة The Washington Post الأمريكية، الجمعة 12 يوليو/تموز، عن قلقه من العواقب المحتملة لقرار تركيا شراء المنظومة الروسية، وقال إن «العمل المشترك في ما يتعلّق بقواتنا المسلحة أمر أساسي لحلف الناتو من أجل إدارة عملياتنا ومهامّنا».
هل يمكن للبلدان الأخرى أن تحذو حذو تركيا؟
معظم الدول التي تمتلك بالفعل منظومات S-400 الدفاعية لديها علاقات معادية مع الولايات المتحدة؛ والصين، على سبيل المثال، تمتلك هذه المنظومة.
لكن إلى جانب تركيا، أشارت دول أخرى تشتري أسلحة عالية التقنية من الولايات المتحدة إلى أنها ترغب في شراء S-400 أيضاً؛ إذ أكدت الحكومة الهندية هذا الأسبوع للولايات المتحدة عزمها شراء النظام، ورجّحت قطر، وهي حليف آخر للولايات المتحدة، أنها قد تسعى أيضاً لشراء منظومات S-400.
عربي بوست