وكالة تركية تكشف كيف تقوم أمريكا بمنع “التحالف العربي” من كسر شوكة الحوثيين في اليمن
استنادًا إلى مصادر عسكرية وآراء مراقبين، أشار تقرير في وكالة الأناضول إلى وجود عرقلة دولية، خصوصًا من الولايات المتحدة الأمريكية، للمعارك الرئيسية التي من شأنها كسر شوكة الحوثيين في اليمن، إثر اختلال كبير في علاقة “التحالف العربي” بقيادة السعودية مع واشنطن.
وأعلنت القوات الحكومية اليمنية، في 19 يونيو/ حزيران الماضي، السيطرة على مطار مدينة الحديدة (غرب)، ما أطلق توقعات بسرعة استعادة بقية المدينة من جماعة “أنصار الله” (الحوثيين).
لكن الزخم الذي رافق عملية عسكرية كان متوقعا أن تسيطر على ميناء الحديدة الاستراتيجي خلال أيام، دخل في مرحلة بيات، إذ تصطدم العملية بـ”فيتو دولي”، ولاسيما أمريكي، منذ ثلاثين يوما، بدعوى عدم تضرر المدنيين.
وبحسب الأناضول، كان تحرير الميناء على البحر الأحمر هو الهدف الأبرز للعملية، المسنودة من التحالف العربي، لدحر الحوثيين من آخر المنافذ البحرية، وحرمانهم من أكبر مورد اقتصادي يغذي أنشطتهم العسكرية.
إلا أن المجتمع الدولي وقف حائط صد أمام تقدم قرابة عشرين ألف جندي، مسنودين بغطاء جوي واسع من مقاتلات وبارجات التحالف العربي، بقيادة السعودية المناهضة للحوثيين، المتهمين بتلقي دعم إيراني.
وتخشى الدول الكبرى والمنظمات الدولية من عواقب وصول المعارك إلى ميناء الحديدة وتوقف الإمدادات التي يستفيد منها أكثر من 70 بالمائة من السكان، ما يهدد بأزمة إنسانية مضاعفة،،ولذا حدث الضغط على التحالف لوقف عملية الحديدة.
وقام مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليمن، مارتن غريفيث، بتحركات لوقف العملية العسكرية، على أمل الحيلولة دون مزيد من الضرر للمدنيين وإمكانية إعادة كافة أطراف النزاع إلى طاولة المفاوضات.
وأعلن وزير الدولة الإماراتي، أنور قرقاش، الذي تتزعم بلاده معركة الساحل الغربي لليمن، وقفا مؤقتا لمعركة الحديدة، لإفساح المجال أمام جهود غريفيث لتوفير “انسحاب غير مشروط” للحوثيين من الحديدة.
ويخيم الغموض على مفاوضات المبعوث الأممي، مع تعنت الحوثيين في رفض أي شروط دولية بالانسحاب من الحديدة، التي يسيطرون عليها منذ أكتوبر/ تشرين أول 2014، ومطالبتهم بحل شامل للأزمة اليمنية.
الفيتو الدولي” أجبر القوات اليمنية والتحالف على التوقف عند نقطة مطار الحديدة. وبدلا من مواصلة المعركة الرئيسية صوب الميناء، دخلت القوات المشتركة والتحالف في معارك ثانوية لتأمين بلدات فرعية جنوبي مدينة الحديدة وتأمين خطوط ظهرها من الهجمات الحوثية المباغتة.
وخلال الأسابيع الأربعة الماضية، كانت السيطرة على مركز مدينة التحيتا هو الإنجاز العسكري الأبرز لـ”ألوية العمالقة” في الجيش اليمني، مع استمرار مناوشات داخل مزارع النخيل التي تشتهر بها مناطق الساحل الغربي.
ووفقا لمصادر عسكرية حكومية فإن القوات الحكومية تخطط لاقتحام مدينة زبيد التاريخية جنوبي الحديدة. لكن الحكومة تخشى أيضا من ردة فعل معارضة من المجتمع الدولي، كون زبيد تحتضن كتلة بشرية كبيرة والعشرات من المواقع التاريخية والأثرية، وخاصة مساجد ودور علم.
وتحاول القوات الحكومية والتحالف إمضاء الوقت المفترض للهدنة في مناوشات ومعارك كر وفر مع الحوثيين في المساحات الرملية الساحلية البعيدة عن التجمعات السكانية.
وتنتظر القوات الحكومية أن تتوصل الأمم المتحدة لأي نتائج مرضية لها، تجبر الحوثيين على الانسحاب سلميا من ميناء الحديدة وتسليمه إلى إشراف أممي.
وتتخوف مصادر حكومية من إحباط القوات المرابطة في سواحل الحديدة في طقس لاهب هذا الصيف، مع دخول المعارك شهرها الثاني من التجميد، رغم استمرار التحشيدات العسكرية وإنشاء معسكرات تدريب.
وقالت مصادر سياسية إن ما تبقى من الشهر الجاري سيكون نهاية المهلة التي قدمها التحالف للمبعوث الأممي، لإقناع الحوثيين بالانسحاب من الحديدة، وإلا فإن العمليات العسكرية ستعود صوب الميناء.
لم تكن معركة الحديدة هي الأولى التي تصطدم بـ”فيتو أمريكي” يجمدها إلى أجل غير مسمى. هي الأخرى تعيش معركة تحرير صنعاء تجميدا منذ أكثر من عامين، بعد وصول القوات الحكومية إلى مديرية نهم شرقي صنعاء، والأنباء عن القوات الحكومية يفصلها 50 كيلومترا فقط عن مطار صنعاء الدولي.
وطبقا لمصادر، قوبلت معركة اقتحام صنعاء برفض دولي، نظرا لاحتضان العاصمة الكتلة البشرية الأكبر من السكان والنازحين إليها من جميع المحافظات.
وأرجع مراقبون العرقلة الدولية، وخصوصا من الولايات المتحدة الأمريكية، للمعارك الرئيسية التي من شأنها كسر شوكة الحوثيين، إلى اختلال كبير في علاقة التحالف العربي مع واشنطن.
وقال الباحث والمحلل السياسي اليمني، نبيل الشرجبي، إنه رغم العمق والتنوع في علاقة دول التحالف مع واشنطن، إلا أنها لم تجد الصيغة الملائمة للتعامل مع القرارات الامريكية التى تكاد تكون عطلت أغلب الجبهات الرئيسية وتركت لدول التحالف القيام ببعض التحركات العسكرية في بعض الجبهات الفرعية.
وأضاف الشرجبي أن “معركة الحديدة ينطبق عليها ما ينطبق على باقي الجبهات (..) الشيء المستغرب له هو أن دول التحالف لم تقم بأي عمل أو تحرك قبل المعارك لتلافي مثل هذا الفيتو الأمريكي”.
وتوقع الباحث اليمني أن تعمل الولايات المتحدة على ابتزاز دول التحالف العربي قبل منحها الضوء الأخضر الكامل عسكريا لتحرير الحديدة.
وأردف أن “معركة الحديدة هي أفضل، بل ربما أخطر جبهة قد تتمكن واشنطن من لى ذراع أطراف دول التحالف من أجلها”.
ورأى الشرجبي أن “مالم يكن بمقدور واشنطن فعله في باقي الجبهات قد تتمكن من صنعه في جبهة الحديدة، لذا اتوقع أن تقدّم دول التحالف الكثير والكثير للولايات المتحدة”.
ويرى مراقبون أن الحسم العسكري لملف الحديدة هو الأنسب للحكومة اليمنية من أي تفاوض سياسي، باعتباره الأقل كلفة سياسيا واستراتيجيا من التفاوض على المدى البعيد.
وتتواصل الحرب في اليمن منذ أكثر من ثلاث سنوات بين القوات الحكومية والحوثيين، ما خلف أوضاعا معيشية وصحية متردية للغاية.
تركيا بالعربي | ترك برس | الأناضول