شراب أرجيفيت الأصلي لزيادة طول الأطفال

السلطان سليم الأول: سلطان الشرق العثماني الأول

ترك برس

ستايل تورك | أرخص أسعار للمنتجات التركية في العالم

تركيا بالعربي: الدولة العثمانية أو الإمبراطورية العثمانية هي أكبر دول الشرق الأوسط وأوروبا مساحة ً وأطولها عمرا ً إلى الأن، بلغت مساحتها نسبيا ً 18 مليون متر مربع، وطال عمرها إلى أن أصبح 625 عام بحلول عام 1924، حيث تأسست عام 1299 وانهارات وأُلغي حكمها بشكل كامل عام 1924.

تخللت فترة حكم الدولة العثمانية الطويلة اعتلاء 36 سلطان عثماني مختلف الصفات والخواص والشخصية، فمنهم من كان الشجاع ومنهم من كان الصاعق ومنهم من كان الشامخ الذي لا يستسلم ومنهم من كان الحكيم ومنهم من كان المُرعب لأوروبا ومنهم من كان الرقيق اللين ومنهم من كان طيب القلب ومنهم من كان ضعيف الشخصية خافت.

تعدد الشخصيات يفيد تعدد واختلاف الصفات، هذه القاعدة الاجتماعية تنطبق على جميع البشر، الأمر الذي جعل للسلاطين العثمانيين العديد من الصفات والسمات المختلفة، وهذا ماجعل سليم الأول أو يووز سليم يختلف بسماته وصفاته عن غيره من السلاطين والحكام العثمانيين.

وُلد يووز سليم، يووز كلمة تركية تعني المزاج الصعب، في 10 سبتمبر 1470، في مدينة أماسيا، التي كان والده بايازيد الثاني يُديره في ذلك الوقت، في بعض المصادر يُقال بأن أمه السيدة غول باهار خاتون بنت السيد العدُيلة بوزكورت وفي بعض المصادر الأخرى يُقال بأن أمه هي السيدة عائشة خاتون بنت السيدة العدُيلة بوزكورت.[1]

ترعرع ونمى في مدينة أماسيا، مدينة تنشئة الأمراء العثمانيين، وبعد تحصيله لعدة علوم دينية ودنوية تم تعيينه من قبل والده بايازيت الثاني كوالي على مدينة طرابزون وهو في سن الشباب اليفع حيث لم يبلغ الخامسة عشر بعد “تولى ولاية طرابزون عام 1481 وكان عمره في ذلك وقت 11 عاما ً، وكان هدف السلطان بايازيت من ذلك هو إكساب الأمراء الشباب من ابنائه خبرة إدارية وعسكرية بواكر العمر حتى يصبحوا على خبرة وتجربة عالية.

تولى السلطان سليم الأول ولاية طرابزون بعد وفاة جده السلطان محمد الفاتح واعتلاء والده بايزيد الثاني للعرش عام 1481، استمر حكم سليم الأول لحكمه في طرابزون إلى عام 1510، خلال هذه الفترة اعتنى بأعمال الدولة الإدارية والعسكرية وإلى جانب ذلك تابع دروس الإمام عبدالحليم أفندي، شيخ طرابوزن، بكل اهتمام وعناية.

السلطان سليم الأول

أيضا ً خلال فترة حكمه لطرابزون لاحظ سليم الأول ميل التركمان، الذين كانوا يشكلون العمود الفقري للدولة العثمانية، إلى الدولة الصفوية وحكامها بسبب سخطهم من سياسات الدولة اتجاهم، ولتفادي هذا الميل والخطر الجسيم، الذي كان يمكن أن يشكله على الدولة العثمانية، قام سليم الأول دون أخذ الإذن من والده بتحريك التركمان في حملة عسكرية مُهيبة انطلقت عام 1508 مُتجهتا ً نحو جورجيا ومنطقة شرق تركيا، استطاع سليم الأول خلال هذه الحملة، التي أُطلق عليها “كوتاييس” بفتح قارس وأرض روم وأرتوين وضمهم للدولة العثمانية، وعد الفتح لم يقم بإرسال الغنائم الجمة المستحصل عليها إلى بيت المال بل قام بتوزيعه على الجنود التركمان لكسب قلوبهم وإبقاء ميلهم مُتصل بالدولة العثمانية.

استفاض غضب والد سليم الأول بايازيد الثاني عليه لقيامه بهذه الحملة الارتجالية دون الرجوع لاستشارته، ولكن بعد ذهاب سليم الأول للقصر واستماحه لوالده وشرحه للهدف، أثنى والده عليه وشكره على هذه الخطوة التي خدمت تماسك الدولة العثمانية وجيشها بشكل كبير.

كان لسليم الأول العديد من الأخوة الذين وصل تعدادهم إلى سبعة أخوة؛ شاهان شاه، عالم شاه، أحمد، كوركود، سليم، محمد، محمود، شاهان شاه وعالم شاه ومحمد ومحمود وافاتهم المنية في حياة والدهم، أما سليم وأحمد وكوركود فبقي على قيد الحياة.

السلطان سليم الأول

كان سليم الأول قد وُلي على طرابزون أما كوركود وُلي على ساروهان وأحمد وُلي على مدينة أماسيا، وكان ابن سليم سليمان قد وُلي على كافا وابن أحمد وُلي على بولو، ماكان يفرق سليم الأول عن جميع الولاء والأمراء هو النجاح الباهر والنصر المؤزر الذي حققه بجيشه التركماني والدهاء الحكيم الذي ترجمه من خلال تقديم الغنائم للمجاهدين التركمان بدلا ً من تقديمها لبيت المال، هذان النجاح والذكاء لفتوا انتباه الانكشارية لسليم وإدارته.

ولكن على صعيد أخر كانت البيوقراطية العثمانية تدعم اعتلاء الأمير أحمد للعرش لاتسامه بالاتزان والحس الإداري المنتظم، وبما يخص كوركود فكانت إمكانية اعتلاءه للعرش ضعيفة وذلك لأنه كان عقيم لا ينجب ولا يملك من يرثه في الحكم.

في الفترة الأخيرة لحكم بايازيد الثاني، انزعج سليم الأول جدا ً من سوء إدارة والده للدولة وسؤونها إذ انتشر الفساد داخل مؤسسات الدولة وتوقفت الفتوحات العثمانية، كما كان والده قد شاخ وبدأت تظهر عليه سمات الشيخوخة والهرم الأرزلية، هذه العوامل دفعت السلطان سليم الأول يبدأ بالتفكير لاعتلاء العرش والإمساك بزمام الأمور لإعادة إصلاح الشؤون الإدارية للدولة العثمانية.

حسب الوثيقة الخاصة بالسلطان محمد الفاتح، التي استند في اصدارها إلى علماء عصره، يمكن للأخ الأقوى قتل أخوانه الأخرين من أجل الوصول إلى سدة الحكم ورأب الفتنة المتوقعة جراء الخلاف على العرش، استناداً لهذه الوثيقة بدأ سليم الأول يتتبع خطوات وتحركات أخوانه كوركود وأحمد.

السلطان سليم الأول

ولتحقيق هدفه عمل سليم الأول على تجهيز جنوده وجيشه وضم لجيشه جيش شبه جزيرة القرم التتارية وكما حصل على دعم ملحوظ من قوات الانكشارية، وبدأ بالاستعداد للحرب العرشية، ولكن لأنه كان بعيد عن إسطنبول لم يكن يأخذ أخبار القصر بشكل سريع ومنتظم، لهذا السبب بدأ يطلب بنقله إلى أحد الولايات القريبة لإسطنبول، وفي ضوء هذا الهدف طلب إعطاءه ولاية إديرنة أو أحد الولايات البلقانية القريبة على إسطنبول.

حاول أبيه تهدئته من خلال إعطاءه ولاية الكفة إلى جانب طرابزون، ولكنه رفض، فحاول أبيه إرسال ثلة من العلماء لإقناعه وجعله يحيد عن مطلبه، ولكن صد جميع العلماء ولم يقبل أيِ منهم، عندما رأي عدم وجود رد إيجابي يلبي مطلبه تحرك بجيشه تجاه البلقان، تم إرسال العلماء من الجديد لتهدئته ولكن ولم يصغي إليهم.

اقرأ أيضًا:   قيامة آل عثمان.. نشأتهم وقيام دولتهم

لم يكن عصيان سليم الأول هو الأول ضد والده، فقد قام أخيه الأمير كوركود بالتحرك من أنطاليا إلى مانيسا دون سابق إذن، عندما رأي أحمد عصيان إخوته طلب من والده السماح له بقتلهما ولكن الأخير رفض ذلك وبشدة. بعد ورود خبر تحرك سليم الأول إلى البلقان إلى إسطنبول، تم طرح فكرة صد سليم الأول بجيش عثماني ضخم يوقفه ويعترضه، عندما علم سليم الأول بذلك أيقن بأن هناك خطر مُحدق يحيط به وبجيشه وبخططه، فقام بحذو حذو أكثر ليونة واستقبل العلماء والسفراء المُرسلين من قبل والده وبين لهم بأنه ليس عاصي أو منقلب على والده وبأنه أتى من طرابزون إلى البلقان ليعرض احترامه وتبجيله لوالده ويقبل يده[2].

لم يقبل المعارضون لسليم الأول، داخل الكيان الإداري للدولة، بحجته وأرسلوا القائد حسن باشا لمحاربته وصده، ولكن حسن باشا عاد دون أن يحاربه، فقام والده السلطان بيازيد بركوب الخيل وأنطلق نحو مكان تواجده وجيشه، بعد انطلاق الجيش بقليل تعب السلطان العجوز بيازيد الثاني فنزل عن ظهر الخيل وركب عربة بحصان، بعد وصول بيازيد الثاني بجيشه إلى حيث سليم الأول، أمر سليم الأول بعدم التعرض لوالده وجيشه مهما كانت الأسباب.

السلطان سليم الأول

بعد وصول بيازيد الثاني ذهب سليم الأول إلى العربة التي يمتطيها وقبل يده وعرض عليه احترامه، تأثر بيازيد الثاني وحزن جدا ً عندما رأي قوة ابنه قد فاقت قوته، وبعد توسط بعض ولاة البلقان تم توقيع اتفافية بين سليم الأول ووالده بيازيد الثاني، وجاء في هذه المعاهدة التالي:

ـ ردا ً على الإشاعات المنتشرة بين أوساط الدولة العثمانية؛ على أن الأمير أحمد هو ولي العهد، يتم التوثيق والتأكيد، في هذه المعاهدة، على أن الأمير أحمد ليس ولي عهد كما يُشاع.

ـ يتعهد بيازيد الثاني بعد وضع أي ولي عهد يخلفه بعد موته.

ـ تُعطى ولاية سامانديرا، الواقعة في البلقان بالقرب من إسطنبول، لسليم الأول[3].

كانت هذه الاتفاقية بمثابة الرسالة القوية من سليم الأول لإخوته على أنه لن يسمح لأحد بتولي سدة الحكم العثمانية مادام حيا ً.

بعد توقيع المعاهدة طلب منه والده الخروج في حروب فتوحية تجاه المجر والصرب، خرج بجيشه ولكن لم يقم بما أمر به والده بل تماطل في الطريق ولم ينفذ ماأمر به والده، بعد عصيان سليم الأول الواضح الأول لوالده وبعد ترك أحمد والده ورجوعه إلى أماسيا وبعد وفاة الأمير والي كارامان شاهان شاه اشتد الحمل على السلطان العجوز بيازيد الثاني وقرر اعتزال الحكم.

قبل اعتزال الحكم اجتمع بيازيد الثاني برجال الدولة رفيعي المستوى، ورأي الجميع الصواب في ترقية السلطان أحمد للعرش، بعد إجماع رجال الدولة على تولي الأمير أحمد لمقاليد الحكم، وافق السلطان بيازيد على ذلك ورأي به الصواب وأمر بإرسال خبر للأمير أحمد ليحضر إلى القصر العالي[4].

بعد ترقية الأمير أحمد للعرش أمر السلطان بيازيد من ولاة البلقان مبايعة الأمير أحمد بصفته السلطان الجديد للدولة العثمانية، وافق ولاة البلقان على مبايعة أحمد إلا أن الانكشارية ترددت في ذلك وأخبرت السلطان بيازيد الثاني بأنها “لن تقبل أي شخص أخر كلسطان مادام نفسه حيا ً يرزق”[5].

بعد وصول هذه الأخبار المستجدة إلى السلطان سليم، أيقن بأن والده لم يقم بالإيفاء بالتزامه بالمعاهدة المُبرمة بينهما، فقام بتحريك الجيش، الذي كان يبلغ تعداده 40 ألف شخص” نحو ولاية “تشورلا” حيث جيش والده، وفي أغسطس 1511 حدثت معركة شديدة بين جيش سليم الأول وجيش والده وأنزل الأخيرة هزيمة شديدة بسليم الأول اضطرته إلى الإنسحاب من أرض المعركة عائدا ً إلى سماندرا.[6]

بعد هذه الهزيمة القاسية عاد سليم الأول إلى البحر الأسود وهرب إلى جزيرة “إينادة” للهروب من جيوش أبيه، بعد إيقاع الهزيمة به أرسل بيازيد الثاني رسالة على الفور لأحمد للقدوم للقصر.[7]

بعد اعتلاء الأمير أحمد إلى العرش، لم تعترف بعض جنود الانكشارية به، ولم تقتصر على عدم الاعتراف به بل قامت بقتل واغتيال المقربين له من رجال الدولة. كان هناك جزء كبير من الانكشارية غير معترف بسلطنة الأمير أحمد وكانت تطلب وبكل اصرار أن يصبح سليم الأول ولي العهد لوالده، بعد تلقي أحمد أخبار العصيان الانكشاري عاد إلى الأناضول خوفا ً من الاغتيال الانكشاري، بعد انسحاب أحمد من المواجهة رأى المعارضون لسلطنة سليم الأول أنه من الضروري

دعوة كوركود لتولي مقاليد الحكم كسلطان ووالي عهد لأبيه.

بعد قدوم كوركود لإسطنبول، أظهرت الانكشارية له الاحترام ولكن أخبرته بأنها لن تقبل سوى سليم الأول خلفا ً لوالده، وانتفضت الانكشارية مابين 6 مارس إلى 24 أبريل 1512 لتُعلن بأنها لن تقبل أي وريث للسلطان بيازيد سوى ابنه سليم الأول.

رأي بيازيد الثاني بأنه يتوجب عليه تسليم الحكم لسليم الأول لا محالة، فقام بدعوته لإسطنبول، وفي أبريل 1512 قام بتسليم الحكم لابنه سليم الأول ليصبح السلطان العثماني التاسع، جرت مراسم اعتلاء سليم الأول للعرش بتاريخ 23 مايو 1512.

السلطان سليم الأول

ـ مابعد تسلمه للسطلنة:

اتسم سليم الأول حتى قبل تسلمه للسطلة، بالحسم والعزم والمزاج الصعب، وهذه الصفات التي ميزته وحكمه الذي استمر من عام 1512 إلى عام 1520.

بعد اعتلاء سليم الأول للعرش لم يقبل أخوه أحمد، الذي كان ينتظر على فارغ من الصبر تولي مقاليد الحكم، حكمه، فأعلن بتاريخ 19 يونيو 1512 ضم قونيا لحكمه المنفصل عن إسطنبول وأرسل ابنه علاء الدين إلى بورصة وقتل الأخير والي بورصة وسيطر عليها وأمر بقرأة الخطبة باسم أبيه أحمد.

ردا ً على هذه التحركات قام سليم الأول، بتاريخ 29 يوليو 1512، بالاتجاه نحو بورصة وبعد وصوله لها طرد علاء الدين منها، وكما قام سليم الأول بإعدام الأطراف الداعمة لأخيه أحمد سرا ً مثل الصدر الأعظم كوجا مصطفى باشا وبعض رجال الدولة رفيعي المستوى، ووصل إلى قونيا وطرد أحمد منها قسرا ً.[8]

اقرأ أيضًا:   تعرف على السلطان العثماني "القاطع"

قبل أخ سليم الأول الأكبر كوركود بحكم أخيه سليم الأول كسلطان للدولة، ولكن لم يطمئن قلب سليم الأول تجاه أخيه بشكل كامل فقام بدعوة رجال الدولة رفيعي المستوى إلى إرسال رسائل تحريرية تجس نبضه حول إمكانية الإنقلاب على سليم الأول وتولي الحكم محله.[9]

رد كوركود على هذه الرسائل بالقبول، فأمر السلطان سليم الأول محاصر مانيسا، التي يحكمها كوركود، على الفور، وهرب كوركود منها ولكن تم إلقاء القبض عليه بالقرب من مدينة باليك أسير، وبتاريخ 9 مارس 1513 قتله سليم الأول ليحفظ الدولة العثمانية من الفتنة الدائرة حول العرش. [10]

وكما أمر سليم الأول رجال الدولة إرسال رسائل تحريرية لأخيه أحمد تُقنعه بأنهم سيقفون إلى جانبه إذا أتى إلى إسطنبول وحارب سليم الأول، أخذ أحمد بهذه الرسائل وانطلق نحو إسطنبول، وفور وصوله لبورصة بغاته سليم الأول بجيشه على حين غرة، وتم قتله من قبل سنان أغا، رجل سليم الأول المُكلف بتلك المهمة، وبذلك تمكن سليم الأول من تولي مقاليد الحكم بشكل خاص وبدون منافس.

ـ الحرب مع إيران:

بعد تولي السلطان سليم لسدة الحكم، كانت الدولة العثمانية تعاني العديد من المشاكل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والدينية، وكان السبب الرئيس لجُل هذه المشاكل التي تواجهها الدولة العثمانية هو الخطر الشيعي الصفوي الذي كانت تمثله الدولة الصفوية في إيران.[11]

كان الخطر الصفوي يتمثل في كونه مذهب أسسه إسماعيل شاه الذي يسعى من خلاله تحقيق أكبر انتشار جيوسياسي وتمدد جغرافي ممكنا، وكان يعتقد السلطان سليم الأول بأن إنهاء هذا الخطر سيكفل للدولة العثمانية متانة سيطرتها وسيادتها في منطقة شرق الأناضول، وكما كان يهدف توحيد الدولة الإسلامية تحت لواء واحد.[12]

السلطان سليم الأول

بعد تفكير جلي، أمر السلطان سليم الأول بالبدء في تجهيزات الحرب، وكما كان يعلم الشاه إسماعيل بأن السلطان سليم الأول لن يتركه وشأنه لذا كان هو أيضا ً على أهبة الاستعداد لمواجهة الهجوم المتوقع من قبل سليم الأول. بعد الانتهاء من التجهيزات انطلق سليم الأول وجيشه صوب إيران، عام 1514، ووضع ابنه سليمان “سليمان القانوني” مكانه ليكون نائبا ً له في غيابه[13].

طالت مسيرة الجيش نحو إيران، وأصاب الإرهاق الجيش قبل الاحتدام والتعارك، وازداد هذا الإرهاق والتعب بعد نفاد الامداد الغذائي الخاص بالجيش بشكل كبير، في هذه الحالة كان هناك الكثير من الجنود الذين بداؤوا بالتفكير بالانسحاب وعدم إكمال المسير.[14]

لاحظ سليم الأول تكاسل الجيش وعدم رغبته بالاستمرار، فصعد حصانه وخطب بجيشه خطابا ً تحفيزيا ً حماسيا ً، وأوضح بأنه لا ينوي الرجوع إلى إسطنبول بل عزم على الاستمرار وملاقة العدو الصفوي، وصل الجند العثماني إلى منطقة “تشالديران” الحدودية مابين الأناضول وإيران، بتاريخ 23 أغسطس 1514، وهناك التقى الطرفان وبدأت المعركة وسُميت بمعركة “تشالديران” نسبة إلى المنطقة التي تمت بها.[15]

انتهت المعركة بتحقيق الجيش العثماني نصر مؤزر، وأًصيب إسماعيل شاه، في هذه المعركة، إصابة بالغة وسقط عن حصانه، ولكن قيام أحد جنوده بإعطاءه حصانه شكل له فرصة الهرب والابتعاد عن أرض المعركة، استمر سليم الأول في المسير إلى أن وصل إلى تبريز، وأرسل جميع علماءها إلى إسطنبول، بعد تحقيق سليم الأول انتصار مؤزر على الشاه إسماعيل، فقد الأخير مكانته وقل عدد داعميه، وكما لم يبق أي خطر مُداهم للدولة العثمانية من الجهة الشرقية.[16]

كان السلطان سليم الأول على نية الاستمرار في التقدم نحو إيران والقضاء على الدولة الصفوية بشكل كامل، ولكن حلول البرد القارص ونفاد المواد الغذائية بشكل شبه كامل اضطروه إلى التراجع وإعادة التجهيز بشكل أقوى، بعد رجوع السلطان سليم الأول إلى الأناضول وصل إلى مدينة أماسيا واستقر بها، ومن هناك شرع في إعادة تجهيز جيشه وقوته.[17]

بينما السلطان سليم الأول مشغول بتجهيز نفسه، حرض صدر أعظمه السابق دوكاكين أحمد باشا الانكشارية للانقلاب عليه، في فبراير 1515، ولكن الحكمة العسكرية وسرعة الحركة اللاتي زخر بهما ابنه سليمان أنقذوه من هذه المؤامرة. أما السبب الرئيسي في انقلاب دوكاكين فهو عزل السلطان سليم الأول له من مقامه، إذ تعود السلطان سليم الأول تغيير وزرائه ومستشاريه كل برهة من الزمن لكي يقي نفسه من نفوذهم الذي كانوا يسعوا لإقامته.[18]

بعد اكتشاف سليم الأول لركاكة الأوضاع الداخلية، قرر إلغاء تجهيزاته للحرب على إيران، وعاد لإسطنبول لإعادة ترتيب الأمور الإدارية والسياسية داخل الجهاز المؤسسي للدولة، بعد إعادة ترتيب البيت الداخلي لأجهزة الدولة رأي السلطان سليم الأول أنه يجب عليه تأمين ظهره بشكل كامل قبل الانطلاق نحو إيران، لذا قرر القضاء على المماليك، في مصر والشام، وذلك لأن جميع المنقلبين عليه كانوا قد فرووا إلى بلاد المماليك فخشي من تخطيطهم للإنقضاض على إسطنبول في غيابه، فبدأ بالتجهيز لغزو الشام ومصر[19].

ـ الحرب مع المماليك:

بعد قبول المماليك لعدد كبير من رجال الدولة الفارين وبعد إجراء اتفاق باطني مع الصفويين وبعد ورود معلومات استخباراتية للسلطان سليم الأول تفيد بتحريك الممالك لجيوشهم إلى القرب من الحدود العثمانية استعدادا ً للهجوم على الدولة العثمانية بعد انطلاق سليم الأول صوب إيران.[20]

وجد السلطان سليم الأول أنه من الصواب تصفية الدولة المملوكية قبل الانطلاق نحو إيران، وبعد رفض المماليك مرور الجيش العثماني بقيادة خادم سنان باشا من سوريا، عام 1916، فاض غضب السلطان سليم الاول وأمر بتجهيز الجيش وبتاريخ 5 يونيو 1516 انطلق بجيشه الجرار نحو مصر، قبل الانطلاق نحو مصر أراد السلطان سليم الأول فتح الشام، التي كانت تُعتبر أحد ولايات مصر، ومن ثم الانطلاق نحو القاهر معقل المماليك.[21]

اقرأ أيضًا:   صورة من الموائد الرمضانية في العهد العثماني

خاض السلطان سليم الأول، في 24 أغسطس 1516، معركة مرج دابق بالقرب من حلب ومن خلالها استطاع فتح بلاد الشام وبعد اتمامه لفتح جميع ولايات الشام أكمل مسيره نحو مصر، خلال طريقه نحو مصر وصل إلى القدس، بتاريخ 30 ديسمبر 1516، وأعلن الحماية العثمانية عليه، وفي 2 يناير 1517 وصل إلى غزة ودخلها دون حرب.[22]

السلطان سليم الأول

وصل السلطان سليم الأول مشارف القاهرة وواجه الجيش المملوكي بقيادة طومان باي، في 22 يناير 1517، وانتصر على طومان باي وجيشه، وبعد وقوع طومان باي بالهزيمة فر وبعض جنده من أرض المعركة وفي 24 يناير 1517 دخل السلطان سليم القاهرة.[23]

دخل السلطان سليم القاهرة وسط مراسم استقبال شعبية ورسمية مُهيبة، وبعد وصوله للقاهرة تسلم الخلافة من الخليفة العباسي المتوكل على الله الثالث، بعض المصادر تُشير إلى أنه أخذها غصبا ً وبعضها تؤكد أنه تُوج بها من قبل المتوكل على الله الثالث عن سابق رغبة، وبذلك يُعد السلطان سليم الأول أول الخلفاء العثمانيين، وحمل سليم بعد هذا التاريخ لقب خادم الحرمين الشريفين كأول زعيم إسلامي يحمله .[24]

استمر طوماني باي في محاربة الجيش العثماني في إطار حرب فر وكر، ولكن في 13 أبريل 1517 تمكن الجيش العثماني منه وأُعدم بنفس اليوم على باب قلعة القاهرة، وبذلك تكون عتبة التاريخ الخاصة بالدولة المملوكية قد انتهت وبدأت عتبة التاريخ العثمانية التي بدأت بسيطرتها على منطقة الشرق الأوسط بعد هذا التاريخ.[25]

قبل انطلاق السلطان سليم الأول نحو بلاد الشام ومصر وبعد فرض حكمه عليهم أرسل الشاه إسماعيل العديد من الرسل والرسائل التي تحتوي مضمون عقد السلام مابين الدولة الصفوية والدولة العثمانية. رفض السلطان سليم الأول جميع عروض السلام التي عُرضت عليه من قبل الشاه إسماعيل قبل فتح بلاد الشام ومصر، وتروي الوثائق التاريخية بأن الشاه إسماعيل أصابه القلق خوفا ً من إمكانية إزدياد قوة السلطان سليم الأول بعد فتحه لبلاد الشام ومصر ورأى بأن الغنائم التي سيحصل عليها سليم الأول، ستمكنه لا محال من محو وجوده في إيران تماما ً.[26]

بعد استمرار إرسال الشاه إسماعيل للرسل والرسائل الداعية للسلام بين الدولتين، لاحظ السلطان سليم الأول الإرهاق الشديد الذي طال جنده نتيجة لحرب فتح الشام والمصر، التي امتدت لقرابة العام، لذا قرر قبول إقامة السلام مع الشاه إسماعيل، ولكن حتى يضمن غدر الشاه إسماعيل أمر بتقوية الحماية على الثغور الشرقية الواقعة بمحازة الدولة الصفوية.[27]

عاد السلطان يووز سليم إلى إسطنبول عام 1517، بعد قدومه لإسطنبول على الفور أمر بتجهيز الجيش للإنطلاق نحو الغرب وأوروبا، استغرق تجهيزه للجيش والعتاد ثلاث سنوات، وبعد تحقيق العدة والعتاد المطلوبين انطلق، بتاريخ 26 أغسطس 1520، نحو إديرنة.[28]

ولكن بسبب خروج بعض الرقاقات الحمراء في ظهره لم يستطع استكمال مسيرته نحو أوروبا، على الرغم من تلقيه علاج مستمر لمدة أربعين من قبل الطبيب الأعلى أحمد شلبي إلا أنه لم يتعافي من مُصابه وفي 21 سبتمتبر 1520 وفاته المنية منتقلا ً إلى مثواه الأخير.[29]

بعد وفاته نُقل جسده من إيديرنة إلى إسطنبول ودُفن بالقرب من جامع السلطان سليم، وتولى السلطنة من خلفة السلطان سليمان القانوني ابنه الوحيد. على الرغم من قصر المدة التي حكم بها سليم الأول إلا أنها كانت حافلة بالكثير من التغيرات والمفاصل التاريخية أهمها تحول الخلافة الإسلامية إلى الدولة العثمانية.

المراجع:

[1] حياة السلطان سليم الأول، موقع السلطان يووز سليم، تاريخ النشر 23 نوفمبر 2013، تاريخ الوصول 25 نوفمبر 2015

[2] من هو السلطان يووز سليم، موقع “من هو؟”، تاريخ الوصول 25 نوفمبر 201.

[3] مراد باردجي، المهمة الواقعة على عاتق التركمان، جريدة خبر ترك، تاريخ النشر 7 أكتوبر 2012، تاريخ الوصول 25 نوفمبر 2015.

[4] المصدر نفسه.

[5]خليل إبراهيم، تاريخ الدولة العثمانية، نقطة للنشر، إسطنبول، ط 27، الصفحة 380.

[6] ييلماز أوز تونا، السلطان يووز سلطان سليم، الصحفة 39.

[7] السلطان العثماني يووز سلطان، موقع بيوغرافي العظماء، تاريخ الوصول 26 نوفمبر.

[8] المصدر نفسه.

[9] حياة السلطان سليم، موقع أفق الأداب، تاريخ الوصول 26 نوفمبر 2015.

[10] سياسات السلطان يووز سليم، مجلة شيلاب الإلكترونية، تاريخ الوصول 26 نوفمبر.

[11] هامار فون، تاريخ الدولة العثمانية، الصفحة 26.

[12] أحمد شيمشيرغا، قيود التاريح العثماني، الصفحة 23.

[13] قصص عظيمة من حياة السلطان يووز سليم، موقع فوروم تري، تاريخ الوصول 26 نوفمبر 2015.

[14] المصدر نفسه

[15] جاويد قاسملي، حياة السلطان يووز سليم، مجلة سيزينتي، يونيو 2011، تاريخ الوصول 27 نوفمبر 2015.

[16] المصدر نفسه.

[17] سياسات السلطان يووز سليم، المصدر نفسه.

[18] حياة السلطان يووز سليم، موقع فووروم أليف، تاريخ النشر 22 مايو 2012، تاريخ الوصول 26 نوفمبر 2015.

[19] قصص مُقتبسة من حياة السلطان سليم الأول، نصيحة أورج، تاريخ النشر 6 يناير 2014، تاريخ الوصول 26 نوفمبر 2015.

[20] عهد السليم الأول ـ قصص الخلافة العثمانية، موقع قصة الإسلام، تاريخ النشر 16 مايو 2012، تاريخ الوصول 27 نوفمبر 2015.

[21] المصدر نفسه.

[22] قصة حياة السلطان سليم الأول، موقع نور الحرية، تاريخ الوصول 27 نوفمبر 2015.

[23] السلطان سليم الأول وفتح مصر، عبدالعزيز أبو عجاج، ساسة بوست، تاريخ النشر 13 أكتوبر 2015، تاريخ الوصول 27 نوفمبر 2015.

[24] المصدر نفسه.

[25] السلطان سليم الأول: مؤسس الدولة العثمانية في بلاد الشرق الأوسط، موقع أنفاس التاريخ، تاريخ الوصول 28 نوفمبر 2015.

[26] فترة حكم يووز سليم، موقع طريق التاريخ، تاريخ الوصول 28 نوفمبر 2015.

[27] المصدر نفسه.

[28] ذكريات السلاطين العثمانيين، موقع ون ديو، تاريخ النشر 4 سبتمبر 2014، تاريخ الوصول 28 نوفمبر 2015.

[29] المصدر نفسه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *