شراب أرجيفيت الأصلي لزيادة طول الأطفال

العدالة والتنمية.. ماذا بقي وماذا تغير منذ التأسيس؟

العدالة والتنمية.. ماذا بقي وماذا تغير منذ التأسيس؟

ستايل تورك | أرخص أسعار للمنتجات التركية في العالم

احتفل حزب العدالة والتنمية التركي قبل أيام بذكرى تأسيسه الـ22، وقد كانت الاحتفالية فرصة لتقييم ما مضى من سنوات حكمه لتركيا والنظر للمستقبل، لا سيما الانتخابات المحلية المقبلة. بيد أنه من المهم النظر في مسيرة الحزب نفسه وما طرأ عليها وعليه من متغيرات منذ لحظة التأسيس وحتى اليوم.

ظاهرة سياسية

تأسس حزب العدالة والتنمية يوم 14 أغسطس/آب 2001، وفاز في أول انتخابات تشريعية يخوضها في نوفمبر/تشرين الثاني 2002، واستمر في حكم تركيا حتى اللحظة وفق النظام البرلماني السابق، ثم الرئاسي الذي بدأ تطبيقه عام 2018، وهو بهذا المعنى استثناء وظاهرة سياسية لم تشهدها الجمهورية التركية من قبل.

في كلمته خلال الفعالية، قال الرئيس التركي ورئيس الحزب رجب طيب أردوغان إن العدالة والتنمية “كان شمسا أشرقت على تركيا” عام 2001 بعد عهد من الظلام واليأس، وبات أملا للشعب التركي الذي خرج من صفوفه. وعدّد الرئيس التركي إنجازات الحزب في مختلف المجالات، وفي مقدمتها الانتصارات الانتخابية، فقد فاز الحزب في 17 مناسبة انتخابية متتالية، ما بين تشريعية ورئاسية ومحلية واستفتاء شعبي، من دون أن يخسر استحقاقا واحدا منها، رغم التذبذب في مستوى تأييده أحيانا والتراجع مؤخرا.

كما ذكّر أردوغان بالمحطات الصعبة والتحديات التي مر بها الحزب، خصوصا محاولات حظره وإسقاطه مثل الاحتجاجات على ترشيح عبد الله غل للرئاسة وإنذار المؤسسة العسكرية أو ما سمي بالانقلاب الإلكتروني عام 2007، وقضية حظر الحزب عام 2008، ومظاهرات “حديقة جزي”، ثم ما سمي بالانقلاب القضائي من جماعة كولن عام 2013، وصولا للانقلاب العسكري الدموي الفاشل عام 2016، وما بينها وبعدها من تحديات اقتصادية وغيرها.

وبتأكيده أهمية الفوز في الانتخابات الأخيرة، جدد أردوغان انتقاد المعارضة -لا سيما حزب الشعب الجمهوري- مؤكدا عزم حزبه على تأسيس “قرن تركيا” في مختلف المجالات، وعلى أهمية الانتخابات المحلية المقبلة بوصفها إحدى محطات هذا التأسيس.

اقرأ أيضًا:   “عينتاب” تعيد تفعيل تحديث بيانات السوريين

شكّل حزب العدالة والتنمية ظاهرة فريدة في الحياة السياسية التركية وترك عليها بصمته وصبغها بصبغته على مدى أكثر من عقدين من الزمن، ليس فقط لأنه فاز في الاستحقاقات الانتخابية التي خاضها -على أهميتها- ولكنه فعل ذلك أيضا بالإنجازات والإصلاحات والتغييرات التي أحدثها.

أعاد الحزب التوازن للحياة السياسية التركية وألغى أو خفف الكثير من المظالم، وتعامل مع العديد من الملفات الشائكة وفككها، وحطم نظم الوصاية التي كانت قائمة قبله على الحياة السياسية. فخلال مدد حكمه المتتالية، خصوصا على المدى المتوسط، ألغى الحزب حظر الحجاب في البلاد، وأعاد التوازن للعلاقات المدنية العسكرية، بعدما قلل من تدخل الجيش في الحياة السياسية وعمل الحكومة، وحقق خطوات مهمة في المسألة الكردية وخاض عملية تسوية مع حزب العمال الكردستاني لم تصل لنهايتها.

داخليا، نفذ الحزب عددا من الإصلاحات الدستورية والقانونية والسياسية، وعزز عوامل القوة الذاتية لتركيا، وفي مقدمتها القوة العسكرية، إذ تميزت الأخيرة خلال العقدين الأخيرين بنجاح بارز في مجال الصناعات الدفاعية ودخلت نادي الدول المصدرة للسلاح، خصوصا الطائرات من دون طيار التي أضحت علامة مسجلة لها.

وفي السياسة الخارجية، جعل الحزب تركيا دولة ذات مكانة في الإقليم والعالم، تلعب أدوارا مهمة وذات نفوذ ملموس في عدة قضايا ومناطق ونزاعات، من سوريا للعراق ومن قبرص لليبيا ومن شرق المتوسط للبحر الأسود ومن حرب جنوب القوقاز للحرب الروسية الأوكرانية. وقد سعت تركيا -تحت حكمه وبقيادة أردوغان- لسياسة خارجية مستقلة ومتوازنة قدر الإمكان وإن تعذر ذلك أحيانا.

متغيرات

مر حزب العدالة والتنمية عبر هذه المسيرة الطويلة بمحطات مختلفة وواجه تحديات متنوعة وأزمات عديدة، ورغم ذلك استمر في البقاء في سدة الحكم في البلاد، لا سيما في غياب معارضة حقيقية وقوية تنافسه. وعلى مدار 22 سنة من تأسيسه، مر الحزب بعدة متغيرات وتطورات وتحولات بدّلت الكثير بخصوصه بالمقارنة مع البدايات وسنواته الأولى. فبعض منتقدي الحزب يتندرون بأن مستوى التغييرات كبير جدا في الحزب لدرجة أن ما بقي منه اليوم اسمه من جهة ورئيسه أردوغان من جهة ثانية، لا سيما في ظل غياب أو تغييب عدد كبير جدا من الأسماء الكبيرة والقيادية والمؤسِّسة للحزب عن المشهد الحالي، ومن بينهم قيادات باتت خارجه وأسست أحزابا تعارضه.

اقرأ أيضًا:   تركيا.. هل حقًَا تراجعت شعبية حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان؟

فعلى مستوى الأفكار والرؤى، انتقل الحزب خلال هذه السنوات في عدة مراحل، إذ بدأ حزبا إصلاحيا خدماتيا هدفه الرئيس لتركيا إنقاذ الاقتصاد والانضمام للاتحاد الأوروبي، لينتقل عام 2011 إلى الحديث عن الأمة والجغرافيا العثمانية، مركزا على المنطقة ونظامها الإقليمي المستجد بعد الثورات العربية، ثم ليتحول إلى خطاب “الوطني والمحلي” بعد الانقلاب الفاشل عام 2016.

وعلى صعيد الخطاب والسياسات، تحول الحزب جزئيا من هويته بوصفه حزبا إصلاحيا وديمقراطيا محافظا ليقترب من حدود الأحزاب اليمينية القومية، متأثرا بتحالفه مع حزب الحركة القومية، وتنامي التيار القومي في البلاد عموما ورغبته في كسب أصواته، والأزمات الداخلية والخارجية التي تطرأ والتي تعرضت لها تركيا، وتعزز التيار القومي داخله هو كذلك.

يمتدح أنصار الحزب ما يرون أنه قدرة فائقة منه على التكيف مع الأوضاع المتغيرة داخل تركيا وخارجها، وهو ما ساعده على البقاء في الحكم طول هذه المدة، بينما يرى منتقدوه أنه يبالغ في البراغماتية لدرجة أنه يقوم بتغييرات جذرية وقفزات غير متوقعة في السياسة والاقتصاد والاجتماع والعلاقات الخارجية وغيرها من المجالات.

اقرأ أيضًا:   مرشح حزب العدالة لرئاسة بلدية إسطنبول كوروم: إيمام أوغلو يمكنه أن يأتي ويتدرب بجانبي

ولكن في كل الأحوال، يمكن القول إن العدالة والتنمية 2023 يختلف بشكل واضح وملحوظ ومن عدة زوايا عن العدالة والتنمية 2001. فقد بات الحزب خلال السنوات الأخيرة حزبا حاكما بالمعنى التقليدي، بما في ذلك تراجع أجندته الإصلاحية لصالح سياسات تثبيت الأمر الواقع، واقترابه كثيرا من تصورات الدولة التقليدية في عدد من الملفات، لا سيما ما يرتبط بالأمن القومي والقضية القبرصية والمسألة الكردية وغير ذلك.

أحد أهم المتغيرات الحاصلة لحزب العدالة والتنمية هي تراجع شعبيته وتأييد الشارع له في السنوات الأخيرة، فقد تراجع في انتخابات 2018 التشريعية بنسبة 7.5% من الأصوات عن انتخابات 2015، وكذلك بنسبة 7% في انتخابات 2023 عن انتخابات 2018. وهو تراجع لا شك أن من بين أهم أسبابه ما يعتري الأحزاب التي تمكث طويلا في الحكم من مشاكل كالترهل وتراجع وتيرة الإنجاز، ولكن أيضا لتحفظ شريحة من مؤيديه السابقين على بعض أفكاره وخطابه وسياساته وتحالفاته، بما في ذلك تراجع أدائه بخصوص شعار التأسيس وهو “محاربة الفقر والفساد والحظر”.

يستعد حزب العدالة والتنمية لمؤتمر عام استثنائي أكتوبر/تشرين الأول المقبل، الذي سيكون بدوره محطة إعدادية للانتخابات المحلية المقبلة في مارس/آذار 2024. لكن المستقبل على المدى المتوسط، سيكون على رأس جدول أعمال الحزب وقيادته في ما بعد الانتخابات، ذلك أنها المدة الرئاسية الأخيرة لأردوغان حتى عام 2028، مما يعني أن السؤال الذي سيكون الأكثر إلحاحا عليه هو من سيخلف أردوغان في رئاسة الحزب والمسيرة السياسية في البلاد، لكننا -في ظل ما سبق تفصيله- نعتقد أن التحدي الأكبر أصلا سيكون مصير الحزب ما بعد أردوغان، من حيث القوة والحضور وكذلك الوحدة والتماسك والاستمرارية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *