شراب أرجيفيت الأصلي لزيادة طول الأطفال

مشروع بوتفليقة لمنافسة مسجد الحسن الثاني بالمغرب.. جامع الجزائر الأعظم تكلفتُه 2 مليار دورلار، ويضم أكبر ثُريّا وأطول مئذنة في العالم

ستايل تورك | أرخص أسعار للمنتجات التركية في العالم

يرنُّ الهاتف بالمكتب الصيني لدراسات الأشغال عبر العالم، والمكلف متابعة وإنجاز جامع الجزائر الأعظم ، في اليوم أكثر من مائة مرة، وكلها مكالمات من وزارات، ومديريات تنفيذية، وكذا مقر الولاية.

الاتصالات تتمحور كلها حول معدل تقدُّم الأشغال، وتحديد مواعيد لزيارات رسمية لتفقُّد المشروع، وكذا نصائح وتوجيهات، وفي بعض الأحيان تهديدات للضغط والتعجيل لتسليم المشروع بشكل نهائي.

فؤاد بن آمقران، مهندس جزائري يشتغل بالمكتب الصيني للدراسات، يؤكد في حديثه لـ»عربي بوست»، أن «الفترة الممتدة بين 28 سبتمبر/أيلول 2018، و7 أكتوبر/تشرين الأول 2018، قد حطَّمت الرقم القياسي في عدد البرقيات الواردة».

فعدد البرقيات التي وصلت إلى المكتب في تلك الفترة بلغ، بحسب المتحدث، 85 برقية، أي بمعدل 8 برقيات في اليوم، وهو معدل لم يشهده المكتب، حسب المكلفين تسييره، حتى في متابعة أشغال كبيرة عبر العالم.

هذه البرقيات عبارة عن ضغوط على المكتب؛ للمتابعة الجيدة لأشغال جامع الجزائر الأعظم ، واحترام آجال تسليمه، المقرر مبدئياً في ديسمبر/كانون الأول 2018.

أما عن الجهات المعنيَّة بمراسلة المكتب، فتأتي وزارتا السكان والتجهيزات العمومية، وكذا وزارة الشؤون الدينية والأوقاف في المقدمة، وبعدها ولاية الجزائر ومديرية السكن بالمرتبة الثانية، إضافة إلى برقيات من وزارة الأشغال العمومية، ومديرية الشؤون الدينية والأوقاف بالولاية.

وكانت المراسلات والبرقيات، في وقت سابق، تصل للمكتب بمعدل 3 مراسلات في الأسبوع، وتخص دائماً جامع الجزائر الأعظم ونسبة تقدُّم الأشغال، والمشاكل والنقائص المسجلة، يضيف المهندس.

جامع الجزائر الأعظم سيكون ثالث مسجد في العالم / رويترز

إنزال وزاري، وبوتفليقة زاره مرة واحدة

يكاد لا يمر أسبوع على ورشة جامع الجزائر الأعظم ، إلا وتشهد إنزالاً وزارياً لتفقُّد مدى تقدُّم الأشغال، ومعاينة طريقة الإنجاز ومدى احترام المخطط العام لثالث أكبر مسجد في العالم، بعد المسجد الحرام والمسجد النبوي بالمملكة السعودية.

آخر هذه الزيارات كانت في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2018، من قِبل وزير السكن والعمران والمدينة عبد الوحيد طمار، ووزير النقل والأشغال العمومية عيد الغاني زعلان، إضافة إلى والي الولاية عبد القادر زوخ، وعدد كبير من المديرين التنفيذيين.

وألحَّ الوفد الرسمي على ضرورة احترام آجال تسليم المشروع، والتركيز على جودة الأشغال، مع خلق منافذ جديدة للوصول إلى الجامع انطلاقاً من الواجهة البحرية، أو من قلب العاصمة الجزائر.

«إلى جانب ذلك، يزور وزير الشؤون الدينية والأوقاف، محمد عيسى، ورشة الأشغال ومكتب الدراسات الصيني بمعدل 3 زيارات شهرياً، خاصة في الأشهر الثلاثة الأخيرة»، يقول المهندس فؤاد بن آمقران.

ورغم تعاقُب 3 رؤساء حكومة في الجزائر على مشروع إنجاز جامع الجزائر الكبير ؛ وهم: عبد المالك سلال، وعبد المجيد تبون، وأحمد أويحيى، الذين زاروا أكثر من مرة، مشروع الجامع- فإن صاحب الفكرة والراعي الأول لها، الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، لم تُتح له زيارة الصرح سوى مرة واحدة؛ نظراً إلى حالته الصحية، وهو الذي كان قد وضع حجر الأساس لبنائه في 2011.

50 مليون دولار قيمة المنافذ المؤدية إلى المسجد

كشف وزير النقل والأشغال العمومية، عبد الغاني زعلان، في الزيارة التي قادته إلى جامع الجزائر الأعظم ، أن الوزارة باشرت أشغال شقِّ 10 منافذ ومسالك نحو الجامع، انطلاقاً من الطريق المحاذي للواجهة البحرية أو من قلب العاصمة الجزائر.

اقرأ أيضًا:   ابنة صدام حسين توجه رسالة للمتظاهرين العراقيين

هذه المنافذ، بحسب الوزير، ضرورية جداً لتسيير التدفقات الكبيرة لأفواج المصلين والباحثين والسياح، بعد افتتاح المسجد؛ لأن الصرح ليس للصلاة فحسب؛ بل حتى للبحث والملتقيات وتحريك السياحة بقلب العاصمة.

وقال الوزير عبد الغاني زعلان إنه تم سيتم إنجاز 10 منافذ، إلى جانب 3 أنفاق تحت أرضية و3 جدران، بالإضافة إلى إنجاز حزام دائري حول المسجد، يساعد على وصول المصلين والزوار وغيرهم، سواء بالنسبة للمركبات أو المشاة.

أما عن الغلاف المالي الذي تم توجيهه لهذه الطرقات والمسالك، فقد بلغ 600 مليار سنتيم بالعملة المحلية (50 مليون دولار)، وهو مبلغ، بحسب الوزير، يعكس ضخامة المشروع والأهمية الكبيرة التي توليها الدولة لتسليمه واستغلاله.

وتركيب أكبر ثُريّا في العالم بـ4 ملايين دولار

يؤكد فؤاد بن آمقران، المهندس بمكتب الدراسة الصيني، لـ»عربي بوست»، أن المشرفين على إنارة وتزيين جامع الجزائر الأعظم ، قد أنهوا في 29 سبتمبر/أيلول 2018، عملية تركيب ثُريّا ضخمة تم توريدها من الخارج.

ولم يضف معلومات سوى أن «الثريا دائرية، يبلغ نصف قطرها 12 متراً، وتضم مخارج على شكل مثلثات، وباستطاعة مساحتها أن تغطي من 4 إلى 5 غرف عادية».

وكان نشطاء شبكات التواصل الاجتماعي قد نشروا صوراً للثريا، واعتبروها الأكبر في العالم، بعدما تم تحطيم الرقم القياسي للثريا، التي كانت الأولى عالمياً، بمسجد تازة في المغرب.

وأوردت صفحة المقاطعة ومواجهة الغلاء والاستغلاء، أن قيمة الثريا بلغت 7 مليارات سنتيم بالعملة المحلية (4 ملايين دولار).

وهو ما ذهبت إليه الصفحة الرسمية للموقع الإخباري المحلي في الجزائر «هنا ششار»، والتي قالت إن المسجد الأعظم في الجزائر يقوم بتركيب ثريا بقيمة 7 مليارات سنتيم (4 ملايين دولار).

 

وكان ناشطون قد بثوا مقطع فيديو على اليوتيوب، يبين الثريا وقبة جامع الجزائر الأعظم خلال الأشغال، التي لم تكن مكتملة.

تسليم أطول مئذنة في العالم

وتم منتصف شهر سبتمبر/أيلول 2018، التسليم النهائي لأطول مئذنة في العالم، وهي التي تزين جامع الجزائر الأعظم من الجهة اليمنى.

ويؤكد فؤاد بن آمقران أن طول المئذنة بعد الانتهاء من الأشغال بلغ 270 متراً، باحتساب الهرم المصغر المنصوب بالأعلى؛ ومن ثم تكون المئذنة هي الأكبر على الإطلاق عالمياً.

ويصف آمقران لـ»عربي بوست»، بقوله: «المئذنة ليست عادية، فهي تتسع لاحتواء حُجَر وأقسام يمكن استغلالها في التعليم، وهي بالمساحة نفسها من الأسفل إلى الأعلى، وتضم نوافذ وشرفات من الجهات الأربع».

وفي يوليو/تموز 2018، تم تنصيب الهلال بأعلى قبة المسجد، وهو مصنوع من النحاس، وتم تركيبه بتسخير تجهيزات ضخمة؛ نظراً لحجمه الكبير.

وانتشرت عبر «فيسبوك» عملية تنصيب الهلال، الذي يشبه إلى حد كبير، الهلال المنصوب فوق ساعة الحرم المكي ومئذنته.

 

«إسراف» مغضوب عليه

مشروع جامع الجزائر الأعظم ، الذي خُصِّص له غلاف مالي وصل بلغ 2 مليار دولار، يراه البعض من زاوية التبذير والإسراف، باعتبار أن للجزائر أولويات، تسبق هذا الجامع الكبير.

اقرأ أيضًا:   شعارات ضد فرنسا والإمارات في تظاهرات الجزائر (شاهد)

وقد قابل الجزائريون على شبكات التواصل الاجتماعي، أخبار المبالغ المالية المخصصة للجامع، والثريا، وكذا الهلال المنصوب فوق القبة، بحرب تعليقات ساخرة، في عز التقشف الذي يضرب الجزائر، واحتياجات الصحة والتعليم والبنى التحتية.

وتساءلت «نسائم الأمل»، رداً على خبر الكشف عن الثريا الضخمة بالمسجد الكبير، على صفحتها: «هل شبعت بطون الفقراء؟!»، ليردَّ آخر: «ما عندها حتى معنى (أي لا تملك أي معنى)».

 

أما «نور الهدى إياد»، فعلّقت قائلة: «مساجد كالقصور ومدارس كالقبور!»، ليضيف «ياسين دراجي»: «وشعب جيعان (جائع)».

أما صفحة «يوميات مواطن بسيط»، فانتقدت تنصيب هلال القبة بالمسجد الكبير بقيمة 2 مليار سنتيم (1.2 مليون دولار)، وأتبعتها بتعليقاتٍ كلها تنتقد توجيه هذه المبالغ المالية، والمرضى يعانون في ظل نقص المستشفيات.

بل للحفاظ على الهوية الإسلامية

المؤرخ محمد الأمين بلغيث سبق أن صرح لـ»عربي بوست»، بأن المشروع كان أمنية كل علماء المغرب الأوسط (الجزائر)، في بناء صرح ديني وحضاري، يشبه جامع القرويين في فاس المغربية، والزيتونة بتونس، والأزهر الشريف في مصر.

وبحسب «بلغيث»، فإن الجزائر الحديثة المستقلة بصدد تجسيد ما طمح إليه علماء البلاد كافة خلال العقود الماضية.

و جامع جامع الجزائر الأعظم شُيِّد «بمحاذاة مصبّ وادي الحراش الشهير في البحر، واختيرت له بطحة شاسعة بمدينة المحمدية، ولم يكن اختيار المكان اعتباطياً كما يبدو، ويكشف التعمق في تاريخ المنطقة عن وقائع تاريخية لها علاقة بحملات الحرب الصليبية على الجزائر وعلى معالم المسيحية التي غرستها فرنسا في أثناء احتلالها للبلاد».

والشاطئ البحري المقابل للجامع، يضيف بلغيث، «عرف واحدة من كبرى غزوات التاريخ، فهناك هلك أسطول شارلكان أو كارلوس الخامس، ملك إسبانيا، في معركة غزو صليبي سنة 1541، لا يضاهيها من حيث الحجم والقوة إلا حملة فرنسا على الجزائر سنة 1830».

وأضاف المتحدث أن «الشركة الألمانية المصمِّمة للمسجد وهياكله، جعلت دار القرآن فوق المساحة ذاتها التي بُنيت عليها أول مدرسة للآباء البيض بالجزائر والتي بُنيت في السنوات الأولى للاحتلال الفرنسي، ومولتها وزارة الأشغال العمومية الفرنسية».

وحتى علو المنارة وجعلها الأطول في العالم بـ265 متراً، ليس بمحض الصدفة، فهي تناطح أعلى مرتفع في العاصمة (هضبة بوزريعة بأزيد من 300 عن سطح البحر)؛ ومن ثم تتجاوز كنيسة السيدة الإفريقية، المشيَّدة على يد القسيس بافي سنة 1855 بأعالي العاصمة، وبالضبط في منطقة الزغارة.

ليس هذا فقط، فمدينة «المحمدية التي تحتضن الجامع الأعظم كانت تحمل اسم شارل لافيجري قائد جمعية المبشرين بالجزائر، المعروفة باسم الآباء البيض، وغيَّر اسمها بعد الاستقلال نسبة إلى الرسول».

المنارة الأطول في العالم بـ265 متراً / خاص

«لماذا يكذبون على الرئيس؟»

جمال شرفي، الخبير الدولي والعضو السابق في مجلس إدارة مشروع جامع الجزائر الأعظم ، يَعتبر الجامع الكبير ثالث أكبر مسجد بعد الحرمين الشريفين على مساحة 29 هكتاراً.

اقرأ أيضًا:   تلفزة عمومية بالمغرب تلغي برنامجا عن احتجاجات الجزائر

والمشروع، كما قال «شرفي» لـ»عربي بوست»، «يضم منشآت تحطم أرقاماً قياسية عالمية، منها أعلى منارة في العالم بارتفاع 265 متراً، وأعلى قبة في العالم (القبة المزدوجة)، بالإضافة إلى قاعة الصلاة ومركز البحوث والمكتبة العملاقة والمتاحف المرفقة، والساحة الخارجية التي تضم البحيرة الاصطناعية والحديقة الإسلامية وغيرها».

ويضيف «شرفي»: «ولأن المشروع كان تحت رعاية مباشرة من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، فإن هناك وزراء ومسؤولين كانوا يكذبون لإرضائه، «فالوزير الأول سابقاً، عبد المجيد تبون، انتهج سياسة الكذب على الرئيس، والتي وصلت لحد تقديمه نسب إنجاز وصلت إلى 95%، وهو الأمر الذي لم أتقبله، وقدمت استقالتي بسببه سنة 2016».

الوزير تبون حينها، بحسب «شرفي»، «جعل تسيير المسجد يتم فقط من طرف ديوانه؛ ومن ثم يتحكم هو في المعلومة ويقدمها للرئيس كما أراد؛ ولذلك استطاع تضخيم نسب التقدم إلى نسب خيالية لا تتطابق مع الواقع، وهو ما جعل الأرقام تصل إلى الصحافة بشكل غير صحيح والمشروع ما زال على الأرض!».

ومن الأكاذيب التي مورست على الرئيس، يضيف «شرفي»، «ما تعلق بسجادة قاعة الصلاة التي وصلت منذ 3 سنوات، وهي هدية من الحكومة الإيرانية، وصلت حسب نسب الأشغال التي كان يتم الإعلان عنها، حيث تم التكتم على الأمر وإخفاؤه على الرئيس، والسجادة التي تعتبر من أجود السجاد الفارسي مساحتها 2 هكتار وتقدَّر قيمتها بـ60 مليوناً، وُجدت داخل حاويات في مركز الوقف ببئر خادم، ولا يعلم حالها بعد توقُّف تكييف الحاويات التي جاءت فيها».

والسؤال الدائم: متى سيُسلَّم جامع الجزائر الأعظم ؟

ومنذ سنة 2015، والسلطات تتحدث عن قرب تسليم جامع الجزائر الأعظم ، بحسب الخبير جمال شرفي؛ وذلك بسبب الأرقام التي كانت تقدَّم للرئيس وديوانه والتي كانت تُضخَّم حينها.

في أبريل/نيسان 2018، يؤكد وزير الشون الدينية والأوقاف محمد عيسى، أن المسجد سيتم تسليمه بشكل نهائي مع نهاية 2018، أي خلال شهر ديسمبر/كانون الأول 2018.

وقال حينها إن «المسجد، الذي يتسع لـ120 ألف مُصلٍّ، يجب أن يؤطَّر جيداً؛ لذا نقوم بتكوين الطاقم الديني الذي سيتكفل مستقبلاً بتسيير هذا المسجد»، مشيراً إلى أن «التكوين سيكون وطنياً وبخبرة دولية، مع الحفاظ على المرجعية الوطنية».

وأضاف عيسى أن مدة التكوين «ستدوم 8 أشهر، لانتقاء الأكْفأ، وذلك حسب خطة عمل مضبوطة وآليات للتقويم عبر عدة محطات، تسهر عليها الوزارة بشكل مباشر».

لكن الخبير الدولي وعضو لجنة المشروع سابقاً جمال شرفي، يؤكد لـ»عربي بوست» أن «ورشة الأشغال حالياً توحي بأن المسجد لن يُسلَّم حتى عام 2020، دون احتساب الفترة التي سيتم فيها تجهيز هذا الصرح الكبير وتأطيره».

هذا في وقت يؤكد فيه المهندس بمكتب الدراسات الصيني فؤاد بن آمقران، لـ»عربي بوست»، أن «الأشغال بالمسجد فاقت نسبتها 92%، ولم يبقَ سوى التهيئة الخارجية، وبعض الرتوشات داخل قاعة الصلاة وأماكن الوضوء، ومراكز البحث والملتقيات».

وبث التلفزيون الرسمي للجزائر آخر صور المشروع، وقال التقرير إن الأشغال بقاعة الصلاة والفناء الخارجي قاربت الانتهاء.

المصدر: عربي بوست

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *