تركيا.. ما أسباب التريث الطويل حيال الشمال السوري والمنطقة الآمنة؟
تتباين آراء الخبراء والمحللين بشأن أسباب التريث من قبل الجانب التركي بشأن تنفيذ العملية العسكرية المعلنة قبل أشهر ضد الإرهاب في الشمال السوري، فضلًا عن إقامة المنطقة الآمنة، في ظل استراتيجية الإلهاء التي تتبعها الولايات المتحدة.
والجمعة، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية، حامي أقصوي، خلال مؤتمر صحفي في أنقرة، إن بلاده ستضطر لإنشاء منطقة آمنة بمفردها في سوريا، في حال عدم التوصل لاتفاق مع الولايات المتحدة في هذا الشأن.
وأشار أقصوي إلى أن المبعوث الأمريكي إلى سوريا جيمس جيفري سيزور تركيا، لعقد لقاءات ومباحثات مع الجانب التركي، حول المنطقة الآمنة والشأن السوري بكافة تفاصيله.
وأوضح متحدث الخارجية أن تركيا نقلت إلى جيفري تطلعاتها حول المنطقة الآمنة في سوريا، وضرورة أن تمتد هذه المنطقة بعمق 32 كم من الحدود التركية باتجاه الأراضي السورية، وتولي تركيا السيطرة على هذه المنطقة، وإخراج تنظيم “YPG/ PKK” الإرهابي من المنطقة.
وكان مجلس الأمن القومي التركي، قد أكّد الثلاثاء، تصميم أنقرة على بذل كافة الجهود لإقامة “ممر سلام” في سوريا (في إشارة للمنطقة الآمنة). وفق وكالة الأناضول الرسمية.
الكاتب الصحفي التركي عبد الله سليمان أوغلو، قال إنه “بحسب التصريحات التركية الأخيرة، تبدو أنقرة عازمة على شن عمل عسكري، سواء كان بموافقة الولايات المتحدة التي ما زالت تتعنت، أو من دون ذلك”. وفق صحيفة “عربي21”:
وأضاف سليمان أوغلو “في كل مرة تقترب فيها تركيا من الإعلان عن بدء العملية العسكرية، تحاول الولايات المتحدة كبح هذه العملية وإيقافها، بإعطاء تصريحات إيجابية حول تركيا أو بوعود تتملص منها فيما بعد، بإنشاء منطقة آمنة أو ما شابه”.
لكن ووفق أوغلو، فإن التعزيزات العسكرية التركية التي ما زالت تصل تباعا للمناطق الحدودية، تشي بأن تركيا لن تلتفت إلى المواقف الأمريكية، حيث يبدو واضحا أن تركيا أدارت ظهرها للمحاذير الأمريكية، وهي تبدو عازمة على التوغل لتأسيس منطقة آمنة بعمق ما زال محط خلاف، أو لم يتفق عليه بشكل نهائي.
ويعني كل ذلك، بحسب أوغلو، أن الأيام القليلة القادمة قد تشهد توافقا على البدء بإقامة المنطقة الآمنة، أو الإعلان التركي المنفرد عن البدء بعمل عسكري.
إلى ذلك، لفت الكاتب والباحث بالشأن التركي، سعيد الحاج، إلى وجود مؤشرات كثيرة وقرائن عدة، تدلل على أن النبرة التركية بخصوص عملية عسكرية في مناطق شرق الفرات السورية مختلفة هذه المرة عن التهديدات السابقة، التي لم تتوقف تركيا عن التلويح بها، منذ إعلانها عن انتهاء عملية “غصن الزيتون” في العام الماضي.
وفي مقال نشره على موقع “TRTعربي”، أشار الحاج إلى ثلاثة أمور جديدة في الموقف التركي؛ الأول، التأكيد أكثر من مرة على استكمال الإعدادات للعملية العسكرية المفترضة على صعيد الخطط والقوات واللوجستيات وغيرها.
والثاني، ارتفاع وتيرة التصريحات الرسمية بخصوص العملية المفترضة بعد غيابها أو تراجعها لفترة، والثالث، إرسال تعزيزات كبيرة إلى الحدود مع سوريا على مدى الأيام/ الأسابيع القليلة الماضية دون ضجة إعلامية كبيرة، فضلا عن بعض الإجراءات الميدانية المتعلقة بالحدود مثل الجدار المقام عليها.
ومجيبا على ذلك، اعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة “ماردين التركية”، وسام الدين العكلة، أن من أهم الأسباب التي تستدعي التريث من الجانب التركي، المباحثات التركية- الأمريكية، حيث تحاول أنقرة المضي إلى نهاية الخط من خلال الجهود الدبلوماسية.
وتابع العكلة بأن “الواضح أن سير المحادثات، وتحديدا العسكري المتعلق بالمنطقة الآمنة، قد غرق تماما في التفاصيل (حجم المنطقة، القوة التي ستتولى إدارتها، مصير الوحدات الكردية، مصير الأسلحة الثقيلة)”.
ووفق العكلة، فإن كل تلك التفاصيل هي المسؤولة عن عدم التوصل إلى اتفاق للآن.
ومهما كان الحال، فإن هناك إصرارا تركيا على المضي في التحرك، لإنهاء وجود القوات التي تعتبرها تركيا إرهابية على حدودها، ما يعني بحسب العكلة، أن تركيا في نهاية المطاف ستشن عملية عسكرية في حال رأت أن الموافقة الأمريكية على إنشاء منطقة “آمنة، أو عازلة”، ستطول.
الخبير العسكري والاستراتيجي، العقيد عبد الأسعد، جازما بأن التحركات العسكرية التركية قادمة، معتبرا أن عدم تحرك تركيا يفسح المجال أمام تطبيق المخطط الدولي والإقليمي بإقامة كيان تديره الأحزاب الانفصالية، في شمال سوريا.
وذكر الأسعد أن “تركيا عازمة على إجهاض هذا المخطط، رغم الدعم الأمريكي الغربي للوحدات الكردية”.